خطة فك الارتباط خطة أمنية-مصطفى إنشاصي-فلسطين

Wed, 10 Aug 2011 الساعة : 2:51

الخروج من غزة خطوة لضرب المقاومة وتصفية القضية (قبل الأخيرة)
في ذكرى نكبتنا هذا العام واستكمالاً لمقالاتي في ذكرى النكبة العام الماضي وغيرها نريد أن نطلب من الفصائل الفلسطينية أن تتفرغ لإدارة معركة التحرير ووضع خطط واستراتيجيات التحرير عبر المفاوضات أو الكفاح المسلح أو أي وسيلة يختارونها في إطار منظمة التحرير التي إن شاء الله تنجح مساعي إصلاحها وضمها لكل القوى والفصائل الفلسطينية وإعادة تفعيلها، وأن تترك إدارة شئون الجماهير في الأرض المحتلة لحكومة من المستقلين الحقيقيين البعيدين عن تأثير الفصائل أو الولاء لها يكون العضو فيه موظف خادم لمصلحة الجماهير ولقضاء حوائجها، مهمتها إدارة شئون حياتهم اليومية وتسيير مصالحهم مع العدو المغتصب للوطن والمحاصر لهم من كل مكان بعيد عن تجاذبات وصراعات الفصائل، لا صراع فيها لا على برامج سياسية ولا مصالح شخصية ولا طموحات قيادية، ولا تخضع للضغوط الخارجية بزعم أن البرامج السياسية تتعارض مع مطالب هذه الجهة الممولة أو تلك …إلخ مما كان سبباً في تعميق نكبتنا في ذكرى نكبتنا عام 2007، وطبعاً تلك الحكومة ستعمل تحت إشراف منظمة التحرير وفي ضوء خططها الإستراتيجية.
وحتى لا تمر هذه الفكرة مرور العابر دون تأمل وتوقف معها بجدية سأعضدها بنشر مختصرات لبحثين على حلقات سبق أن أعددتهما ونشرتهما في مجلة مُحكمة، عرضت فيهما تجربتنا النضالية المعاصرة من خلال تجربة أكبر فصيلين فلسطينيين قادا مسيرة النضال والتحرير الفلسطيني (فتح وحماس)، التي انتهت إلى تكرار نفس التجربة النضالية الفلسطينية منذ أكثر من مائة عام وبشكل أسوأ أدى إلى استباحة كل المحرمات الفلسطينية وتدمير القضية وتمزيق الشعب ونكبته نكبة أعظم من نكبته الأولى بالانقسام! لأن تلك الفصائل لم تدرك من خلال تلك التجربة الغنية أنه على مَنْ يتبنى مشروع المقاومة في فلسطين يجب عليه أن ينأ بنفسه عن الممارسة السياسية، بمعنى أصح ألا ينخرط في العمل السياسي على حساب المقاومة، كما أنه يجب أن يكون جزء من مشروع المقاومة في الأمة وطليعتها بحيث لا يأخذ دورها الأمة ولا يكون بديلاً عنها، ولكن عليه أن يكون ديمومة المشروع يعمل على تحريك وتفجير طاقات الأمة لأخذ دورها الرئيس في التحرير.
سأنشرهما على حلقات ليعي الجيل الجديد من أبناء الوطن أخطاء التجربة النضالية الفلسطينية المعاصرة تجنباً لتكرارها في المستقبل، ولأدعم بها وجاهة رأي في ضرورة أن تبتعد الفصائل الفلسطينية عن التدخل في تشكيل الحكومة الفلسطينية التي تتولى إدارة شئون المواطنين في الأراضي المحتلة، وضرورة أن تكون من المستقلين البعيدين عن الانتماءات الفصائلية تجنباً أيضاً لتكرار تجربة الانقسام ومأساته. أرفق رابط الحلقة الأولى (المقدمة) على مدونتي هنا لمَنْ يهمه الرجوع إليه ليدرك أهمية ابتعاد الفصائل عن شئون حياتنا اليومية وحتى عن إدارة منظمة التحرير نفسها، وليدرك مخاطر استمرار هيمنة الفصائل على إدارة منظمة التحرير على مستقبل القضية:
http://mostin.maktoobblog.com/1616599/%D9%81%D9%8A-%D8%B0%D9%83%D8%B1%D9...
