الذكاء والوطن.. عراقياً/حيدر الجابر
Wed, 4 Dec 2013 الساعة : 0:17

أظهرت خريطة تفاعلية نشرها موقع (targetmap) متوسط مستوى الذكاء في دول العالم، وفيها تصدر العراق العرب والمركز 83 عالمياً. هذا الخبر أثار ارتياحاً فقدناه، فقد تعودنا على سماع الأخبار المثبطة والمحبطة. امتلأت ذاكرتنا بالمفخخات والموت، والسرقات والفساد، ثم خسارات لا نهاية لها في الرياضة، وانتكاسات على صعيد السياسة الخارجية، وطن يصدمنا في كل يوم بما ساء، وطن يتقن تاريخه وحاضره فن التراجع في كل الصعد، أما مستقبله فلا يلوح الضوء في نهاية نفقه المتداعي، هكذا هو الإحساس في العراق الذي يربض على سبعة آلاف عام من الحضارة، وبحر هائل من النفط، وحديثاً معدل ذكاء مرتفع.
ربما يتساءل البعض: مع معدل الذكاء الذي اكتُشِف فجأة، كيف وصلنا الى حال السوء الذي نعيش فيه؟ وسؤال أهم: أين هؤلاء الأذكياء ليحكموا البلد أو لينقلوه من حال إلى حال؟ والجواب صعب، ربما أصعب من السؤال نفسه. وهو يتعلق بأساليب الإدارة العتيقة التي كبّلت البلاد منذ قيام الدولة العراقية الحديثة، ودواء الديمقراطية الذي أسيء استعماله، فضرّ كثيراً ونفع قليلاً. البحث عن أسباب التردي في العراق تحتاج الى مراكز دراسات وبحوث لتقرّ في نظريات علمية محترمة، أما معالجتها فتحتاج إلى ضمير نزيه ويد بيضاء، عند ذاك يمكن ان نستثمر الذكاء العراقي المخزون، وأن نعيد أخبار الإبداع الى واجهتنا العامة.
بعيداً عن التشفي بالأغبياء العرب الذين يعيشون مطمئنين آمنين في أوطانهم، أرى أن الذكاء العراقي ولد نتيجة ظروف الواقع العراقي، ديموغرافياً ومذهبياً وجغرافياً واجتماعياً، بمعنى آخر أن الشيعة والسنة والأكراد والعرب والتركمان والجبال والصحراء والنهرين كلها عوامل صنعت هذا المعدل الذي يبعث على الفخر. ولو افترضنا ان عاملاً فُقد من هذه العوامل لاختلف معدل الذكاء، ولو اضيف اليها عامل لاختلف كذلك. شيء يبعث على الامل والثقة بالنفس وبالوطن، ان يشعر العراقي بمميزات تضعه في مكانته المفقودة منذ عقود. علينا ان نستثمر هذا الذكاء، بتصحيح الأوضاع المزرية، وتعديل نمطية الحياة والتفكير، فضياع النفط والتربة الخصبة ومياه النهرين لا تعني بالضرورة لزوم ضياع الذكاء العراقي.


