مصر: الثورة مستمرة/حيدر الجابر
Tue, 17 Dec 2013 الساعة : 16:15

لم ينقضِ عصر الثورة، ولاسيما في مصر، أو في مصر على الأقل. يقولون "مصر أم الدنيا"، وهي كذلك أم الثورة. ما زالت أصداء 25 يناير و30 يونيو تتردد في السماء. "السيسي" بطل الى حد ما، والاخوان مجرمون.. الى حد ما أيضاً. لايمكن لشخص أن يختزل الخير كله او الشر كله. الاخوان المسلمون أخطأوا بحق أنفسهم وتاريخهم قبل أن يخطئوا بحق وطنهم. السلطة سلاح ذو حدين، رأينا حدّاً واحداً فقط خلال الأعوام الماضية. "السيسي" بطل، ولكنه محدود الصلاحية، وكم رأينا وقرأنا عن أبطال شعبيين تحولوا الى مستبدين مكروهين، غادروا الحياة واللعنات تلاحقهم. أن تكون بطلا يعني ان تكون مسؤولاً، وأن تقدم الحل للأزمة التي تحركت ضدها.
استبدال محمد مرسي بعبد الفتاح السيسي لن يعالج أزمات مصر المستعصية. أزمة الطاقة والأمن وسد النهضة الاثيوبي والانفجار السكاني والغلاء وتوفير الخبز للشعب عبر الاستيراد وبموازنة مشلولة على الدوام، هذا الحزمة الشائكة من المصائب، مع ضرورة عودة مصر لدورها القيادي في العالم العربي وافريقيا، لن يزيحها التصفيق واستعراض القوة. ما ارتكبه الاخوان لايجب ان يُعاد بصورة جديدة، ان تكون عادلا لايعني الانتقام بالضرورة. البطولة والشعبية الجارفة تستوجب عزماً ونشاطاً وانفراجاً ملحوظاً في حياة الناس. هناك جمر ثورة جديدة تحت الرماد، وربما البداية من التعسف والإقصاء.
أقوى دعم هو المظلومية، انقلب الإخوان بين عشية وضحاها من حاكمين إلى مطارَدين، ويتحول مرسي تدريجياً الى "رئيس منتظر"، وقضية اسطورية، أمام الخيزرانات العسكر الجامدة. لن يفكر الإعلام أو العالم بأخطائه أو كوارثه، فالعواطف لاتحب الفلسفة، يكفي أن تمتلئ السجون بالإخوان ليصعدوا إلى السطح من جديد، ويؤثروا في الأحداث.. وليس بعيداً أن نراهم يتصدرون الثورة الجديدة. فرق كبير بين أن تدعم الجيش وأن تمجد الضباط. أثبت التاريخ أن العسكر ليسوا على وفاق مع الثورات، ولا مع بعضهم. تبدو الأوضاع كما هي في مصر من دون أي تغيير، الفرق فقط هو في محاولة تصفية تركة مرسي.ربما، ترشيح السيسي للرئاسة يستحق ثورة جديدة.. ربما.