وهذا عنوان المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية الذي تصدر عنه المجلة ويمكن من خلاله الدخول لأعداد المجلة كلها ولي فيها إحدى عشر بحثاً موثقاً في مجالات متعددة خاصة بالقضية الفلسطينية والصراع مع الغرب والعدو الصهيوني:
http://www.ycfss.com/index.php
تلك كانت المقدمة وهذه هي الخاتمة (الحلقة الأخيرة) لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد!.
خطة فك الارتباط خطة لتصفية للقضية
مَنْ يرجع إلى خطة فك الارتباط# التي طرحها شارون في مؤتمر هرتسيليا في 18/12/2003 سيجد أنها خطة ذات ملامح أمنية تستند إلى تسوية مرحلية طويلة الأمد وتؤجل النقاش في قضايا الحل النهائي. أشرف شارون شخصياً على وضعها آخذاً في الاعتبار أن الظروف والمتغيرات في الساحة الدولية وبشكل خاص عودة جورج بوش إلى البيت الأبيض، ستفتح الأبواب واسعة أمام تمرير هذه الخطة حلاً للصراع مع الفلسطينيين، دون تقديم ما أسمته المصادر بأية تنازلات تؤثر على الأمن القومي (الإسرائيلي)، وبعيداً ودون ارتباط بأية خطط أخرى طرحت من هذا الجانب أو ذاك وفي مقدمتها خطة خارطة الطريق . وذلك ما أوضحه شارون نفسه في الخطاب الذي ألقاه في مؤتمر هرتسيليا، فقد أعلن: أن "خطة فك الارتباط ستضمن إعادة انتشار للجيش (الإسرائيلي) في خطوط أمنية جديدة وتغيير انتشار التجمعات السكانية بحيث يتقلص قدر الإمكان عدد (الإسرائيليين) المتواجدين في قلب السكان الفلسطينيين ... سيتوفر الأمن من خلال انتشار الجيش (الإسرائيلي)، جدار الأمن، وعوائق مادية أخرى، خطة فك الارتباط ستقلص الاحتكاك بيننا وبينهم ... بودي أن أشدد على أن خطة فك الارتباط هي خطة أمنية وليست سياسية ... واضح أن في خطة فك الارتباط سيحصل الفلسطينيون على أقل بكثير مما يمكنهم أن يحصلوا عليه في مفاوضات مباشرة ووفقاً لخريطة الطريق. يحتمل أن يكون أجزاء من خطة فك الارتباط التي ترمي إلى توفير الحد الأقصى من الأمن لمواطني (إسرائيل) ستنفذ في إطار محاولة لتطبيق خريطة الطريق، وفقا للظروف الناشئة" . يقصد هنا (الدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقتة) التي نصت عليها خطة خارطة الطريق دون أن تحدد لها حدود ولا مضمون!.
