التوجه الروحي والخواء الثقافي /طاهر مسلم البكاء
Thu, 28 Nov 2013 الساعة : 1:55

لم يستغل الأنجذاب الروحي العفوي لدى عامة الناس في مجتمعنا لتوجيههم الوجهة التي تخدم تثقيفهم وزيادة الوعي لديهم وخاصة في الأمور المهمة والمصيرية والتي تتعلق بتحسين حياتهم العادية وتسيير أمور البلاد عامة ،وتدعيم السلطة المدنية ببروز زعامات كفوءة ونزيهة في عموم البلاد .
ان الظروف التي مر بها العراق حتمت أنتشار الأمية والتسرب من المراحل الدراسية الأولية و بنسب عالية وبالتالي أصبح المواطن بعيد عن أي طريق تعليمي وتثقيفي خاصة إذا علمنا أن القراءة العامة التي كان يتميز بها العراقي وبشكل واسع قد تضاءلت بقوة بسبب من دخول الوسائل الأعلامية الحديثة كالأنترنيت والفضائيات والموبايل والتي هي من الوسائل الحديثة والتي لايمكن ان تؤثر بصورة ايجابية في التثقيف العام بقدر ما تلحق من انبهار وضياع للوقت لايسد ما كان يوفره الكتاب والصحيفة اليومية الهادفة ،وبالتالي يصبح التثقيف الحياتي العام بأستغلال التوجه الديني والروحي بديلا ً ذا أهمية كبيرة جدا ً ،كونه يوفر ندوات مستمرة تشمل اطياف واسعة من البنية العراقية .
مجالس العزاء :
مجالس العزاء هي حلقات تتكرر بأعداد كبيرة في أوساط مجتمعنا وتشمل مستويات ثقافية بمديات واسعة تمتد من الأمي الذي لم يقرأ شيئا ً في حياته الى أعلى الشهادات في مجتمعنا ،وهي توفر بذلك طيفا ً من الحضورً الجماهيري يقل نظيره في أي ندوات اخرى ، غير اننا إذا استثنينا الثواب الآخروي المنشود، فأن عمق الفائدة الدنيوية التثقيفية تعتمد على مجموعة عوامل منها :
- المستوى الثقافي والخطابي للخطيب .
- المواضيع التي يتم تناولها وطرحها ومدى قربها أو بعدها من هموم وحاجات المواطن .
- مقدار تلقي واسـتيعاب المشـارك .
- ومدى تطبيقه الفعلي للأفكـار المطروحة ،بحيث اذا وجهت هذه المواضيع وجه صحيحة فأننا يمكن ان نرفد المواطن بمعلومات واسعة عن أموره الحياتية المهمة .
الأحزاب السياسية :
استخدمت هذه المجالس على نطاق واسع من قبل الأحزاب الدينية بعد العام 2003 لتوفير طيف واسع من الناخبين والمؤيدين لهذه الأحزاب ،والتي استفادت منها في الحصول على مناصب قيادية وفائدة أعضاءها ذاتهم ولكنها لم تحقق الهدف الذي نتكلم عنه في التثقيف العام والفائدة العامة ،وبدت العامة تنظر بعدم رضا لأغلب هذه الأحزاب بسبب من تجارب سابقة أثرى من خلالها أعضاء هذه الأحزاب دون ان تنال العامة ولو بتحسين الخدمة العامة .
انتشار عادات واندثار أخرى :
ان انتشار بعض المظاهر والممارسات التي لم يدعو لها الدين وخبو واندثار أخرى رغم مناداة الدين بها ، يعود الى انها تخاطب العاطفة والتي لاتحتاج الى وعي وثقافة ،فعلى سبيل المثال شعيرة التطبير التي يلجأ اليها العديد في المراسم الحسينية ،وعند الرجوع الى المراجع البارزين ، لم نجد ان أحدهم دعا الى ممارستها ،لابل أن الكثير منهم رفضها وأعتبرها دخيلة على تعاليم الدين الأسلامي الذي يحرم إيذاء النفس ، أما الأمام الحسين فقد كانت ثورته على الظلم والطغيان والأنحراف في عصره وبالتالي اصبحت ثورته منارا ًيستنهض الثوار في كل عصر وجد فيه ظلم وجور ،أي أنه دعى الثوار الى توجيه سيوفهم الى الظلمة والطغاة ولم يدعو الى ان نضرب رؤوسنا بها ! ولكن رغم كل ذلك فهذه العادة الدخيلة تزداد ولا تزول ،وقد وجد فيها أعداء الأسلام مادة للنيل من سماحة الدين الحنيف ونبله .
وبالمقابل فأن عادات وممارسات حميدة مهمة مثل أحترا م وتقديس العمل والواجب وطلب العلم و أعتياد النظافة في البيت والشارع والمرافق العامة الأخرى والمحافظة عليها ، والتكاتف والتآزر الأجتماعي .. وغيرها مما يوفر قوة للفرد والمجتمع ، هي تكاد ان تتضاءل ،وتشيع بدلا ً عنها الممارسات المعاكسة الضارة .
بماذا يمكن ان تفيد مجالس العزاء :
اذا كانت حيادية لا تميل الى حزب بعينه فيمكن ان تناقش بموضوعية ما يهم الناس ويؤثر في حياتهم العامة ، حيث يمكن ان تؤدي دورا ً كبيرا ً إذا وجهت بما يخدم كيفية وصول الأشخاص ذوي الكفاءة والنزاهة الى المناصب القيادية ، كما يمكن ان تضع ضوابط للدفاع المشترك عن الحقوق العامة وتوفير الخدمات وتوفير ندوات تثقيفية عامة تخاطب الحاجات الأساسية ، وقد تكون هذه مهمة رجال الدين ممن ينالون تعليما ً جامعيا ً ثم يلتحقون بالحوزة العلمية وهم كثر ، غير ان هناك في المقابل من يتطاول الى الخطابة وهو قليل الثقافة والأعلمية،وهم كثر ايضا ً، مما يولد نتائج عكسية .