حرائق الغابات في العراق-عقيل عبد الجواد

Sun, 7 Aug 2011 الساعة : 9:52

 كنا خارج نطاق الزمن , دولة مغلقة لا يصلها من أمواج التغيير الهائلة إلا بمقدار قطرات ضئيلة .
وبعد التحرير تغير الحال وسقطت الجدارن العازلة واصبح العالم مكشوف لنا واصبحنا مكشوفين له .
فبدأنا باستخدام الانترنت والهاتف المحمول ورأينا الفضائيات ..
والحق لا بد ان يقال ان المسؤوليين عندنا امتازوا بنفاذ البصيرة وبُعد النظر ولذا لم يكتفوا ان يدخل الى العراق الأمور الثلاثة المذكورة بل فكروا وشرعوا بإدخال معظم ان لم يكن جميع الانشطة البشرية والتي من شأنها ان تستهلك اوقات الشباب لدرجة يصبحوا معها حائرين بأي نشاط ينشغلون كما أنها تجعل من دولتنا فتية الانفتاح محط اهتمام الأعلام العالمي .
لذا بدأوا بأدخال رياضة التجديف في ما تبقى من نهري دجلة والفرات والقفز بالمظلات والطيران الشراعي والانزلاقي والفروسية والتسلق – للجبال الصناعية بطبيعة الحال- ....الخ
حتى انهم طرحوا فكرة اقامة رالي في العراق على غرار رالي باريس – داكار والشرق الأوسط واقترح بعضهم ان يتم الرالي – رالي الفرات - في حوض الفرات بعد جفافه بدلاً من الصحراء كسابقة لا تخلو من طرافة .

ويا ليت الامر وقف عند هذا الحد بل ان وسع خيال بعض المسؤولين ورغبتهم الجامحة بتقليد واقتباس كل ما يجري في الدنيا ..
جعلتهم يقررون ان يجعلوا من العراق اخضر ويزرعوا فيه كل انواع الأشجار لا حبا ً في اللون الاخضر والتقليل من اثر الغبار او تلطيف الجو فقط بل – وكان السبب الرئيسي- ان تحصل لدينا حرائق غابات كما هو حاصل في امريكا وفرنسا واستراليا واسبانيا فهذه الدول ليست احسن منا ونحن لسنا منها بأقل .

ولن انسى ذلك الزاير او المسؤول - [ والزاير كانت تسمية تطلق على من كانوا يزورون الامام الرضا ع في السابق لندرة من كانوا يتشرفون بذلك ]وذلك لندرة ظهورهم على الفضائيات - والذي تحدث بحرقة أعصاب حول ان العراق دخل كل نادي في العالم ولم يتبق َ إلا نادي حرائق الغابات
وبصراحة فقد بدا منطقا ً مُقنِعا ً.
فتمت المباشرة بالخطة كما هو عهدنا مع المشاريع الستراتيجية كميناء البصرة –ان لا نتأخر بها ولو طرفة عين خيفة ان يسبقنا اليها غيرنا .
لكن وبعد فترة وجيزة ثبت فشل المشروع ..لكن كيف وهيهات منا الفشل نحن العراقيين
فخطر ببال مسؤولينا - وربما كان زاير درويش ذاته – هو من اقترح ان يستبدلوا حرائق الغابات بحرائق المكاتب .

وبعد ان اقر المشروع بمجلس الوزراء ومصادقة البرلمان عليه ..
لم تبق وزارة كوزارة النفط او الكهرباء او الداخلية ولا هيئات وطنية كالبنك المركزي ولا مجلس بلدي ولا مستشفى كمستشفانا في الناصرية إلا واحترق .
ولم يكن من الصدفة ان تحدث جميع الحرائق في غرف الملفات المهمة واوراق الحسابات الختامية والمصروفات إذ ان النار كما هو معلوم تتغذى على الأوراق حتى وان كانت اوراق الفساد المالي .

ان سرقة اموال الشعب ظلم والظلم رغم سوئه فهناك ما هو اسوأ منه وهو استهزاء الظالم بالمظلوم .
فحرائق الغابات – حرائق المكاتب – هي استهزاء صارخ بالشعب فالمسؤول يخبره من خلال الحريق وبكل صلف انني مللت من عمل لجان تحقيق عاليسوا والمايسوا حتى تجاوز عددها المئات لذا كان الحريق الحل الانجح اذ سينسى الموضوع الأصلي واذا حصل شبه تحقيق بالجريمة الفرعية - الحريق - فالجواب جاهز تماس كهربائي .
ان الله عندما بعث نبيه بالنبوة آذته قريش أيما ايذاء وعندما اراد سبحانه ان يُثّبت على قلب نبيه قال له انه سيكفيه امرهم " انا كفيناك المستهزئين "
والملفت للنظر ان الله من بين كل صفاتهم .. الكفار والمشركين والمعاندين والمتكبرين والظالمين والعاصين اختار صفة المستهزئين لعلمه سبحانه أنها اشد ايلاما ً على نبيه . فحصل ما بشر به الله نبيه بان أبادهم في واقعة بدر الكبرى .

وتماشيا ًمع سنة الله ورسوله اقول اللهم اكفنا المستهزئين من اصحاب الفساد المالي واصحاب الحرائق واصحاب الفنادق والعقارات والحفلات ...
وتماشيا ً مع واقعنا العراقي وتاريخنا أقول ...فال اسود الفاولنا بيه اول المتسكعين المتسكع عبد السلام عارف ببيانه رقم واحد " نحن منكم واليكم وفي خدمتكم " [ مو احنا كاعدين بمطعم ] .
فما اشبهه بخطاب المرشحين للانتخابات " اختاروني حتى اخدمكم رجاء ً " وما اشبه اليوم بالبارحة .
ولينتقم الله من انقلاب 58 لأنه لم ينجح ومنذ ساعتها إلا ان جاب اللنا بس وين الشاف ما شاف .

[email protected]

 

Share |