كما أكد على ذلك خلال جلسة لحزب الليكود في 23/2/2004، قال: "أن هذه الخطوة ستحول دون ممارسة ضغوط على (إسرائيل) من أجل التقدم السياسي مع الفلسطينيين، وسيضمن بقاء أكبر عدد من (المستوطنات) في أيدي (إسرائيل)، كما سيضمن أفضل الظروف الأمنية والإقليمية لـ(إسرائيل) إذا ما تم استئناف المفاوضات". وفي خطابه أمام الكنيست في 15/3/2004، عاد وأكد أن ما يقوم به يأخذ بُعداً تكتيكياً بما لا يتعارض مع الأبعاد الإستراتيجية المنغرسة في فكره، حيث قال: "أنني لا أعتبر نفسي مع أولئك الذين يقدسون الوضع القائم، الذي يؤدي بالضرورة إلى خلق فراغ سياسي، بل أعتقد أننا ملزمون بتغيير الوضع الراهن"#. وأضاف "إن الفراغ السياسي سينبثق عنه مقترحات سياسية، ستضطر (إسرائيل) في ظلها تنفيذ خطوات بعيدة المدى تنطوي على تنازلات تحت وطأة (الإرهاب)" . كما صرح للقناة الثانية في التليفزيون (الإسرائيلي): "إن فك الارتباط يعني وضع مشروع التسوية على الرف لعدة عقود من الزمن، ولينس الفلسطينيون أي إمكانية للتنازل عن شبر من الأرض في الضفة الغربية وغور الأردن" . ثم جاء تأكيده المتواصل في مناسبة وغير مناسبة بما عرف بلاءات شارون (لا لدولة فلسطينية في حدود الأراضي المحتلة عام 1967أ لا لعودة اللاجئين، لا لعودة القدس). وأخيرا كشفت إحدى الصحف الصهيونية: أن شارون صرح في جلسة خاصة، أن الهدف من خطة فك الارتباط هو تصفية القضية الفلسطينية نهائياً، ومنع إقامة دولة في ألأراضي المحتلة عام 1967. وشطب القضية نهائياً من جداول أعمال الأمم المتحدة، وتحول الصراع إلى خلاف على الحدود بين دولتين.
أما دوف فاسيغلاس كبير مستشاري شارون فقد أعلن صراحة في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة "هآرتس" بتاريخ 8/10/2004،: أن الهدف من خطة شارون فك الارتباط أحادي الجانب هو تجميد العملية السياسية بصورة شرعية، بما يمنع إقامة دولة فلسطينية ومنع بحث قضايا القدس واللاجئين والحدود. وقد أشار إلى أن ذلك اتفاق أمريكي – (إسرائيلي) على شطب إقامة الدولة الفلسطينية من جدول الأعمال نهائياً، والإبقاء على (المستوطنات اليهودية) المقامة في القدس والضفة الغربية .
وقد أوضح المحلل السياسي الصهيوني ألوف بن: أن شارون كان يخشى من فرض تسوية تضطره الانسحاب من كل المناطق وإقامة دولة فلسطينية تكون القدس عاصمة لها: "من الواضح أنه يحاول فرض تسوية انتقالية طويلة المدى على الفلسطينيين بروحية تصوره القديم المطروح سابقاً والذي يبقي بيد (إسرائيل المناطق الأمنية) في غور الأردن وغربي السامرة وحول القدس ... شارون يعتقد أن الانسحاب من طرف واحد إلى خط تحدده (إسرائيل) أفضل من الدخول في المفاوضات حيث سيطالب الفلسطينيون بالمزيد ويحصلون على دعم العالم" . وهكذا يصفي القضية أو يجمدها إلى أجل قد يطول أو يقصر، ذلك راجع إلى الواقع الفلسطيني والعربي ومحكوم بتغيره لصالح المقاومة واستعادة الحقوق المغتصبة.
وجدير بالذكر التذكير هنا أن العدو الصهيوني حاول عام 2004 أن يمهد السبل لنجاح تلك الخطة (الدولة في غزة)، ويهيئ الأوضاع القانونية لفصل غزة عن الضفة، ولتكون غزة فقط هي الدولة الفلسطينية بعد تنفيذه خطة فك الارتباط، حيث سعى لانتزاع تنازل من الرئيس الراحل ياسر عرفات يؤسس به لفك الارتباط بين غزة والضفة، ويجعل منهما كيانان منفصلين ومستقل كلٍ منهما عن الآخر، وذلك عندما طلب من السلطة الفلسطينية أن يضع تعرفة جمركية لغزة منفصلة عن التعرفة الجمركية للضفة! فأدرك الرئيس الراحل عرفات أبعاد ذلك المطلب وقد رفضه بشدة على الرغم من كل الضغوط التي مارسها عليه المحتل اليهودي #.
