المولد وقطار الحزن/عباس ساجت الغزي
Mon, 13 Jan 2014 الساعة : 23:29

يبدو ان مشكلة السكك الحديدية الشبه معطلة في البلاد والقطار الواحد دون خيارات تركت اثرها في النفوس ليمتد ذاك الخوف من توقف القطار الى تسارع عجلة الحياة برتب واحد دون الالتفاتة الى المحطات الجميلة المتناثرة على امتداد التاريخ البشري .
لقد عشقنا الحزن فركبنا قطاره لنمضي نتجول قاطعين مسافات الالم بحيرة النفوس وعصر القلوب بل تجاوزنا كل ذلك لتعانق اروحنا السماء للبحث عن الخلاص من الحزن النديم , لنجد ان ملك الحزن قد ترك وظيفته وتنحى جانباً بعدما كان ينادي بين السموات بهيبته وخلقته العظيمة وهو بألف رأس وفي كل راس الف فم وفي كل فم الف لسان كل منها يتكلم بلغة لا تشبه الاخرى وهو ينادي ( عجبت لمن ايقن بالموت كيف يفرح ) وكل تلك الهيبة لم تشفع له ازاء الكم الهائل من الحزن ليصبح عاطل عن العمل ويترك تلك المهمة للعراقيين .
محطة جميلة بل عظيمة بذكراها وهي مولد سيد الكائنات ومنقذ البشرية ونبي الرحمة الانسانية الرسول الاكرم محمد بن عبد الله يفوتنا التجوال والتمتع في رحابها والنهل من بركات اوقاتها بشفاعة حبيب الله , وكل ذلك بسبب هواجس قطار الحزن والخوف من التوقف في هذه المحطة الجميلة فيفوتنا القطار مغادراً لنشتاق حنين لتلك المرافئ التي هي من رحمنا وأورثتنا تلك الاحزان.
ستائر القطار السود اصبحت معتادة للراكبين وطالما حجبت الرؤيا عن النوافذ , بل ان بعض ضعفاء النفوس من تجار المحن والابتلاءات اوجدوا فكرة تفصيل تلك الستائر كملابس للركاب او بيع ما يشابهها لأنها لا تبيد وصعوبة تحولها الى اللون الابيض مع اشعة الشمس المتسللة من الفتحات الصغيرة في النوافذ ومكانات التهوية وايضا لان العين اعتادت النظر لذاك اللون باعتباره الاجمل في قطار الحزن من تعابير .
وفي خضم النشوة في التسوق والشراء من تجار المحن همس احدهم بان هذا اللون ليس نهاية المطاف وان هنالك اقمشة متنوعة والوان اجمل في محطات كثيرة , ثم ان الاسود لا يناسب مناخنا دائما فالصيف عندنا حار وجاف واللون الاسود يكتسب الحرارة بسرعة ويفقدها ببطيء والاجواء عندنا مغبرة بسبب صحراء الانفس القاحلة للمفسدين التي امتدت لمسافات شاسعة لتسرق من ربوع اعمارنا الخضرة النظرة .
انقطع الهمس ولم يره الجميع من حينها فقد تكالب عليه القوم ممن تم خفض نسبة الشراء لهم بسبب ولاءاتهم المطلقة وتعصبهم الاعمى , فقد اعطى سائق القطار امراً برميه من النافذة بحجة انه دخيل على قطار الحزن ويعتقد بانه جاسوس ارسلته اجندات خارجية ليغير مسار القطار الى محطات اخرى .
صاحبنا لم يكن اخر من يهمس فهنالك الكثيرون يتجاذبون اطراف الحديث بنظراتهم خوفاً ان تُسمع اصواتهم فيرمون من النافذة , لكن القانون يتحكم بسير القطار اليوم وفرح الحاضرون حينما سمعوا رئيس الشرطة ينادي بانه قرر ايقاف القطار بمحطة مضيئة .
عباس ساجت الغزي