وانتصر منهج الحسين الشهيد/سمير القريشي

Tue, 24 Dec 2013 الساعة : 22:49

للانتصار الواقعي فلسفة لا يفهمها آلا من ذاق طعم هذا الانتصار ولذلك تجد لمفهوم الانتصار مصاديق ومعاني متباينة ومتضادة وربما متناقضة, لان كل مفهوم ينطلق من منطقات مختلفة ومتناقضة ..
أن مفهوم الانتصار في الواقع يخضع لثوابت ومبادئ العقيدة والدين بطبيعة الحال ولا يخضع على الإطلاق لمتغيرات سياسية أو جغرافية أو مكاسب ظرفية وشخصية ,بعبارة أخرى لا يخضع مفهوم الانتصار الواقعي لمقاييس دنيوية زائلة بقدر ما يخضع لمقاييس أخروية باقية.. وهذا المفهوم للانتصار ما غفل أو تغافل عنه كل طواغيت العالم فهو مفهوم لا يفهمه سوى الأنبياء وورثة الأنبياء صلوات الله عليه ومنهم الأمام أبو عبد الله الحسين صلوات الله عليه...لا نريد هنا أن نجمع الشواهد والدلائل والحوادث التي تدل على أن الأمام الحسين خطط وبشكل دقيق ومتناسق على كسب معركة الطف وفق مقاييس الانتصار الأخروي الحقيقي بقدر ما نريد أن نستدل على هذا الانتصار من خلال الحاضر والذي لا يبقي أدنى شك لكل ذي عقل على انتصار الحسين .. ومع ذلك لا نريد أن نقدم زيارة الأربعين باعتبارها اكبر تجمع بشري في التاريخ شاهد على الانتصار. ولا مواكب العزاء ولا السائرين إلى المرقد المقدس والذي بلغ عددهم أكثر من ثمانية عشر مليون زائر هذا العام. ولا غير ذلك من شواهد انتصار الحسين الكبيرة والعظيمة في الحاضر ..بقدر ما نريد أن نقدم شواهد انتصار النهج والطريق والخط الذي سار وسار عليه الحسين وأتباعه .انه خط السلام والمحبة والانفتاح على الآخر ..خط العدل والحرية والتسامح ..خط الناس أحرار فيما يعتقدون ..وآلا بماذا يفسر موكب أكثر من أربعين قس هولندي ساروا من النجف صوب كربلاء ..؟كيف يفهم سير المئات من أبناء الديانة المسيحية على طريق كربلاء ؟ كيف يفهم سير الهندوس والصابئة إلى كربلاء ؟ لا يفهم حب هؤلاء للحسين صلوات الله عليه بفهم حب الأشخاص لذاتهم لان هؤلاء من غير المسلمين ,لكن حبهم هذا للحسين يمكن أن يفهم خلال حبهم لنهجه وخطه المقدس ...
للثورة للحسينية أوجه كثيرة خرجت فيها للإنسانية وربما يكون وجه الثورة على الظلم والآمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإنكار ولاية كل حاكم فاجر وفاسق ولا يحكم بالعدل أكثر أوجه الثورة الحسينية وجودا في الخارج ..لكن هذا الوجه في الواقع لم يكن أكثر وجوه الثورة الحسينية إشراقا بقدر ما كان السلام والتسامح والصبر والعفو أكثر إشراقا من باقي وجوه الثورة الحسينية ..وهذه ما فهمه غاندي حين اختار سبيل المقاومة السليمة طريقا لتحرير الهند ..وفي ضوء ذلك يعد نهج الحسين السلمي الأكثر ظهورا ووجودا في الثورة ... يقول السيد محمد باقر الصدر عليه رضوان الله عليه ..ليس من المنطقي أن يقال أن شخصا يثور على سلطان قائم لا يبدأ هذا السلطان القائم بقتال ..؟؟ لكن هذا الشعار قد طرحة عليه أفضل الصلاة والسلام .....
أذن خلط الحسين في ثورته المباركة بين أسلوبين وطريقين.. هما طريق الوقوف بوجه الظلم بقوة وحزم وصلابة وقتال وبين موقف السلم والمصالحة والتسامح والعفو..ولذلك شكل نهج الحسين نهج الأنبياء والصالحين والمرسلين ..منهج ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ....في مقابل هذا النهج الإلهي وجد ومنذ صدر الإسلام والى يومنا هذا منهج لا يؤمن آلا بالقتل وبقتل النفس من اجل قتل الآخرين ..منهج يكفر كل الناس وكل الأديان والعقائد ..منهج لا يقر بشيء اسمه حرية العقيدة والفكر ..منهج يختبئ في كل نفق ووادي ويدعي السير على خطى السلف الأول ..منهج يقتل الإنسان ويقتلع قلبه ويأكله كما تؤكل الحلوى ثم يدعي الانتساب للدين الإسلامي ...ولذلك كان الحسين صلوات الله عليه الضمانة التي أبقت السلام دين السلم والمحبة.. ولله تعالى وللحسين صلوات الله عليه الفضل على كل المسلمين في كل بقاع الدنيا فلولا تضحية الحسين ونهجه النير لمسخ الدين الإسلامي وانتهى بحماقات وفسق وكفر وانحراف من يدعي الانتساب للسلف الصالح وهم منه براء ..لقد انتصر الحسين صلوات الله عليه لأن منهجه مستمر ولأن هذا المنهج المبارك يستقطب كل فئات الناس ومن جميع الأديان والعقائد والأعراق ..وانتصر الحسين صلوات الله عليه لان منهجه منهج السلم والتسامح والعفو مثلما هو منهج الرفض والآباء والثورة
سمير القريشي

Share |