صديقي العزيز ماديبا/حيدر الجابر

Tue, 10 Dec 2013 الساعة : 11:10

نقف بكل احترام أمام تشييعك يا صديقي العزيز «مانديلا»، لقد رحلت وتركت عالماً متغيراً بفضلك أنت ورفاقك، أعوام السجن الطويلة طهرت جنوب إفريقيا من «الابارتهايد»، ومسحت واحدة من اعرق أشكال التمييز في العصر الحديث. 95 عاماً هي عمر «مهماتما» جنوب إفريقيا، عاش 27 منها في السجن، لأنه فكر بأبسط حقوقه: أن يكون حراً. لم يدافع صديقي العزيز «ماديبا» عن اللون الأسود فقط، كان يرفض «هيمنة البيض على السود وهيمنة السود على البيض» في بلاد «قوس قزح». رحل «نلسون مانديلا» إلى الأبد مجبراً العالم على تذكره، عالم صعد إلى سطحه الفاشست والانتهازيون وتجار السلاح. ناضل «مانديلا» من أجل عالم حر تُضمن فيه حقوق الإنسانية للجميع، ثم صار رمزاً لكل طالبي الحرية.
لم يهرول «مانديلا» إلى سدة الحكم، ولم يقم بتطهير عرقي مضاد، انتُخب أول رئيس شرعي اسود في البلاد، ودعا إلى المصالحة ونفذها. وحين انتهت ولايته الرئاسية قرر أن يسمح للجيل الجديد بتنفيذ رؤاه، وترك بلداً آخر ما يفكر فيه هو التمييز. ولم يعتزل العالم ليكتب مذكراته، بل استغل تاريخه الطويل لمحاربة الجهل والفقر والمرض، وحتى آخر أيامه كان شجرة معطاء، أضاف اسمه بكل استحقاق إلى سجل الخالدين، رحل بعد أن أنجز مهمته، وسجل تاريخاً ترفع له القبعات.
من يناضل ويفني حياته من اجل قيم إنسانية سامية كالحرية والمساواة يستحق التكريم، ومن يفني حياته من اجل مكاسب شخصية أو حزبية أو فئوية وإن غلّفها بعناوين دينية أو مذهبية ولا تشتمل على قيم المساواة والحرية للإنسان بغض النظر عن انتماءاته، فسيذهب في عالم النسيان وأحياناً تطاله اللعنة أيضاً.. اليوم، «مانديلا» لا يكرمه فقط المواطنون السود في جنوب إفريقيا، بل كل محبي الحرية والمساواة، وهذا ثمر النضال من اجل الإنسان وليس من اجل مسميات أخرى تستعبد الإنسان أو تنتهك كرامته أو تسفك دمه. لقد فقدت الإنسانية إنساناً، «مانديلا رجل السلام».. نقل جنوب إفريقيا من النظام العنصري إلى النظام الإنساني.. «مانديلا» رمز عالمي للسلام والعدالة.
صديقي العزيز «ماديبا»، وداعاً، لقد رحلت وتركت عالماً يمتلئ بالبشر ويفتقد للناس.
جريدة المؤتمر

Share |