أين رحلت روعة الدراما السورية؟/دلال محمود
Sun, 5 Jan 2014 الساعة : 20:43

مقالي اليوم يتعلق بمقالي السابق وهو روعة الدراما السورية , حيث اجريت مقارنة بين الدراما قبل الأحداث الأخيرة والمؤلمة في سوريا الحبيبة ومابعد الأحداث.
فوجدت وللأسف الشديد أن هناك بَيْنٌ شاسع مابين المرحلتين حيث كانت الدراما تعالج قضايا متنوعة منها الأجتماعية ومنها التأريخية وفي كلا الأمرين كانت الأعمال التلفزيونية تُعرضُ على المشاهد بطريقة رصينة وتربوية بحيث يشعر من يتابع مسلسلاً معيناً,أنه قد تعلم وخبر شيئاً مهما ومفيداً في حياته اليومية. .
كنا نفخر في داخل نفوسنا ونحن نشاهد الأعمال التلفزيونية السورية ,لأنه كانت حقاً هناك دراما رائعة تظهر الأحداث بطريقة واقعية ودون تزويق وفي الوقت نفسه تعالج القضايا والمشاكل بطريقة بديعة .
من المؤكد ان هناك تخطيط دُبَّر في دهاليز الظلام كي يُقضى على آخر نكهة من نكهات حاضرنا الذي كان يطرز لنا تأريخنا بصوره الزاهية.
فجمال دمشق ,وطبائع أهل الشام , وطريقة معيشة أهل حلب وغِيرةُ أهل حمص , وطيبة أهل الحجيرة, وريف دمشق, كانت تشد المشاهد وتجعله يتخايل اهلها كما عرفناهم عليه من طيبة وكرم وشهامة.
تمرُّ اليوم الدراما السورية في مأزق خطير ,فالمسلسلات الآن نستطيع ان نقول عنها وبحزن عميق انها تقرب من الهاوية فهي مسلسلات مبتذلة من ناحية طرحها للمواضيع التي تكاد تكون بعيدة عن واقعنا العربي .
خلال متابعتي لأحداث مسلسل ( صرخة روح) والذي استهواني عنوانه , بحيث تخايلت أنه عمل تلفزيوني رائع, للأسف لقد خيَّب آمالي .
هو مسلسل يتناول قصص عوائل وشخصيات , وفي كل خمسة حلقات يتناول المسلسل موضوعاً مترابطاً في احداثه وشخصياته , وفي كل مرة يكون الموضوع المعروض هو الخيانة , وياليت المؤلف قد طرح الخيانة من طرف واحد ,كلاَّ فهو يجعلك تكره الحياة وتكره الخلق وجميع من حولك, ففي حلقة واحدة تصطدم بخيانة الزوج لزوجته والتي لاتترك لك مجالاً كي تتعاطف معها فهي كذلك ترعبك بخيانتها لزوجها ,ويستمر مسلسل الخيانات ليمر بخيانة الصديقة لصديقتها وخيانة الصديق لصديقه , في الوقت الذي يظهرون فيه لللآخرين بأحسن أنواع العلاقات الأجتماعية المتعارف عليها لكنهم في حقيقة أمرهم هم عبارة عن مجموعة من أفراد مبتذلين ورخيصين ولايحملون أية مشاعر أو قيم انسانية.
ياليت الموضوع ينحصر على هذا النوع من الخيانات, كلا فلقد ,تعداه في إحدى حلقاته الى الى خيانة الأم لأبنتها الوحيدة , حيث نفاجأ بأنها قد كونت علاقة غير سوية مع زوج إبنتها فياللبشاعة.
قد يقول لي قائل, مالضير في هذا الأمر فهو قد يعالج حالات أّخِذَت من الواقع, وهي حالات ربما نادرة الحدوث لكنها حصلت, نعم فليس هناك امر مستحيل ولكن ماهو الهدف من طرحها؟
فالمخرج لم يقدم حلاً لتلافيها, فهو قد طرحها وكأنها أمر شائع, حتى ليشعر المشاهد وكأن الخيانة باتت عرفاً من الأعراف الأجتماعية لدرجة ترتعب من جميع الذين هم حولك.
ياتُرى مالذي تصبو اليه تلك الأعمال التلفزيونية الرديئة وأية رسالة تلك التي تحملها في طياتها للجيل الجديد؟
هل ينبهون الفتاة من أرقى كائن في الوجود الا وهي الأم ؟
هل يريدون لنا أن نعلن القطيعة مع بعضنا البعض ؟
أي زمن هذا الي نحياه؟
في غابة نحن أم وسط بشر مرضت عقولهم وقلوبهم؟
انا لم اقصد الاساءة للممثلين الذين أدوا الأدوار فمع احترامي لدورهم لكنه كان الأجدر بهم الا يقعوا في الفخ ويمثلوا أدواراً اقل مايقال عنها انها سيئة للغاية.
أخصُّ بالذكر الفنان المبدع بسام كوسة الذي طالما أتحف ذائقتنا الفنية بأدوار اكثر من رائعة , وجدناه في مسلسل صرخة روح قد أطفأ شمعة أملنا بالدراما السورية التي كنا نقول عنها انها روعة.
حين تطرح مثل تلك الحالات في مجتمعنا , وعن طريق التلفزيون الذي يتابعه جمهور واسع, بالتأكيد سيكون مردوده سلبي للغاية , حيث يبررون حالة الخيانة بحجج واهية وغير مقنعة, رغم اننا جميعاً نعلم أن الخيانة لامبرر لها أبداً سوى ان صاحبها غادر وخائن.