نهر الحياة وسفينة النجاة/عباس ساجت الغزي
Fri, 13 Dec 2013 الساعة : 18:20

كل عام يتدفق نهر الحياة في بقاع العالم من نبع عراقي عذب سلسبيل يركب فيه الناس سفينة النجاة وجهتهم الجنة وسقاة ذاك الحوض المعين من نهر الكوثر , نهر لا اله الا الله الممتد عبر ربوع العالم ليعانق شمس الشموس وسارية الحرية في كربلاء الشهادة والقدسية .
الكثيرون من المراقبين لجريان هذا النهر تدهشهم بركات هذا المد الذي لا يضل فيه الانسان ولا يشقى ولا يجوع فيه ولا يظمأ وكلما توغل في المسير زاد وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }الزمر61 عزيمة واصرارا على المضي لهدف اسمى من الدنيا ومطامعها , بل يكاد يطلق الدنيا وهو يلتفت الى الوراء حيث الشياطين مكبلة بالسلاسل لا تقوى على المسير في هذا الطريق بل حتى صوت الشيطان اخرسته اصوات الجحافل وهي تنادي لبيك يا حسين ويطلقها صيحة يا دنيا غري غيري.
وللمسيرة الحسينية الراجلة فقه لا يدرك مغزاه وغايته الا من سار وخدم في هذا الطريق , فالمسالة ليست ثأر لفاجعة او لمقتل سبط الرسول ( ص) !! لو كان الامر بهذه الصورة لكانت ثورة الحسين انتهت بأخذ المختار الثقفي لثأر الحسين وقيامه بالقصاص من جميع قتلة الحسين واهل بيته , حيث قال فيه الامام السجاد " الحمد لله الذي أدرك لي ثأري من عدوّي وجزى الله المختار خيراً " ( بحار الأنوار 45: 344|13) .
والحقيقة واضحة لمن يدرك قوله تعالى ( كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَراً ) الكهف33 ومن الآية الكريمة نستنتج ان الجنتين هما ( كتاب الله ) و( العترة الطاهرة ) لقول الرسول (ص) " إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا " وبعد ان اتت كلتا الجنتين اكلها في تبصير الناس وتوعيتهم بالأهداف السامية للرسالة الاسلامية وتصحيح مساراتها من الانحراف عبر مراحلها , كان لابد من وجود معين لا ينضب يواكب الحياة بدلالة خاتمة الآية الكريمة " فجرنا خلالهما نهراً " وهذا نهر الحياة الذي نراه اليوم وهو يجسد الالتزام بالتمسك بالقرآن والعترة الطاهرة والحفاظ على الرسالة الاسلامية من الانحراف في كل زمان وحتى قيام الساعة .
والسائرون بهذا الطريق طوبى لهم الفوز بالجنة لقوله تعالى (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَر)ٍ القمر54 , فقد تمسكوا بكتاب الله والعترة الطاهرة وركبوا سفينة النجاة وحملوا مصباح الهدى شعاراً لمسيرتهم ليصنعوا نهر الحياة لينالوا باستحقاق درجة المتقين , ويحشرون يوم القيامة للرحمن وفداً كما ساروا في الدنيا وفداً من اجل اعلاء كلمة الله واحياء وتعظيم شعائر الله لقوله تعالى ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً ) مريم85.
وليعلم المشككين ( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً ) النبأ31 وان الله ينصرهم ويثبت اقدامهم ( وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) الزمر61.
عباس ساجت الغزي