ضرب المقاومة والحرب الأهلية وتكريس الانقسام
وقد أثارت خطة شارون حول فك ارتباط مع غزة من طرف واحد مخاوف متناقضة بين الصهاينة، منهم مَنْ رأى فيها انتصاراً للفلسطينيين والمقاومة يشكل خطراً مستقبلياً على الكيان الصهيوني، وآخرين رأوا فيها التفاف على الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية وإشعالاً للحرب الأهلية الفلسطينية!
فبنيامين نتنياهو الذي تزعم المعارضين للخطة، قال: "إخلاء (المستوطنات) بدون اتفاق سيؤدي فقط إلى تشجيع (الإرهاب)، وعلينا أن نمنع ذلك" . ووصفها يوم استشهاد الشيخ أحمد ياسين: بأنها "جائزة مهداة لـ(الإرهاب)" . أما موشيه بوغي يعلون قال في سلسلة تقديرات الوضع: "أن الخروج من غزة سيبث ريح إسناد لـ(لإرهاب)". كما أن آفي ديختر "يعرب عن رأي متشائم وسلبي من الخطة وهو الآخر يقدر بأنها ستؤدي إلى الإحساس بالنصر لدى الفلسطينيين والى تشجيع (الإرهاب)". وقريباً منهما جاءت أقوال أهارون زئيفي (فركش): "إن الفلسطينيين يرون في خطة شارون لفك الارتباط من طرف واحد عن قطاع غزة انتصاراً لـ(لإرهاب)، والأمر كفيل بأن يشكل عاملا ًمشجعاً لتشديد أعمال (الإرهاب) في يهودا والسامرة أيضاً" . ويقول غي بخور المستشرق الصهيوني: "الحاجة إلى إخلاء قطاع غزة كله هي فكرة صحيحة، ولكن أحادية الجانب المقترحة للتنفيذ مقلقة بل حتى مخيفة. لا شك أن الأمر سيُنظر إليه ويُعرض في الجانب الثاني أنه هروب (إسرائيلي) من (إرهاب) الانتفاضة الفلسطينية. صور سكان غزة وهم ينقضون على بيوت المستوطنين المخلين، ويخربون كل ما تقع عليه أيديهم ويرفعون بانتصار علماً فلسطينياً قد تُذكر لأجيال، وتسوغ تواصل استعمال القوة ضد (إسرائيل) وضد) إسرائيليين). هذه المعضلة تذكر بما حدث في عام 2000 في جنوب لبنان، عندما كان الانسحاب من هناك صحيحاً، ولكن طريقة التنفيذ، مثل اللصوص الهاربين في الليل". ونفس الأمر يراه شلومو غازيت: "الخروج من طرف واحد من القطاع سيستقبل، وعن حق، كانتصار قاطع لطريق الكفاح الفلسطيني العنيف" .
وفيما فشل الفلسطينيين في تحقيق تلك المخاوف التي أثارها بعض الصهاينة حول مخاطر تنفيذ خطة فك الارتباط مع قطاع غزة لأنهم لم يحسنوا قراءتها فقد نجح العدو الصهيوني في تحقيق أهدافه منها التي أدركها السياسي الصهيوني يوسي بيلين، وقد كشف عنها في هجومه على قول شارون: "لدينا خطة واحدة، خريطة الطريق". قائلا:ً إن "شارون عاد إلى عادته". وقال بيلين أن أقوال شارون عن تمسكه بخريطة الطريق تثبت أن الخريطة أصبحت بالنسبة له المهرب من استمرار النشاط السياسي. وأضح بيلين أن: "خريطة الطريق تستدعي تجميداً تاماً لـ(لمستوطنات) واقتلاعاً للمواقع (الاستيطانية) غير القانونية. وأضاف محذراً من أهداف شارون لإشعال حرب أهلية فلسطينية بالقول: "أما شارون فاخترع مرحلة ما قبل خريطة الطريق، ومن هنا ينتظر الحرب الأهلية الفلسطينية دون أن يكون ينوي تحريك ساكن" . وكلام يوسي بيلين فيه إشارة إلى أن شارون أراد من خطة فك الارتباط أن يشعل حرب أهلية فلسطينية. وتلك الحرب طبعاً ستضرب المقاومة وتصفي القضية!.
