متحدون مع داعش/داود الحسيني

Thu, 2 Jan 2014 الساعة : 23:18

لقد رأيتُ الفئران قد أخرجت رؤوسها وألسنتها  و إذ خرجت الثعالب الماكرة  ، فعلى الفراشات أن تحتضر وعلى العنادب أن تبلع ألحانها ... وجدت صوت الإرهاب والبندقية علا على زقزقات العصافير ومناغاة الأطفال وهم يلعبون في حقول فارقها الحزن.. وشواهد القبور ملأت هضاب المحبّة .. منذ زمن وذلك الشعور يتشظى في داخلي أشبه بقنبلة موقوتة .. ويعصف بلهفتي في رؤية العراق وقد اندملت جراحاته فدفعته بحب العراقيين الشرفاء ووفائهم  لوطنهم الجميل .. لكنني اليوم أرى البعثيين والإرهابيين ينبعون في دوائر الدولة العراقية الجديدة وفي إعلامها ومفاصل حياتها .. ووصل الى برلمانها يا للهول !! يا قوم إن  داعش والقاعدة والتكفيريين يعبدون شيطانا مصاصا للدماء وليس ربا رحيما ... والمشكلة أن كتلا  في برلماننا  تساندهم وتؤمن بما يؤمنون وتنسحب من أجلهم .. وقد أثمر تخريبهم ونجح إرهابهم في قتل الأمل  العراقي الذي تمنينا تحقيقه .. وذبح العمر الذي حلمنا أن نعيشه .. لا أستطيع أن أكتم  خوفي فقد عيل صبري وأكلت المواجع رأس قلبي  .. الكتابة عندي طقس من البوح لا أحابي  فيها قريبا أو صديقا .. الحق هو الحق ..   فأنا لا اقدر أن أجامل في أي قضية  تخص بلدي مما سبب لي الكثير من العداوات التي كان من الممكن تجنبها لو أحسنت دبلوماسية البعض التي لا أراها إلا نفاقا .. خاصة حينما يتعلق الأمر بشعبي وما يراد به من أذى ..                                                                                  

برلماننا الكسيح هو الذي هزم الأحرار في العراق .. هزمنا حين لم يقر أغلب القوانين التي تخدم المواطن الفقير ومنها قانون البنى التحتية وقانون التقاعد وحجتهم أن لا يُحسب نصرا لجهة معينة .. هزمنا حين تجاهل خطر ساحات الاعتصام التي كانت تأوي القتلة والطائفيين وتقطع الطريق السريع  ، لا بل حماها وحماهم ..  نحن لسنا ضد العمل الديمقراطي والفوز من خلال صناديق الإقتراع والإنتخابات الحرة ولكننا ضد من يعتدي على مؤسسات الدولة العراقية وبنوك واموال الشعب المظلوم  وقتل الناس في الشوارع دون خوف من عقوبات السماء حيث لا قانون وضعي ولا ضمير يحجز هؤلاء عن  ارتكاب الجرائم  بلا  رعاية لحرمة بشر .. هزمنا حين أتاح للبعثيين ووعاظ السلاطين بالتفاوض مع ذابحي الإبرياء ولم يحاسبهم ... هزمنا يوم سمح لوسائل الإعلام المغرضة والفضائيات الحاقدة على شعب العراق بالعمل على الساحة العراقية دون رقيب او حسيب.. البرلمانيون الذين انسحبوا اليوم لأن الجيش العراقي  انتفض أخيرا ضد داعش والقاعدة لا يستحقون ان يعودوا للبرلمان ولن يقدروا أن يمثلونا.

  هل إن صدام على قسوته وظلمه كان صمام الأمان من الحروب الطائفية والغوغائية ؟! كما يحاول البعض الإيحاء بذلك.. لم أكن أصدق إن شعباً كشعب العراق تعرض لما تعرض من عذابات وقتل وتشريد ..لا يريد الحرية ، يصنع الطواغيت والدكتاتوريين ويعبد الصور ..شعب لا يحب أن يعيش إلا تحت السياط ونير العبودية ... أعذروني أيها السادة وأنا أنعى العراق .. هذه هي الحقيقة  .                                                                                  

الأغلبية صامتة وخائفة مذعورة لا تعرف ماذا تتصرف والأقلية ذئاب مسعورة متعطشة للدم .. تقتل وتستبيح من غير وازع من دين  أو منتقد .. فكيف تتوقف والمجال أمامها  يفتح ذراعيه  والبرلمان الذي هو صمام الامان للجميع يساندها.. الآن فهمت الأمام الحسن ع وكيف أنه عرف أن الناس في زمنه  لا يصلحهم الحُب والسلام  ولا يقودهم غير قاتل محترف مثل معاوية .. ففضل أن يكون خارج الزمان والمكان لأنه فعلا من خارج زمانهم ومكانهم .. كم نادينا حتى بحت أصواتنا فلم يسمعنا أحد. البرلمان العراقي بناء  من الكارتون هزت أعضاءه  بعض المشاكل فتساقطوا مثل أوراق الخريف ... لم يظهروا قدرا من الشجاعة والصبر ..   

 ولم يقدموا للعراقيين شيئا .                                                         حين أشاهد قنوات الجزيرة والعربية والشرقية البعثية الجديدة .. أصاب بالدوار وأشعر بأن أعداء العراق قد انتصروا وأهل العشق والحرية قد هزموا .. هذه القنوات المخادعة الكسيحة تجعلك تشعر بأن العراق وصل الى وضع حرج ومؤلم .. وكأنه كان في زمن صدام جنة الفردوس .. غالبية أهله يرفضون التصريح بمواقفهم خوفاً وطمعا  فذلوا واخذت براكين الشر تثور .. وسيقع البلد رهينة بيد البعثيين والإرهابيين مرة أخرى                                                                                        

أيها السادة .. اشعر بأن  القحط يغزو مباهج الحياة واسراب الجراد الأسود يهاجم حقول المحبة ويأكل كل شيئ يانع وجميل في العراق .. وأن هناك ما يحاك  بليل للعراق وأهله  ... حسبي  أن أصرخ بكم  نادباً  ، انفخ بوق الهزيمة و أنذر منها .. أيها  الناس أن وراء تصريح النجيفي! وانسحابه من وثيقة الشرف خطابا لداعش بأنه معهم  كونوا على يقين بأن الآمر أصبح واضحا ..لكن  لم يفت أوان العمل بعد .. على العراقيين الشرفاء في الحكومة وخارجها أن يسابقوا الريح بالفعل الجاد الذي لا يمكن تأجيله. وإلا فليقولوا للعراق الفيدرالي الحر الديقراطي  وداعا.

 

داود الحسيني

Share |