الكونفيدرالية في مبادرة السيد عمار الحكيم/حسين الشويلي
Sat, 11 Jan 2014 الساعة : 18:53

الذي يطّلع على بنود المبادرة التي أطلقها السيد عمار الحكيم , وبين ماكان يدعو اليه , يجد تناقضاً واضحاً في ثوابت المجلس الأعلى .
ولايمكن أن يُفسّر بغير هذا الوصف .
لكن يبدو أنّ لكل موسم أنتخابي خطابه الذي يلائمه , أذ أبتعدنا عن البعد التأمري في فحوى المبادرة. الكل يشهد أنّ السيد عمار الحكيم كان يكثر في خطاباته مفردة , الوحدة الوطنية .
ويؤكد على الجانب الجغرافي من هذه الوحدة التي كان يدعو لها .
ووفق ماجاء من بنود في مبادرته التي بشّر بها , وقد نالت رضا وأستحسان . متحدون - والقائمة العراقية .
ونص المبادرة على مايلي ,
1- أقرار خاص بالأنبار بقيمة أربعة مليارات دولار ينفذ على مدى أربع سنوات .
2- رصد ميزانية خاصة لدعم العشائر التي تقاتل مسلحي تنظيم القاعدة لتقوية أمكانياتهم الذاتية - المادية والأجتماعية .
3- تعويض أبنائها من القتلى والجرحى .
4- أنشاء قوات دفاع مدني من عشائر الأنبار , مهمتها تأمين الحدود الدولية والطرق الأستراتيجية في المحافظة .
والآن نريد أن ننتج قراءة هادئة لهذه المبادرة الغريبة في بنودها وتوقيتها .
جعل ميزانية خاصة للأنبار منفصلة عن موازنة المحافظات , تستقطع من مبيعات النفط العراقي , هذه بمثابة ضريبة أو جزية يدفعها العراق للأنبار دون أن تقدم الأنبار أي مقابل للعراق , لأن في البنود المتبقية لاتشير الى أي واجب أو مقابل . وهذه الميزانية الخاصة للأنبار , مستوحاة و مستنسخة من _ التعويضات التي كان يدفعها العراق للكويت .
أنشاء جيش شريطة أن يكون منتسبيه من أبناء المحافظة . وهنا يقيّد السيد عمار الحكيم هذا الجيش بشروط أن يكون من أبناء المحافظة حصراً , ومن يقوم على تمويله وتسليحه العشائر التي ستتولى أدارة الأنبار . بالطريقة التي تراها مناسبة ومن أي منشأ كان . فيكون للعراق ثلاث جيوش - الجيش العراقي - قوات البيشمركه - جيش الأنبار .
وشملت هذه الفقرة على أستقلالية الجانب المادي والأجتماعي أيضاً , أي عزل الأنبار أجتماعياً عن العراق وهذا يقود ضمناً الى عزل الأنبار عن المركز وعن محيطه العراقي . ووفق هذا البند يكون للأنبار نظام مالي وعسكري وأجتماعي منفصل عن العراق . وهذه الثلاثية هي مقومات دولة مستقلة بذاتها .
أناطة مهمة حماية حدود العراق الغربية الى قوات من الأنبار حصراً . ولايحق للجيش العراقي التحكم بالحدود الغربية للعراق . وهذه الحدود تفصل العراق مع سوريا التي تعج بالحركات الأرهابية . ودول مضطربة أمنياً , أو من أكبر الدول تمويلاً للأرهاب في العراق وسائر المنطقة .
أعلان واضح الى كونفيدرالية للأنبار جاءت بصيغة المبادرة أطلقها السيد عمار الحكيم .
ولكي نحصل على نتيجة لمقدمتنا هذه .
لابد لنا من سؤال . لماذا أطلق السيد عمار الحكيم مبادرته في هذا التوقيت ؟ قد يقول قائل لوجود القتال في المنطقة الغربية . وجوابنا هل بنود المبادرة تتفق وطبيعة القتال بين الجيش وتنظيم داعش الأرهابي .
فالذي يدور في الأنبار الآن هو قتال بين قوات حكومه منتخبة ذات سيادة وبين تنظيمات أرهابية أقليمية , وأكدتها التقارير الأستخباراتية الدولية والصور التي التقطتها الأقمار الأصطناعية وطائرات التجسس وأعترافات تؤكد على أن داعش تمهد لأقامة أمارتهم الأسلامية كما يصفوها في الأنبار . وقد تمكنت فعلاً لبضع أيام باعلان أمارة الفلوجة .
