شقوق مخروطية... معوجة/عبد الجبار الحمدي
Tue, 31 Dec 2013 الساعة : 11:59

مرت سنين طويلة، لم تقتبس عيناه نور الشمس، ضاعفت جدران سجنه ضيق تنفسه حتى امسى لا يفرق بين شهيق أو زفير، عذابات تصرخ على جسده بكاء ليل طويل وأنين موت، باتت كل ساعاته عداً بأنتظاره في أي لحظة، لم يكن هناك ما يخفف عنه سوى تشققات مخروطية على سطح جدرانه يتلمسها بمخالبه التي نمت ليوم أقتلاعها في وقت استجواب، حلم ان مخالبه اللحمية معاولا تقتل جدارا سميكا لساعة هروب، لكنها جلاميد صخور لم ترحم برائته من ظلم سجانيه, بدرت له فكرة هدمها بدموع جفت منذ وقت طويلفي حدقات عينيه، لم يعد يبكي، لم يمتلك القدرة على ذرفها لحظة تعذيب، لقد ماتت، بل انتحرت كرامةً لرجولته حينما اغتيلت بكارته على ايدي مغتصيبيه حتى شبعوا زندقة وفساد، فكانوا يمارسون اغتصابه بأشكال مخروطية اهانت إنسانيته التي منحها الله له، استصرخ كثيرا، قَبًل أحذية وبساطيل عن كف اغتصابه، لقد أعترف بكل ما يريدون!! لم يعد يملك أي شيء، جُرِد من حق الوجود بين البشر كرجلا في مجتمع الرجال، أحالوه الى مومسا في ظلام ليل، يبيع لمن يدفع اكثر بدراهم معدودات، بات هاجس الموت لديه امنية، حاول قتل لنفسه لإنهاء معاناة تسليتهم في اغتصابه بتلك المخروطيات لكن لا سبيل، وذات يوم قام بعد قتل الألم أعصاب رجليه التي فقدت القدرة على أحتمال تسلق جسده عليها ليكتب عبارة تغيض سجانيه، علهم يقتلونه، فحفر بأظافره سحقا للمغتصبين .. سحقا للجبناء ثم أخذ يطرق باب زنزانته صارخا اين انتم أيها الجبناء؟؟ اين انتم يا قتلة الانسانية؟؟ دوى صوت مع صداه في ردهة طويلة يزحف فيها الموت بين باب وباب، ينتظر انفاسا للبيع، ليشتريها بأبخس ثمن من سوق العبيد في وقت تشرق الشمس على كراسي تلتهم المفردات حرية وعدل، جاء السجان مرتديا وجه أحد زبانية جنهم في دنيا السجون الارضية، باصقا في وجه من صرخ مع ضربة اخرست صدى ذلك الصوت، لم يلحظ الكتابة على الجدار، ألهته ركلات كان يوجهها الى جسد متهريء لم يحاول يصدها، كان كل همه ان يحرك يده ليشير الى ما كتب على الحائط، انتبه سجانه! ليد تمتد مع اصبع يوميء الى المكان، قرأ ما كان مكتوبا، إستشاط غضبا زاد من ركله غير مبالي، أما هو فكان يتلقها مستجديا الموت الذي وقف على الباب لدفع الثمن ولمن يبيع بخلاص من عذاب، فجأة توقف عن ضربه، هرع خارجا مناديا على سجان أخر أمرا إياه بإحضار ادوات التعذيب المخروطية لأغتصاب جديد، عمد هو الى الحائط بعد ان أدرك ان رجولته ستهان، تغتصب بتلك المخروطيات القذرة المبتدعة في زمن الحرية، محاولا النهوض والوقوف متوسلا الى قدميه ان تعينه على ذلك كبرياءً لأنسانيته حتى يتسنى له بيع حياته من أجل الخلاص، دخلوا عليه زبانيه جهنم أمتشق لسانه حساما يشهره في وجوههم صارخا فيهم... حقراء.. يا تجار الموت يا زنادقة ... يا قوادين العروش، لن يتم لكم اغتصاب جسدي لقد عزمت على مقاتلتكم ... هيا تقدموا رافعا يديه بوجوههم بمخالبه اللحمية، نظروا اليه بعد أن علت على أفواههم ضحكات شاربي الخمور من دماء الابرياء، تقدموا نحوه بعصا غليظة وبضربة قوية أسالت من جبهته دماء تجمدت بمجرد ملامسة سطح وجهه، مد يده ممسكا برقبة أحدهم مطبقا على أنفاسه العفنه وما ان رأه السجان الآخر حتى قام بتهشيم وجهه ضربا بعصاه، لم يعد يشعر بألم مات فيه، أستغرب السجان!! لقد ركب على صدر رفيقه، لم يترك له مجالا للدفاع او حتى لحراك، تطلع نحو الباب عارضا بضاعة السجان الى الموت ليشتريها، لم تكن تساوي شيئا، انها قاذورة في نفايات التاريخ، حسنا محدثا الموت... إذن اشتري مني نفسي، ولكن بلا مقابل... سارت اللحظات باردة، انها مساومة، لكن لن يشتري الموت دون ان يدفع الثمن كان السجان الاخر مستمرا بالضرب حتى خارت قواه، فأخذ الاشياء المخروطية ليكسرها على رأس وجسد بائع الموت، همس من جديد قل قبلت المساومة... هيا فقد باتت يدي وهنة، ليكن ثمن شرائك نفسي موت قاذورة النفايات هذا، محرقا جثته النتنة مع الزناة في اسفل سقر، خيم صمت من حراك، رأى روحه تنساق وراء مشتري الموت بطابور طويل يخرج من دهاليز مظلمة بوجوه تعلوها إبتسامة وراحة من عذاب زنادقة الطواغيت ....
بقلم/ عبد الجبار الحمدي