كثيرة هي التصريحات التي تؤكد أن هدف خطة فك الارتباط هو القضاء على المقاومة، فقد أوضحت أوساط أمريكية أن "الولايات المتحدة لا ترى في خطة فك الارتباط سياسة بعيدة المدى بحد ذاتها، بل جزء من تنفيذ القسم (الإسرائيلي) في خارطة الطريق" . فاعتبار أمريكا التوراتية أن خطة فك الارتباك هي ما على العدو الصهيوني من استحقاقات في خارطة الطريق ذلك يعنى أن على السلطة أن تفِ بما عليها من استحقاقات في خارطة الطريق والتي على رأسها وقف المقاومة وجمع سلاح الفصائل واعتقال النشطين ومحاكمتهم! وذلك ما أكده أحد بنود وثيقة سرية قدمتها كونداليزا رايس إلى الرئيس بوش في بداية ولايته شباط/فبراير 2005، يقول: "أنه يجب أن يكون الهدف الكبير للقيادة الفلسطينية هو إنهاء الدور القتالي والتسليحي لحركة حماس وسائر التنظيمات الفلسطينية المعارضة لـ(عملية السلام) من خلال تفكيك وإزالة أجنحتها العسكرية والقضاء على بناها التحتية ومصادرة أسلحتها ومصانع إنتاج أسلحتها والمتفجرات، ووقف عمليات تهريب الأسلحة إليها. لكن يجب التحرك بواقعية ومرونة على هذا الصعيد وبالتالي تأجيل تحقيق هذا الهدف الكبير إلى مرحلة لاحقة، وترك المجال أمام أبو مازن الذي تثق به واشنطن لاتخاذ القرارات اللازمة لتحقيق هذا الهدف في هذه المرحلة لوقف الكفاح المسلح الفلسطيني بالكامل ضد (الإسرائيليين)" .
ذلك نفسه ما أكده بوش في مقابلة مع القناة (الإسرائيلية) الأولى رداً على أحد أسئلتها، بقوله: "بأن هدف خطة خريطة الطريق قيام دولة فلسطينية إلى جانب (إسرائيل)، كما كرر دعوته للفلسطينيين لتفكيك فصائل المقاومة" . ثم عاد وأكد على ذلك عندما أكد التزام بلاده المضي قدماً في تطبيق خارطة الطريق لتسوية فلسطينية (إسرائيلية) نهائية. كما اعتبر أن الخطوة التالية يجب أن تكون مساعدة الحكومة الفلسطينية على توحيد المؤسسات الأمنية لضبط (الفصائل المتطرفة)، وبناء الاقتصاد الفلسطيني وضمان وجود حكومة فاعلة في قطاع غزة. وأشار إلى أن عباس أكد التزامه مكافحة (العنف) ... فهو يعرف أن من غير الممكن بناء ديمقراطية مع جود (إرهابيين) يرفضون احترام سيادة القانون . ومن أجل تحقيق ذلك طلب شارون في كلمة ألقاها في نيويورك أمام رؤساء المنظمات اليهودية في أمريكا من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة "ممارسة الضغوط على السلطة الفلسطينية لنزع سلاح حركة حماس" .
