النجاح الالماني في السياسي الالماني والفشل العراقي في السياسي العراقي- عدنان شمخي جابر الجعفري-برلين
Wed, 10 Aug 2011 الساعة : 0:59

في الشهر الماضي وصلتني رسالة مفاجاة عبر ايميلي الخاص من السيد فرانك هنكل عمدة مقاطعة راينكن دورف في برلين ومرشح الحزب الديمقراطي المسيحي للانتخابات القادمة يشرح لي فيها برنامجه السياسي.
هذه الرسالة اثارت الكثير من الاسئلة في نفسي,من اين له ان يعرف ايميلي وكيف عرف ان لي افكارا خاصة مشابهة لبعض افكاره ؟....الخ.
رسالة السيد هنكل جعلتني اشعر ان هؤلاء الناس يقراون ويعرفون من يخاطبون ومتى يخاطبون.
هذه الرسالة اثارت اهتمامي بالانتخابات البرلينية القادمة وبمرشحيها اكثر من العادة,وجعلتني اقارن كثيرا بين اسلوب السياسي العراقي والسياسي الالماني في مخاطبة الناس ,وبين الانتخابات العراقية والانتخابات الالمانية في مختلف المجالات.
بعد فترة من الزمن وفي تاريخ 07.08.2011 ذهبت للتمشي كعادتي في كل يوم احد,فشاهدت عن طريق الصدفة ان هناك سوقا شعبية مؤقتة اقيمت على شارع مولر شتراسة وهذا الشارع من اهم الشوارع التجارية في برلين.
كان هذا السوق مملوء ببسطات وخيم الباعة المتجولين وكذلك بعض الالعاب المؤقتة للاطفال.
ما شد انتباهي في هذا السوق ان شاهدت بعضا من مرشحي الاحزاب الالمانية يفترشون البسطات جنبا الى جنب مع باعة الطريق بدون حماية او مراسيم خاصة بهم ,يرتدون ابسط الملابس ولايتكبرون على الناس بل ويفرحون كثيرا عندما تمتد يدا لمصافحتهم او ان يحدثهم احد,لايقدمون الهدايا لاحد ولا يعدون احد بشيء غير برامجهم السياسية,واعتقد انهم لن يهربوا من ناخبيهم ان دخلوا البرلمان !!.
لا يستندون في مخاطبة ناخبيهم على فتوى من شيخ او مرجع او قس او كاهن,لم يرتدي احد منهم عباءة رئيس حزبه اوان يتقرب الى الناس بمنجزات ابيه او جده ,لافتوى يستندون عليها ولايعدون الناس بامور غيبية او ان يكفرون من لا ينتخبهم.
لايطلقون الالقاب الفارغة على انفسهم كما هو حاصل عندنا,لايضعون صورا لهم مع كميات من الفواكه او مع الموائد الدسمة المخجلة لذوي الحياء والعقول,ولايضعون خلفهم سيارات فخمة او مبهرجة ,بعيدون كل البعد عن الكبرياء الاجوف متواضعون لشعبهم اشد التواضع.
لايجلسون في قصورهم او بروجهم العاجية معتمدين على تواصل خدمهم واذنابهم مع الناس كما هو حاصل عندنا,لايستنكفون من توزيع دعايتهم الانتخابية بانفسهم, ولا يخدمهم احد في شي بل هم يطبقون قاعدة اخدم نفسك بنفسك.
وجدتهم مستعدون لمناقشة اي احد لوقت غير محدد دون سؤاله حتى عن اسمه او عن توجهاته الفكرية او الثقافية...فقط انت تسال وهم يجيبون.
في تلك اللحظات القليلات ادركت اهم اسرار نجاح هذا البلد واكبر اسرار فشل العراق, ففي المانيا تكون مصلحة النائب من مصلحة الوطن, وفي العراق مصلحة الوطن كله من مصلحة النائب او رئيس حزب النائب...هذا هو الفرق بيننا وبينهم,في تلك اللحظات التاملية قررت ارتجالا كتابة هذا الموضوع وتصوير المرشحين كما هم في السوق بلا تزويق او مونتاج او ميكياج,متمنيا ان يمن الله علينا باشخاص يقلدونم في تواضعهم او ان يهدينا الله ان نبتعد عن تعظيم الفرد واذلال الوطن للافرد,وايضا حتى لايتهمني احد بالمبالغة او الانحياز لصالح بلد المهجر على حساب بلدي الام..العراق.
لقد صورت كلا من السيد مارتين بك عن حزب الخضر والسيد ايلكين اويزيك عن الحزب الاشتراكي والسيدة كادريا كاركي او كما نسميها بالعربية قادرية كاركي عن حزب اليسار...لقد اخذت من كل حزب فردا.
واتمنى ان ارى السياسي العراقي يعمل لصالح بلده متطوعا لاطامعا,اتمنى ان اراه حرا لاعبدا لرئيس حزبه,اتمنى ان اراه نظيف اليد عفيف النفس...عندها ساطلب من الالمان تقليدنا !!!...والاحلام غير ممنوعة.
الكاتب المستقل :عدنان شمخي جابر الجعفري
[email protected]
برلين
