داعش تتساقط بخريف السعودية/حسين شلوشي
Sat, 11 Jan 2014 الساعة : 20:01

السعودية المحبطة من محيطها الخارجي الدولي والاقليمي، والمحبطة أيضاً من بنيتها الاجتماعية الداخلية التي بدأت تتطلع الى مكتشفات جديدة من مثل الحرية والديمقراطية والرأي الاخر وما إلى ذلك من مفردات المدنية والتحضر، هذه المملكة المحبطة تعرض نفسها اليوم بغلاً عنيداً رغم أنها وبحسب مناخها وارضها لم تستخدم البغل ولا تعرفه بل تعرف الجمل الذي يمثل واحداً من معاني الصبر والتحمل، إلا أنّ القدر الباقي المتيقن في هذه العائلة الدولة هي أنّها صحراوية ولا تحب المدن والامصار مذ كانت في "سلطة "، وهذا سياق تاريخي اجتماعي نفسي متّسق مع صراع الجهل والوعي لاينفك الاّ بانهاء اسباب الجهل. والمتيقن ايضا ان الجهل لا يراد له ان ينتهي لانه اكسير الحياة وسر البقاء للحكومات العربية عموماً والامارات الخليجية تحديداً .
تظهر هذه المملكة في الاشهر الثلاثة او الاربعة المنصرمة كأنها ثور جريح هائج يريد ان يقتل الجميع قبل ان ينتحر ويقتل نفسه في الجدران الصلدة حوله ( تركيا وايران وحتى قطر ) ومن فوقه اميركا، او يريد الدخول في غيبوبة وغرفة انعاش قبل موعد الانتخابات العراقية في فصل الربيع نيسان ۲۰۱٤ لان هذه الانتخابات عندما " تقام " فانها ستقام على اوراق داعش المتاسقطة وتقزيم أفراخ القاعدة الى أدناها وتفتت الاذرع السياسية السعودية التي بدأت بطارق الهاشمي ومن ثم احمد العلواني ولا تنتهي بعلاوي او جزئيات " شيعية " هنا وهناك باتت تستحي من ذكر اسم المملكة، حتى ان كانت الاموال السعودية في جيوبها وبطونها.
فالوصف الدقيق لما تقوم به السعودية وعلى لسان حالها بأنها تقوم بحرب استباقية أو ضربات استباقية تستعرض فيها عضلاتها " القوية " اولا، واستنزاف القدر الاكبر من الاجراميين الذين استخدمتهم لارهاب الناس في بلدان العالم قبل ان ينكفئوا الى الداخل السعودي ثانياً . ولكنها وقعت في فخ مزدوج وذلك أنها اعتمدت " أداة " واحدة في مناورتها السياسية ألا وهي " العنف القاعدي "، وهذه القاعدة اليوم أصبحت هدفاً حقيقياً لكل دول وشعوب العالم. وان التصاق آل سعود بالقاعدة يعني ذهابهما معاً لأنهم لا يستطيعون الوقوف بوجه العالم أجمع ، والاخر انها فكرت بهذه الممكنات القذرة الصغيرة الارهابية ان تحل محل اميركا في المنطقة ! والمناورة السياسية التي تقوم بها هي استرضاء اميركا من خلال دعم اسرائيل والاخيرة تضمن سكوت الاميركان على الجرائم السعودية في بلدان المنطقة ، متناسية ان لعبة الكبار للكبار وتجري بقواعدهم. فالقطب الاكبر الاقوى في العالم لا ينسى مصلحة الدب المتجمد بالثلج حتى لو كان نائما. واذا كانت السعودية قد فكرت استرضاء الروس بمالها الوافر فان هؤلاء يقبلون المال ويحبونه حباً جماً وهم بحاجة دائمة اليه ولكنهم لا يقايضون مصالح البلد الكبرى ومصالح الشعب وحقوقه بالمال، ويقدرون الجيوسياسة كثيرا طالما تحمل مصلحة عليا لبلدهم لانهم من الكبار ، وهذا ماحصل في سوريا ولم يحصل في غيرها من بلدان العرب كالعراق وليبيا وتونس والسعودية وسائر دول الخليج .
كان للسعودية فرصاً وربّما الآن بقي منها القليل، والقليل جداً وهو الاقتراب والتعايش والتفاعل الانساني مع دولة جمهورية العراق ودولة الجمهورية العربية السورية. وكان لديها أوراق فاعلة بالحياة وليس الموت في هذه البلدان المشبعة والمزكومة من رائحة الدم والموت. اقول القليل لان منهجية التفكير الصحراوي تجنح الى العنف والقسوة والعزة المفتعلة المرتكبة للاثام ، وتغرق نفسها بحسابات فدراليات العراق وتقسيمه وما يصيبها من هيمنة ونفوذ في هذا الجزء او ذلك من خلال الغطاء الطائفي. فالصحيح الادق ان اتمام هذا التقسيم او الفدراليات العراقية هو بداية النهائية لحكومة العائلة الحاكمة في السعودية وذات المهندس الذي يضع خرائط وحدود الفدراليات في العراق ، كان قد وضع خرائط الاراضي السعودية وسيباشر التنفيذ سوية . وان المنطقة برمتها ذاهبة نحو هذا الخيار وليس بحاجة لاستعجاله .
قد تبدو اوراق المشهد العربي العام متداخلة وضبابية او معتمة ، الا ان المصفاة التي تعمل وان كانت بطيئة ستفرز الغبار الملوث السام القاتل وليس اوله الا الفكر التكفيري ( الوهابي ) ، وليس ثانيه الا التشدد او التطرف بانواعه ، وليس من دين اسلامي في الارض الا الذي جاء به محمد صلى الله عليه واله ونحن في ذكرى ايام ولادته الميمونة .