تؤخر الموازنة .. من الدولة ام البرلمان/طاهر مسلم البكاء

Mon, 6 Jan 2014 الساعة : 1:39

لايختلف اثنان على اهمية اقرار الموازنة العامة المبكر ،حيث اصبح حتى المواطن العادي شاء ام ابى يفكر بموضوع اقرارها عندما يرى ان كل الأنشطة الأقتصادية للبلد تخبو وتموت لفترات بدأت تطول سنة بعد اخرى وقد بدأت تستغرق في السنوات الأخيرة اكثر من ستة اشهر كاملة تموت فيها البلاد وسط مناقشات ومساومات واتهامات متبادلة بين الحكومة والبرلمان والكتل المختلفة حول المسؤولية عن التأخير .
ومع ان كل شئ في العراق اصبح غريبا ً ،غير ان أمر الموازنة واقرارها اصبح من اغرب الأمور واعقدها في العراق ،البلد الذي هو اليوم احوج ما يكون الى الوقت والقدرات من اجل البناء كونه تعرض الى اكبر عمليات التخريب والتدمير .
واذا نظرنا الى العالم من حولنا فاننا لانجد مثل هذا الحال ابدا ً فالموازنة تقر بوقت مبكر وقبل حلول العام الجديد وان تأخرت في بعض البلاد فانها لبضع ايام لا أكثر،وهذا متأتي من فهم الآخرين لأهميتها وتعلقهابالنشاطات الأخرى للبلاد .
ونعتقد ان هذا العام سيكون اسوء الأعوام السابقة استقراءا ً مبني على العديد من الحقائق الواضحة :
فالحقيقة الأولى : ورغم ان وزير التخطيط على شكري قد أعلن منذ شهر تشرين اول الماضي أنهاء مسودة الموازنة الأتحادية للعام 2014 وانها سوف تبلغ 174 مليار دولار امريكي وبين ان المسودة رفعت الى مجلس الوزراء للموافقة عليها ،ولكننا الأن دخلنا في العام 2014 ولم تصل الموازنة الى البرلمان .
اما الحقيقة الثانية : فأن الموازنة عندما يتيسر لها الوصول الى البرلمان ،ولانعرف متى ، فستجد برلمانا ً مفككا ً وهناك كتل منسحبة وبضمنها رئيس البرلمان وكتلتة، وهناك برلمانيون مستقيلون وهناك كتل غير راضية عن اداء الحكومة وتضمر عدم التعاون معها وسيكون اقرار الموازنة الملعب الملائم لذلك .
الحقيقة الثالثة : ان شعب العراق هو المتضرر الرئيس من كل هذه المهازل ،التي اغلبها مهزلة و تمثيل للضحك على الذقون حيث اختلطت الدعاية الأنتخابية والمصلحة العامة فضاعت الحقيقة ،واصبح الشعب حائرا ً ماذا يصنع ، قيل الديمقراطية فهل حقا ً هذه هي الديمقراطية أم اننا نسئ اليها بممارسات فوضوية لاعلاقة لها بالديمقراطية ؟
والحقيقة الرابعة : فالمناقشات لا تتم وفق نظام يجبر المتحاورين على سرعة الأنجاز ،فهذا يريد حصة الأسد وذلك يتهم الأخرين بالتجاوز،ويختلف المشرعون على اوجه الصرف التي تستحقها المناطق العراقية المختلفة ، كما ان كل الأمور تتم على التقدير والأحصاء على اساس عينات عشوائية أو على نظام البطاقة التموينية ،مما يؤشر غياب المعطيات والمؤشرات الدقيقة ذات الصلة بتقييم الأداءالأقتصادي وغياب البيانات الموثوقة بشأن المتغيرات الأقتصادية الكلية مثل معدلات نمو الناتج ،حجم السكان،معدل البطالة ،معدل التضخم ، التوزيع السكاني حسب المحافظات ، إذ لم يتم إحصاء عام رسمي خلال العشرة سنوات الماضية.
ان هذه الأشهر التي نسميها اشهر مناقشة الموازنة الأتحادية يختنق ويموت فيها العراق أقتصاديا ً سواء على صعيد القطاع العام أو على صعيد القطاع الخاص كون القطاع الخاص لدينا لايزال ناشئ يعتمد أعتمادا ً كليا ً على القطاع العام ، وبالتالي فأن أغلب برامجه ومشاريعه الكبرى سوف تنتظر أيضا ً انتهاء مناقشات الموازنة .
ولا يلوح في الأفق ان هناك بوادر معالجة على المدى العاجل لهذه المشكلة التي يعيش فيها البلد سباتا ً طويلا ً في حال انه أحوج ما يكون الى الوقت في البناء والعمران كونه قد تعرض للخراب وكونه بحاجة للـّحاق بركب الدنيا الذي يسير سراعا ً متقدما ً في كل الأمور الحياتية .

Share |