الثورة العراقية الوحيدة التي لم تُسرَق بعد !!/داود الحسيني

Tue, 24 Dec 2013 الساعة : 20:09

الثورات تأكل أبناءها  ويسرقها غير المضحين من أجلها ، هكذا حدث مع ما سموه  بثورات الربيع العربي ، فثورة الليبيين سرقها السلفيون والقاعدة الذين لم يقدموا غير الاغتيالات وتفخيخ السيارات والموت لأبناء ليبيا الطيبين ، ولا يمكن أن  يقدموا غير ذلك ،  فالفكر السلفي القاعدي الوهابي فكر خارجي لا يقوم إلا على قتل الآخر وتكفيره وإلغائه  ولا يتصل بالإسلام المحمدي الذي هو دين الرحمة إلا بالإسم والشعار ، ولا يكاد يفقه شيئا . وسيكتشف العالم بعد أن تشتعل البلاد حروبا وفتنا  عمق مأساة ليبيا مع فكرظلامي أقرب الى النازية من الإسلام  .أما في مصر بلد الكنانة وربة البيت العربي فقد نزا الاخوان المسلمون على الثورة  بتفوقهم العددي وملل المصريين من الاحزاب اليسارية والقومية التي فشلت في استقطاب الشارع  وأحبوا أن يجربوا حكم الاسلام علّهم يجدون فيه ضالتهم وشوقهم الى التحرر والحرية ولم يعلموا أن فكر الأخوان  فكر أموي تسلطي طاغوتي وطائفي إقصائي فنظرة سريعة على ما قام به  الرئيس المخلوع مرسي تدل على اضطراب نفسي وسلوكي وردّات افعال مذهبية  وصب النار فوق تاريخ  مزيف كان مثل هشيم يابس .. رغم كل الخطابات الترقيعية لاحقا ، وما قتل الشيخ الشهيد حسن شحاتة ببعيد يضاف  إليه حرق الكنائس وقتل الناس فيها .. فاستغل نظام مبارك حالة الانفصام التي حدثت في المجتمع وجيّش زمره وبلطجيته وضحك على ذقون بعض قادة المظاهرات الشباب من حركة 6 ابريل الذين يفتقدون للخبرة السياسية والذين صدمتهم ديكتاتورية المرشد .. فظنوا الخلاص من حيث العودة للوراء  وكان قادة الجيش قد خضعوا للأمر الواقع في البداية فوقفوا على الحياد ولكنهم وحالما وجدوا  السند الشعبي المطلوب  انقضّوا على السلطة  من جديد وأعادوها الى حيثما كانت ،  ورجعت الوجوه الكالحة التي كانت تخدم مبارك لعقود الى شاشات القنوات الفضائية ورئاسات اللجان الخمسينية والستينية .. وزجّوا حتى ببعض قادة حركة ابريل الذين اعترضوا على الوضع بعد أن رُفِعَ النقاب عن الوجه الحقيقي  لـ (السيسي) وما  يريده ..  وأجزم أنه لن يستطيع مصري بعد اليوم  ان يعترض ألا ويجد مكانه في السجن محجوزا بتهم أبسطها التخابر مع حماس في غزة باعتبارها دولة صهيونية غازية !! وليسأل من يرغب عن السيد البرادعي وأين هو الآن!! ... أما في تونس  فحركة النهضة ذات الفكر الإخواني هي التي سيطرت على الدولة لكنني أشهد بحكمة السيد راشد الغنوشي وقراءته لما جرى في مصر وليبيا قراءة موضوعية  وقلبه ظهر المجن  للجماعات الإرهابية التي انشغلت عنه بذبح الأبرياء وجهاد المناكحة في سوريا .. ولا أرى تونس ستستقر إلا إذا حكمها  إسلام منفتح على الآخر رحيم لا يقتل ولا يسبي ولا يفجر أو يغتال معارضيه مثل اسلام علي بن أبي طالب  رضي الله عنه وعليه السلام . ولو أنصفنا ثورة البحرين لوجدنا ان الذين فجروها ومن يقودونها عقلاء  وطنيون لم يهاجموا سوقا ولم يدخلوا في مشفى  ليهدموه على مرضاه  ولم يرهبوا أحدا .. لكن ملكهم يقتل شعبه وحكومتهم التي  تتصدى لهم تحمل الفكر القاعدي السلفي الوهابي نفسه .. فالدولة في البحرين قمعية  بوليسية غاشمة ولن يتوافق معوج مع معتدل  ورغم ذلك تجد الإعلام العربي القميئ والمدجن صامتا وساكتا عن الحق وتبقى الثورة العراقية التي انطلقت مع الانتفاضة الشعبانية المجيدة  ضد أقسى أهل الأرض وأظلمهم عتل عفلق الزنيم والمتبني للفكر الوهابي التكفيري .. لقد كان صدام طائفيا من الطراز الآول وكان يخطط لأستعباد  أهلنا في الجنوب الذين يخالفونه في المذهب  ويجعلهم قنا وعبيدا عند طواغيت  العوجة و سامراء وتكريت والموصل وديالى الذين يدينون له بالولاء مع  أنني أستثني كل شريف رفض أن يربط مصيره بمصير  ذلك المجرم السفاح  ولا زال يحنُّ لأيامه السود ، لكن الله لم يقبل له ذلك وحرك عليه أسياده ليلقوا به إلى مزبلة العملاء المغضوب عليم ثم ألحقه القضاء العراقي تلقاء مقره الأبدي في أسفل درك من جهنم .. إن ثورة الشعب العراقي المسحوق الذي أعدم  المقبور خيرة شبابه  ونكّل بكل طبقاته وأهدر كرامات نسائه وأضاع ثرواته ... لم يفرّط بثورته ولن يفرّط مهما بلغت التضحيات والمصاعب حتى لو سلط العرب جميع كلابهم من أمثال (داعش) و(النصرة ) وغيرها .. ودليلي على ما أكتب هي هذه الحشود المليونية الزاحفة سلميا وهي  تتحدى الطغاة  وتصرخ بأفواه صادحة وقلوب صابرة مطمئنة: هيهات منا الذلة ...  تواسي بذلك نبيها الكريم  بفلذة كبده وتعرّي الحكم الأموي الوراثي البغيض الذي اعتدى على ريحانته وسيد شباب أهل الجنة وذبحه عطشانا وقتل أهله وأصحابه وسبى عياله ولم يسلم من بطشهم حتى الطفل الرضيع كما يحدث الان من أذنابهم وذراريهم  في العراق وسوريا.  الثورة لم تسرق في العراق بعد  رغم محاولات البعثيين وذيولهم .. وبقي جيش العراق يحمي الشعب الزائر مشياً إلى كربلاء  الحسين ... كربلاء الخلود  والمجد  ... وستبقى الثورة غضّة حية  باقية  ، مادام النداء سيظل مدوياً : لبيك يا حسين !

داود الحسيني

Share |