فأن عملنا على جمع بين التقارير الأستخبارية من تواجد داعش بأعداد تُقدر ب6 آلاف مقاتل وأضعافهم من المتعاطفين , وبين مبادرة السيد عمار الحكيم .
بجعل ميزانية خاصة للأنبار وأنشاء جيش خاص بهم ,أناطة مهمة حماية الحدود الغربية لجيش الأنبار ! ومسئلة الأشراف على الحدود الغربية من قبل قوات من المحافظة حصراً , يضعنا بموقف صعب لأيجاد وصفاً دقيقاً يلائم هذا البند . لأن تنظيم داعش الأرهابي مختصر من ( الجيش الأسلامي في العراق والشام ) فهو تنظيم أقليمي يجمع بين العراق والشام . والحدود الغربية محاذية الى سوريا التي تعج بتلك الحركات الأرهابية .
وتنظيم بهذا الحجم والقدرة والتمويل أيكون منطقياً ترك تلك الحدود التي يتكاثر حولها تحت تحكم جيش يتكون من الأنبار حصراً ؟
والأن نعمل على ربط المبادرة بالجانب العسكري الذي تخوضه القوات العسكرية العراقية في الأنبار , وما علاقة أطلاق تلك البنود مع تحركات الجيش والطيران الحربي .
قد أقرّت الدول العالمية والأقليمية بتفوق الجيش العراقي وجهاز مكافحة الأرهاب على تنظيم داعش الأرهابي .
ورأينا سلاح الجو يدكدك معسكرات الأرهابيين وأرتالهم . وهنالك تفوّق واضح ويدعو على التفاؤل للجيش العراقي , وأنحسار يزداد تشدداً على -داعش - في الأنبار , وأن أستمرت هذه العمليات المركزة والمدروسة والمدججة بالسلاح النوعي وبالمعلومات الأستخبارية لبضع أسابيع من الآن لأنتهى أمر داعش من تلك المناطق .
فجاءت تلك المبادرة لتوقف العمليات العسكرية المنتصرة على الأرهاب , والتي جاءت بطلب من شرفاء مشايخ الأنبار ومن محافظ الأنبار .
أنها تدعو الى وقف سيطرة الجيش وترك الأرض والحدود - لداعش - بل وتزويدهم ب4 مليارات دولار وتجهيزهم بأسلحة وحكم مستقل عن بغداد !
من جانب آخر وتزامناً مع تفوّق الجيش في الأنبار على عصابات - داعش - أطلق القائد الزبيدي قائد عمليات دجلة قبل بضعة أيام الى تهيئة قواته لقيامهم بعمليات عسكرية في ديالى وسلسلة جبال حمرين للقضاء على العصابات الأرهابية التي تفجّر وتقتل في جنوب ووسط العراق . وناشدت الدكتورة حنان الفتلاوي على ضرورة قيام عملية عسكرية في مناطق شمال بابل على غرار التي في الأنبار لمطاردة -داعش - ومن يقف لجانبها .
ومعنى هذا أن الأرهاب قد تمّ القضاء على 60% من قدراته وفق ماصرّح به السيد محمد العسكري حتى الأمس والعملية مازالت جارية بمعدل 400 طلعة جوية في اليوم لملاحقة - داعش .
خرج علينا السيد عمار الحكيم مبشّراً بمبادرته التي هي , دعوة واضحة الى أقامة كونفيدرالية في المنطقة الغربية . في هذا التوقيت وفي خضم الأنتصارات !
وشيء أخير أوقف القارئ عنده - وهو البند الثالث الذي يدعو الى تعويض قتلى وجرحى الأنباريين ! اليس هذا يحمل ضمناً أتهاماً للجيش بأنه من قتل وجرح ؟ لأن من يطلب منه أن يعوض لابد أن يكون معتدياً . فهل كان الجيش العراقي أو الحكومة معتدياً كي تقوم على تعويض القتلى والجرحى . ؟
وقد سقط شهداء من الجيش والشرطة والقوات الأمنية الأخرى في معركة تحرير الأنبار من داعش - هل يستحقوا تعويضاً . وقد دارت معارك من قبلُ في البصرة والنجف الأشرف فلماذا لايطالب بتعويض من قتل وجرح في تلك المناطق ؟
( لم يكن الذئب ذئباً , لو لم تكن الخرافُ خرافُ ) .