المطر وبناء من كارتون/طاهر مسلم البكاء
Thu, 21 Nov 2013 الساعة : 0:57

كان الشائع في الشارع العراقي وقت الديكتاتورية ،ان العراق غني بايراداته النفطية وموارده الأخرى غير ان سياسات الدكتاتور الهوجاء واستخدامه نسبة عالية من الموارد العراقية لأهوائه ونزواته السخصية ومصروفات عائلته هو ما يفقر العراق وشعبه ، ويؤخره عن اللحاق بركب العالم المتحضر .
واليوم وبعد عشرة سنوات على سقوط النظام الديكتاتوري ،واستبشار العراقيون وامالهم في حياة جديدة مختلفة ماذا كانت النتيجة ؟
بلد متقدم بالفساد الأداري والمالي والتزوير ومتأخر بالبناء والعمران : لاكهرباء نظامية ، لاخدمات أساسية كافية ، أهمال وهجرة جماعية للكفاءات وتميز لآخرين تحت مسميات عديدة تبتعد كليا ً عن الكفاءة ، أعتماد كلي على الأستيراد في الغذاء والدواء والصناعات الأخرى، أهمال كامل للمنشآت الصناعية التي تنتشر من شمال العراق الى جنوبه ، أهمال الأراضي الزراعية الشاسعة وترك الزراعة معتمدة على العشوائية وعدم أستنهاظ الناتج الزراعي بأسعار محفزة تشجيعية ،عدم الأستفادة من السياحة كنشاط أقتصادي مهم، ولاتزال أذرع الدولة قاصرة عن الحد من القتل اليومي للعراقيين وأزالة الظلامية التي بدأت تشوش تفكير العراقيين حول المستقبل .
يعيش العراقي بين لعل وعسى على أمل تغيير الأمور نحو الأحسن ، ولكن الأمور لاتوحي بمثل هذا التغيير ، فالأوضاع نفسها ،ولايمر يوم دون ان تتناقل وسائل الأعلام مقتل العشرات وسقوط المئات من الجرحى .
المطر وكشف المستور :
مع ان أجواء المطر تحمل أجواء شاعرية يمكن التمتع بها واستغلالها للنزهة ،كما أنه خير عظيم تستفيد منه الدول الأخرى للأغراض الزراعية وتوفير المياه ،غير ان أمطار هذا العام حملت نذر الفيضان وانهيار المنازل القديمة واغلاق شوارع المدن وأعلان حالات الطوارئ ،وانكشاف أهتراء الخدمات التي كانت تقدم للمواطن بصورة شكلية ، فمشاريع عملاقة صرف عليها ملايين الدولارات ،ظهرت أخيرا ً أنها لاتعمل بالصورة الصحيحة وأنها نفذت بمواصفات رديئة ، واضطرت الدولة للتعطل عن العمل بعد غرق الشوارع وأغلاقها والتهديد بأنهيار المباني ، فما ذا لو أستمرت الأمطار على هذا المعدل ؟ ستستمر الدولة معطلة طيلة الموسم .
السبب الرئيس سوء التنفيذ :
كان فيما سبق يتم التعاقد مع افضل الشركات العالمية لتنفيذ ما يعهد من مشاريع وكانت تنفذ بشكل رائع ومدهش ،حيث توفر الخبرة والضمير لدى المنفذ والمتابع والمستلم ، ولكننا اليوم في حيره ودهشة من كل ما يجري ، ليس هناك تنفيذ بالمعنى اللا ّئق ، وأغلب الشركات التي تتطاول للتنفيذ هي ليست شركات ولا يعرف كيف حصلت على رتب التصنيف التي تمتلكها ومن الذي منحها هذه الرتب ، ان كل ما يعنيها هو الأرباح ولاتعنيها السمعة لأنها أصلا ً دخلت المنافسة بدون ان يطلب منها شهادة خبرة وأعمال مماثلة ،وبدلا ً من أن تستفيد شركاتنا الناشئة من الفرصة التي توفرت لها من جراء الوضع الأمني وبالتالي عدم منافسة الشركات الأجنبية لها ، في أثبات الذات والمنافسة الحقيقية فقد أوغلت وتطرفت في اللا أبالية وسوء التنفيذ وبالتالي اساءت للمواطن العراقي ولسمعتها .
لقد بدى بناءنا طيلة عشرة سنوات بناءا ً من الكارتون ، ما أن سقط المطر بصورة كثيفة إلا ً وذاب وتهاوى تحت وقع زخات المطر وبدى على صورة واهنة لايوازي المبالغ الكبيرة التي صرفت لأجله .