العلاقة بين خطة فك الارتباط وخطاب ضمانات بوش
تلك الأهداف التي أراد العدو الصهيوني تحقيقها من فك ارتباطه بغزة ما كان له أن ينجح في تحقيقها دون الموافقة الأمريكية والتنسيق معها، وذلك ما سعي شارون للحصول عليه من خلال زيارته إلى البيت الأبيض وحصوله على خطاب الضمانات (وعد بلفور الجديد)! وكثير من الكتاب ربط بين نقطة انطلاق شارون إلى أمريكا والخطاب الساخن الذي ألقاه قبل الانطلاق وأكد فيه على أهدافه من خطة فك الارتباط وطمئن المغتصبين الصهاينة في الضفة الغربية أنه لن يحدث أي تغيير على سياسة اغتصاب الأرض في الضفة، ومستقبل القدس خاصة ولكنها ستتوسع أكثر من السابق، وبين تلك الزيارة. فقد ربط الصهيوني (بيريز كيدرون) بين زيارة شارون وخطة فك الارتباط : عند زيارته للولايات المتحدة يوم 13-14/4/2004، حيث كان هدفه من وراء الزيارة هو نيل موافقة جورج دبليو بوش على فك الارتباط الأحادي (الإسرائيلي) من قطاع غزة، الأمر الذي أثار تعجب الكثيرين. إلا أن حديث شارون قبل مغادرته مطار بن جوريون أكد شيئا آخر... غير ما يعتقده هؤلاء المنتقدون، حيث طمأن الجمهور (الإسرائيلي)، مؤكداً له بأن انسحاب القوات (الإسرائيلية) من غزة لن يعوق مسار (المستوطنات) في الضفة الغربية، فـ(مستوطنات مدن معاليه أدوميم وجوش عتصيون وأريل وجيفات زييف) وغيرها من مستوطنات الضفة، ستظل تحت السيادة (الإسرائيلية). كما شدد على أهمية الجيوب (الاستيطانية) الواقعة جنوبي الضفة – التي منها (مستوطنات) الخليل – مشيراً إلى أنه ستكون أكثر قوة وتماسكاً، ومن خلال جملة التأكيدات هذه يتضح لنا أن دفاع شارون عن خطة فك الارتباط ليس إلا طريقاً أو تمهيداً للوصول إلى أهداف (إسرائيل) الإستراتيجية أو كما يقول هو نفسه: المبادرة (الإسرائيلية) هي السبيل الوحيد الذي سيضمن تحقيق المصالح الحيوية لـ(لدولة الإسرائيلية)، تلك المبادرة الأحادية هي الأمل الوحيد الذي سيمنع الفلسطينيين من تحقيق حلمهم في العودة على حدود 1967، وفي إغراق (إسرائيل) باللاجئين.
كما اعتبرت الفايننشال تايمز : الانسحاب (الإسرائيلي) من قطاع غزة وأربع (مستعمرات) من الضفة الغربية، لحظة تاريخية لكنه غير كافٍ لتسوية الأزمة بين الفلسطينيين و(الإسرائيليين)، كما وصفت الصحيفة في تعليق لها النزاع القائم بين الجانبين، بأنه جرح مفتوح في قلب (أزمة الشرق الأوسط). فيما تنشغل أنظار العالم على قطاع غزة ومأساة إجلاء ثمانية ألاف (إسرائيلي) فيها محاطين بمليون وثلاثمائة فلسطيني، تنكب الحكومة (الإسرائيلية) على توسيع رقعة (المستوطنات) في الضفة الغربية وبناء جدار الفصل العنصري عبر مدينة القدس لتشرد 50 ألف فلسطيني وتزج بهم خارج محيط المدينة المقدسة. ودعت الصحيفة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، إلى تحويل هذه الخطوة الإيجابية من فك الارتباط إلى عملية نحو إحلال (السلام). ولهذا فإن خطة شارون (الانسحاب) من قطاع غزة تدخل في إطار رغبة المجتمع (الإسرائيلي) في (استعمار) الضفة الغربية والتوطن فيها، وإذا كان شارون يفعل ذلك فإنه ينوي المساومة على مدينة القدس من الأراضي المحتلة بعد عدوان يونيو 1967. وهي في نظر تلك القرارات تعتبر من الأراضي المحتلة. وشارون رجل (السلام) الأميركي يريد (استعمار) الضفة الغربية وإكمال بناء (مستعمرة معالية أدوميم)، مقابل انسحابه من قطاع غزة. ولم تعد تجدي الانهيارات و(الاستعمارات) بعد انتفاضة الشعب الفلسطيني في 28/9/2000، وهذا ما آمن به الشعب الفلسطيني المناضل دون بقية الشعوب العربية والإسلامية، ونيابة عنها.
التاريخ: 8/8/2011
 

 

 

Share |