الأنتخابات .. انتباهة غير مجدية/طاهر مسلم البكاء
Thu, 19 Dec 2013 الساعة : 16:06

يلاحظ جميع العراقييون انتباهة السادة المسؤولين الى الكثير من المشاكل التي تعاني منها البلاد فجأة مع اقتراب موعد الأنتخابات ، ويتصاعد الحماس وتتعالى الخطب الحماسية والتصريحات الرنانة بقدرة المسؤول الفلاني وانه سوف يشغل العصا السحرية التي ستحل مشاكل البلاد المزمنة وسيحول العراق الى بلد صناعي ويستغل الأمكانات الزراعية العملاقة التي يمتلكها ويعيد للسياحة دورها الزاهر كما اننا لن نحتاج الأستيراد الخارجي سوى في الضروريات من الحلقات الفنية والتكنلوجية المتقدمة ،وسيقضي على الفقر وازمة السكن ونحل مشاكل الكهرباء وتنعدم البطالة والمرض والجهل والأمية و....
وفي قمة هذه الفوضى والتي يمكن ان نسميها بالحمى الأنتخابية يتساءل كل عراقي ، الفقير وميسور الحال والذي لايقرأ ويكتب وحامل اعلى الشهادات : اين كان السادة المسؤولون كل هذه السنوات ،ولماذا ولمصلحة من هذه الأنتباهة المفاجأة ،وهل تكفي بضعة اشهر هي المتبقية على بدء الأنتخابات لأنجاز هذه المشاريع الأستراتيجية العملاقة التي يتحدثون عنها والتي هي بدون شك تحتاج الى سنوات والى شركات عملاقة وليست الى تلك الشركات ذات التصنيف المزور الذي يشابه شهادات البعض المنتشرة في هذا الزمان الردئ ،كما انها تحتاج بلدا ً خاليا ً من الفساد المالي والأداري ،لامثل حال العراق اليوم الذي يصنف ببركة السادة المسؤولين انفسهم بتصدر دول العالم بالفساد حسب أحدث الأحصائيات الدولية !
بين الأستراتيجية والترقيع :
ان العراقي بدأ يدرك بدون شك ان ما يتحدث عنه ساسته هو ترقيع للواقع الغير ناضج الذي عاشته البلاد وعلى مختلف الصعد ،ففي مجال الصناعة فأنه يستورد كل شئ من قنينة الماء والتمر والجبن واللبن والطماطة الى ارقى المصنعات التكنلوجية الحديثة ، وعلى لسان مسؤوليه الذين يعترفون من على شاشات الفضائيات من انهم يستوردون الماء والتمر من بلاد الصحراء ! مع العلم ان العراق كان يصنف بأنه البلد الأول بأنتاج التمر ،وأنه منذ فجر الحضارات كان يملك نهرين خالدين يحملان الماء العذب فما الذي حصل ؟
ان ما يتحدث عنه المسؤولون هو مشاريع كبرى تتطلب أثارة شيمة العراقي والعودة به الى العمل المنهجي الناضج والذي يكسب فيه اجر شريف يكفيه وعائلته من العيش الكريم وبالتالي لن يلجأ الى التذمر من العمل او البحث عن طرق لأضاعة الوقت وعدم الجد بالعمل .
المعيار والوعود الأنتخابية :
ان المعيار ،وخاصة للسادة المسؤولين الذين جربهم المواطن العراقي ، موجود في ذهنية وتفكير العراقي ولانعتقد ان الطرق والحيل الأنتخابية ستجدي كثير نفع في إعادة الأشخاص والعناصر الذين فشلوا في ما عهد اليهم من مسؤولية لمرة أخرى وهذا ينطبق على عموم العراق سواء في الشمال أوالجنوب ، وان الوعود الأنتخابية لمثل أولئك السادة لن تجدي نفعا ً وخصوصا ً وقد اصبح المواطن أكثر تجربة وهو يخوض دورات انتخابية عديدة وقد قال كلمته في الكثير من المواقف التي ادت الى تغييرات هامة على صعيد البلاد .
بين الفوضى والديمقراطية :
هناك من يقول ان هناك حالة توازن يمكن ان تكون في صالح اولئك الباحثين عن التشبث بمواقعهم والعودة مرة اخرى ، فكما ان المواطن اصبحت له خبرة انتخابية فأن المسؤول ايضا ً اصبح يمتلك فن خوض الأنتخابات واجتيازها بسهولة وقد اصبح يدرك الطرق السهلة التي تمكنه من الفوز والأمساك بمقاليد الأمور وان الأنتخابات القادمة سوف تعيد نفس الوجوه القديمة التي فقد المواطن الأمل في قدرتها على تغيير اوضاع البلاد وبالتالي سندور في نفس الدوامة ،والحقيقة ان مثل هذا السيناريو ممكن وقابل للحصول وهو مثال ،لو صح وتحقق، على ان ديمقراطيتنا هي اقرب الى الفوضى المبنية على صفقات غير صحيحة ما دامت نتائجها بالضد من الديمقراطية الحقيقية و ما دامت لاتجلب الخير للمواطن وما دامت لاتحمل التغيير المطلوب في اوضاع البلاد والسير فيها في طريق التقدم المنشود .