جدائل رنا جعفر ياسين/عكاب سالم الطاهر
Fri, 3 Jan 2014 الساعة : 0:46

حين كنتُ أقدِّمُها الى جمهور (المنتدى الثقافي العراقي) في العاصمة السورية دمشق في ذلك اليوم من شهر نيسان/2009 كنتُ أستعيد جانباً من علاقة ربطتني بوالدها . وهكذا قمتُ برحلة لزيارة الماضي غير البعيد .
كان ذلك عام 1970 ، وقتها كان البعض ، من الشباب خاصةً ، عندما يحلقون شعر رأسهم ، يتركون شعراً يغطي الصدغين ، يسمونه (زِلِفْ) . ويومها أدخل (متصرف بغداد) نفسَه في هذه القضية التي لا تعنيه .
فهو يرى – ولا ندي مدى صحة هذا الرأي – أن إبقاء (الزِلِفْ) عادةً يهودية . ولأن (المتصرف) يريد أن (يَثْأرَ لاغتصاب فلسطين) ! ، لذلك وجه شرطة المحافظة لاعتقال (الطابور اليهودي) من أصحاب (الزِلُوْف)، وحلاقة رأسهم (نمره صفر) وبالاكراه !! .
وتمتْ إعتقالات كثيرة ، وحُلِقَتْ رؤوس عديدة ، ومن الذين أطبقتْ عليهم شرطة (الوالي) ، كان الكاتب والسياسي جعفر ياسين .
ولأنه مشاكس ومتحدي على الدوام ، توجه جعفر ياسين نحو الصحافة ، وبالذات جريدة (التآخي) ، حيثُ نشرتْ له صورتين : واحدة قبل الحِلاقة الاجبارية ، والثانية بعدها . مع شكوى مؤثرة كتبها ، وكانت تحت عنوان : إن كان في حلاقة شعر رأسي خلاص للأمة ، فهاكم رأسي فداء للأمة .
وإنتشر الخبر مع الادانة الواسعة لتصرفات المحافظ .
جعفر ياسين ، ذلك الأديب والسياسي المشاكس ، هو والد الاعلامية والشاعرة والتشكيلية التي كنت أقدمها في أحد أمسيات (المنتدى الثقافي
(1-3)
العراقي) بدمشق . ولا أستبعد أن (جينات) التحدي والمشاكسة قد إنتقلت اليها من والدها .
***
ولدت رنا جعفر ياسين في بغداد عام 1980 ، درست الهندسة المعمارية في جامعة بغداد ، ولم تستطيع اكمال دراستها . تعرضت للخطف عام 2006 ، عملت معدة ومقدمة برامج في قناة الشرقية الفضائية للفترة (2007 – 2009) ، كما عملتْ في قناة البغدادية الفضائية 2007 . شاركتْ في العديد من المهرجانات والأمسيات الثقافية داخل وخارج العراق . نشر لها العديد من المقالات والدراسات والنصوص في العديد من الصحف والمجلات والمواقع الثقافية الالكترونية ، مثل : جريدة الزمان ، الغد الاردنية ، القبس الكويتية ، الشرق الأوسط السعودية .
بوضوح : رنا جعفر ياسين متعددة المواهب ، متنوعة العطاء ، فهي – إضافة لما تقدم – فنانة تشكيلية ، لها العديد من المعارض والمشاركات داخل العراق وخارجه ، استخدمتْ أعمالها التشكيلية كأغلفة لعدد من الكتب والمؤلفات . حصلتْ على جائزة الشارقة للابداع العربي في المسرح ، عن مسرحية (إبادة مستعارة) عام 2009 ، وحصلت على جائزة نازك الملائكة في الشعر عن قصيدة (الحرب تنهض من موتها) عام 2008 ، حصلتْ على قِلادة العنقاء الذهبية في مهرجان العنقاء الذهبية الدولي عام 2008 .
صدر لها العديد . وفي مقدمة ذلك : (طفولة تبكي على حجر) مجموعة شعرية عام 2006 . (دار المحروسة) – القاهرة 2007 ، (مسامير في الذاكرة) مجموعة شعرية ، (مقصلة بلون جدائلي) مجموعة شعرية 2008 . (المدهون بما لانعرف) 2008 ، وقد أهدتني نسخة منه عند انتهاء الأمسية .
بيدر عطاء وابداع رنا الياسين كبير ومتخم ، لذلك إختصرتُ وتجاوزتُ الكثير ..
(2-3)
وفي لقائها مع جمهور المنتدى الثقافي العراقي ، ومعظمه من العراقيين تحدثتْ رنا عن المرأة بأحاسيس وخيال الرجل ، وعن الرجل بأحاسيس وخيال المرأة . كانت جريئة جداً بحيث مَسَّتْ بالكلمة الساخنة الفوّارة أموراً مجتمعية حساسة ، أمام تعجُّب ، وربما ذهول الحاضرين !! .
بعد الأمسية حاورتُها ، وأهديتُها نسخة من آخر مؤلفاتي ، وافترقنا على أمل بلقاء آخر . وفي 4/5/2009 ، وعبر الايميل ، وردتني منها رسالة جوابية ، وكنتُ مازلتُ بدمشق ، أنتقي من هذه الرسالة ما يلي : (العم العزيز .. تحية طيبة . شكراً على رسالتك . وأعتذر عن تأخري في الكتابة لكَ بسبب سفري المباشر إلى القاهرة ، ومنها مباشرة إلى الشارقة . شكراً على الأمسية الجميلة ، فقد كنتُ سعيدة بها .. ) .
رنا جعفر ياسين بلبل عراقي شبابي مغرد . في بلده العراق لم ينصتوا لتغريده ، بل أرادوا ذبحه بسكين التخلف والابتزاز والهمجية . طار من قبضتهم . وما أن إجتاز اسوار الوطن العراقي ، حتى غرَّد ، وان كان شجياً .
والسؤال : إلى متى يصمت معظم المبدعين العراقيين داخل الوطن ، ويبدعون خارجه ؟