" كمر سز "/عبد الكاظم حسن الجابري

Mon, 25 Nov 2013 الساعة : 0:54

"تلعب الملابس دورا هاما في حياة الأفراد وتؤثر عليهم تأثيرا قد ينعكس على شخصياتهم وأعمالهم، وفي علاقاتهم بالآخرين".
إن الهيئة الخارجية للشخص, تعتبر أول صورة انطباعية عن طبيعته, وتلعب الملابس دورا هاماً في هذه الصورة.
من خلال نوعية وطريقة البس, يمكن الحكم على الأفراد مبدئياً, رغم إن الانطباع الأول, ليس بالضرورة أن يكون صحيحاٍ.
لكن هناك ملابس تعطي انطباع حقيقي لشخصية الفرد, وخصوصا تلك الملابس التي يرتديها بعض الشباب المنحرف.
لقد أصبح صراع الموضة صراع حضاري, صراع بين محاولة الحفاظ على الموروث الاجتماعي للشعوب, وبين عولمة البس أي بمعنى التقليد للمجتمعات الأخرى.
إن الملابس بطبيعتها غالبا ما تعبر عن طبيعة مجتمع بأكمله, وتعتبر البصمة الأساسية له, فمثلا اليشماغ والعقال والأزياء الهندية وأزياء البوذيين .. الخ تعتبر مفاتيح تعريف للشعوب المرتدية ذلك الزي, فيمكنك أيها القارئ الكريم أن تحكم من أول نظرة على من يرتدي العقال بأنه عربي دون تردد أو تأمل وهكذا لبقية الشعوب ذات اللون الواحد في الزي.
وفي خضم الانفتاح العالمي بفضل وسائل الاتصال والتواصل الحديثة, كالقنوات الفضائية والانترنت, أصبحت الأزياء و"موديلاتها" تأخذ مأخذها من ثقافات الشعوب وتكاد تكون بدأت برسم طبيعية مجتمعية مغايرة لتلك الشعوب.
يقول الدكتور حسين الخزاعي اختصاص علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية "أن الإنسان لديه رغبة دائمة في مواكبة التطورات ومن ضمنها الموضة والصرعات الحديثة وبخاصة إذا كان في بيئة تتقبل فكرة الانتقال السريع في الحضارة" .
وفي مجتمعنا العراقي, أصبحت الموضة, تتخذ أشكالا وألوانا مختلفة, واغلبها غريبة عن واقعنا بل مسيئة للذوق العام وللمنظومة الأخلاقية العراقية بصورة عامة, تلك المنظومة التي تتسم بغالبيتها بالطابع الديني والعشائري الأصيل.
فموجات الملابس النسائية, المتجاوزة للمعايير الأخلاقية أصبحت رائجة في هذه الفترة, (كالفيزون, والستريج, والبدي ...الخ).
لقد أصبحت الملابس, بعد هذا التردي الواضح في التفكير والسلوك, والابتعاد عن الدين وغياب التوجيه, أصبحت أزياء منحطة ومنافية لأبسط معايير حسن السلوك, فقد برز في الآونة الأخيرة لدى الشباب الذكور ظاهرة البنطلون الذي يطلق عليه اصطلاحاً "كمر سز" حيث يرتدي الشاب بنطالاً ينزل "كمره" إلى منتصف عجيزته مما يظهر عورته بصورة فاضحة.
إن التقليد في طريقة اللبس أوصلت الشباب إلى هذه الضحالة والمستوى الهابط في الملبس.
يقول الدكتور حسين خزاعي " إن التقليد الأعمى هو ما يتحكم في طريقة لباس الشخص ، وهذا ما وضعته وسائل الاتصال الحديثة وعلى رأسها القنوات الفضائية والإنترنت" .
إن هذا السلوك المتردي, يعتبر بداية انهيار المنظومة الأخلاقية للمجتمع العراقي, وان هذا التردي له أسباب عديدة, ومن أهم هذه الأسباب, غياب الدور الرقابي والتوجيهي لرب الأسرة وانشغاله بالعمل, وكذلك غياب التوجيه التربوي في المدارس والمؤسسات التعليمية, وابتعاد الشباب عن المؤسسة الدينية, والفراغ وعدم استثمار الوقت, والتأثر بالتكنولوجيا الحديثة كالانترنت ,وغياب المؤسسات والمنظمات المجتمعية المهتمة بالحفاظ على الإرث الحضاري والثقافي للمجتمع.
يشير الدكتور خزاعي إلى بعض الأسباب التي أدت إلى هذا التحول في الصبغة المجتمعية في مجتمعاتنا العربية ويقول " أن المجتمعات العربية أصبحت مشدودة إلى الاستهلاك جراء أساليب التسويق الجذابة ، إلى جانب دور الأسرة في الرقابة والتوجيه بسبب انشغال رب الأسرة بتأمين متطلبات الاحتياجات الأساسية ، ودخول التكنولوجيا من أوسع الأبواب إلى البيوت".
خلاصة القول إن ديننا حثنا على تحسين الثياب وتزيين المظهر, وعلى الحشمة في الملبس, كذلك فان موروثنا الاجتماعي ينفر من هكذا أزياء تسئ للفرد والمجتمع, لذا فان على الأسرة والمؤسسات المعنية بشؤون المجتمع أن تأخذ دورها في توجيه الشباب نحو ثقافة حضارية تحافظ على التقاليد وتساير العصر الحديث دون مسح للهوية الاجتماعية لمجتمعنا.

Share |