الحقائق بين الامكان والوقوع/عصام الطائي

Sat, 28 Dec 2013 الساعة : 22:36

الحقائق بين الامكان والوقوع هناك جملة من الامور النظر اليها من حيث الامكان ولا يمكن تحققها بالخارج الا بدليل وهناك امور يمكن اثباتها من حيث وقوعها في الخارج ففي قصة نبي سليمان ع باعتبار اخبار الله سبحانه وتعالى بانه سخر له يمكن الجن والملائكة وعلمه منطق الطير فمثل هكذا قضية اكيدا قد تحققت نتيجة ايماننا بصدق الله تعالى واخباره عن أي قضية من القضايا التي اخبر عنها الله تعالى ولكن هل يمكننا تصديق كل قضية نقلت عبر الروايات ما لم يتثبت صدق سندها ودلالتها الواضحة ؟ علما ان كثير من الاخبار نقلت عن ائمة اهل البيت عليهم السلام كانت تؤكد على محاربة الغلاة وان المفوضة يجعلون التفويض الى قسم من عباده وهم المعصومين وهذا التفويض يخالف القران التي تستند الامور دائما لله تعالى.
وان الذي يعتقد بالتفويض فهو مغالي في حق الائمة ومن ملامح الغلو وجود بعض الخطب كخطبتي البيان والافتخارية ويمكنا القول ان اكثر الخطب من مشارق الانوار لرجب البرسي قد حكم العلماء بغلوه وفي الخطبة الافتخارية رفع رجب البرسي الامكان واثبات الربوبية للمخلوق واستلزام التفويض الذي رفضه العلماء واما بالنسبة الى متن الخطبة الافتخارية فهو فيه كثير من الاشكاليات وقد صرح السيد مصطفى حيدر الكاظمي ( اننا لم نعثر على سند صحيح لهذه الخطبة المساماة بالبيان ولم يثبتها احد المحدثين كالشيخ الطوسي والكليني ونظائرهم).
ويدعي كاظم الرشتي في كتبه ان الخلق والرزق والاحياء والاماته وعالم الغيب وتدبير العالم والصفات المختصة بالله فقط ينسبها للائمة كما جاء في خطبة البيان حيث يقول ( انا منشأ الملكوت انا الباري المصور في الارحام ) ويقول هاشم معروف الحسني ( لعل من ابرز المشاكل التي واجهت مدرسة اهل البيت عليهم السلام مشكلة اولئك المدعين بين اصحابه بقصد التشويه والتخريب فوضعوا عشرات الالاف من الاحاديث التي رواها الثقات عنه ونسبوا اليه بعض الاراء التي لا تتفق مع اصول الاسلام ومبادئه وبالتالي اظهروا الغلو فيهم وجعلوهم فوق البشر واعطوهم صفات الاله.
ويحاول البعض ان يستدل الحقائق الغيبية على طريق الحقائق العلمية فيستدل على بعض الحقائق الغيبية كنقل عرش بلقيس من قبل اصف ابن بلخيا وفق رؤية علمية معينة الا انه لا يمكننا اسقاط القضايا العلمية على الحقائق الغيبية لان من الخصائص الغيبية كارادة الله فانها تتحقق بمجرد ارادته وهكذا بالنسبة الى انتقال جبرائيل واي ملك من الملائكة وتغيير صورهم فهي تتحقق بمجرد الارادة حتى ان الانسان المؤمن في الاخرة تتحقق له الاشياء بمجرد ارادته.
ويمكننا القول ان عظمة اهل البيت شيء والوقائع كما هي في الخارج شيء اخر يقول الشيخ المفيد ( ليس من شرط الانبياء ان يحيط بكل العلوم وان يقفوا على كل باطن وكل ظاهر وقد كان نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم من افضل النبيين واعلم المرسلين لم يكن يحيط بعلم النجوم ولا متعرضا له و يتــاتى قول الشعر وكان اميا بنص القران ولم يروى عنه انه يسأل على الشيء الضائع ولما اراد المدينة استأجر دليل عنه على مشي الطريق وكان يسأل عن الاخبار ويخفى عليه منها ما لم ياتي به اليه من الوحي وقد علق محسن الامين على قول الشيخ المفيد ( وان الامام لا يعلم جميع ما يكون الا في الاحكام فهو الحق الذي لا شبه به اذ لا يوجد دليل من عقل او نقل وانما الدليل على عدم جواز جهل النبي او الامام من الاحكام عند حاجة العباد اليه ولا يجب ان يعلم الاحكام كلها الا الحاجة اليه ) .
لذلك يمكننا اختصار الفكرة بسهولة فيمكن لله تعالى ان يجعل من ان ينبثق الكون من أي نور من الانوار التي خلق الكون والموجودات بتلك الانوار كنور النبي وعلي وفاطمة عليهم السلام ومن هذه الانوار انبثقت كل الانوار الاخرى من ضمنها نور الملائكة وهذا ممكن ولكن ان يدعي البعض بان عليا بيده الخلق والتكوين فهذا لا يمكن التصديق به وهنلك فرق اسلامية تدعي الالوهية لعلي وهي فرق باطنية لا يمكن التصديق بما تقوله لانه يخالف صريحا عقيدة التوحيد ومن المعلوم ان اصف ابن بلخيا قد منحه الله بعض علم الكتاب لذلك كان نقله لعرش بلقيس بغاية السرعة كما اخبر القران الكريم بذلك وان اهل البيت قد منحهم الله تعالى علم الكتاب وهذا اكثر مما منحه لاصف بن بلخيا وان الله تعالى يمنح أي نبي بقدر ما تحتاج اليه الرسالة سواءا في عالم التشريع او التكوين فقد منح الله سليمان ع كثير من القدرات التكوينية لحاجة الرسالة لذلك ومنح الله تعالى يوسف تأويل الاحاديث لحاجة الرسالة وهكذا أي نبي يمنحه حسب احتياج الرسالة وقد منح العبد الصالح مع موسى ع الذي سار معه في البحر امور لم يمنحها لموسى مع كون موسى نبيا ولكن كل هذه الامور توقيفية حسب ما يرى الله تعالى من مصلحة فلا يمنحها اعتباطا .
وان منزلة اهل البيت عظيمة بلا شك وهذا ما اخبر الله تعالى في القران الكريم بمنح اهل البيت كثير من المميزات وهذا المنح ليس اعتباطيا بل نتيجة ما وصلوا اليه من معرفة لله فالذي يقرأ ادعية اهل البيت حيث يجد تجلي ذلك في تلك المضامين الروحية والعقائدية والاخلاقية والاجتماعية والسياسية ولا تجد تلك المضامين في أي مدرسة اخرى او أي اتجاه اخر واعظم وسام قد منح لاهل البيت كان بمنح مهدي هذه الامة لاحد ائمة اهل البيت كما اخبر الامام زين العابدين في احدى خطبه حيث قال ( ومنا مهدي هذه الامة) ويمكن منح قدرات تكوينية للامام المهدي كقدرات النبي سليمان ع اضافة الى كثير من القدرات اذا اقتضت احتياج الاهداف الالهية لتحقيق العدل لذلك وكذلك قد تمنح قدرات اخرى في يوم القيامة كالرجال على الاعراف والذين يعرفون الناس بسيماهم واهل البيت هم افضل مصاديق الرجال لتجسيد ذلك.
عصام الطائي

Share |