المشروع الإصلاحي للثورة الحسينية/عبدالستار الاسماعيلي

Wed, 20 Nov 2013 الساعة : 3:13

لانعدو الصواب اذا قلنا ان الثوره الحسينية استثناء                              من كافة الثورات والتحركات التي قامت في تاريخ                         الانسانيه .. والتغييرات التي حصلت في حياة الأمم والشعوب           كانت وليدة ثورات وانقلابات وتحركات تتجه نحو بناء                     انظمه جديده بعد ان تنسف ما قبلها فتنشأ نتيجة ذلك                       أنماط مستحدثه في جوانب الحياة المختلفه .. وتلك قاعده                   سارت عليها الدول , تقوم دوله وتسقط أخرى , يبدأ منهج        وينتهي آخر , ويسود نظام لفتره ويتلاشئ في فتره لاحقه .
وهذا هو تاريخ الدول بين أيدينا يطلعنا ويدلنا على                         ثورات قامت , ودول انشئت , وانظمه سادت وسلالات حكمت                ثم تلاشت وانتهت وكانت خبر من الأخبار .

الثوره الحسينية استثناء من ذلك كما قلنا .. لماذا ؟ لأنها تمثل مشروعاً اصلاحياً لكل ما له صله بحياة الانسانيه .. وإذا كان هذا المشروع الاصلاحي قد انطلق في ذلك العصر فأنه غير منحصر في مقارعة انحراف النظام القائم آنذاك وان كان سبباً مباشراً لقيام الثوره , بما يمثله نظام يزيد اللعين من خروج على النظم الاسلاميه , والقيم الاخلاقيه , بالشكل الذي أدى الى شيوع الانحراف والفساد وأتباع سياسة التضليل وقلب الحقائق         والمفاهيم .. لذا كانت المواجهه الأولى مع نظام يزيد بأعتباره            احد مصاديق الانحراف في زمانه .. وهكذا كانت بداية المشروع الاصلاحي للثوره الحسينيه مواجهه مع مفاهيم فاسده أراد                 لها طاغية ذلك الزمان ان تسود , وغني عن البيان ان رجالات الثوره قاموا بدورهم أحسن قيام , بأداء متميز لانجد له نظيراً في التاريخ , وبساله شهد بها الأعداء قبل الموالين , وكانت المبادئ التي انطلقت من اجلها الثوره حاضره في كل موقف رغم صعوبة الظروف . تلك المواجهه كانت تأسيساً لمواجهات لاحقه ضمن ذلك المشروع لاتنحصر بزمان ولاتختص بفتره بل تستهدف الانحراف أينما حل وفي أي زمان كان .. والنخبه التي خرجت مع                  الأمام الحسين (عليه السلام ) على قلة العدة والعدد وخذلان الناصر كانوا يمثلون الرواد الأوائل المؤسسين لمشروع الثوره الحسينيه .. وقد التحقت بهذا المشروع النهضوي أجيال متعدده على مر القرون اخذت على عاتقها اذكاء جذوة الشعله                     التي انطلقت منها الثوره ومقارعة الطواغيت في كل مكان                 وزمان , فكان هذا السجل الرائع الملئ بملامح التضحيه                والشهاده , ونحن نعيش أجواء ذكرى هذه الملحمه العظيمه . دعونا نتساءل ما هو مقدار فهمنا لمشروع الثوره الحسينيه الاصلاحي ؟ ما هي المسافه التي تفصلنا عن روح الثوره الى النقطه التي نقف عليها من خلال سلوكنا اليومي ؟ كم نحن بحاجه الى اعادة النظر في كثير من طقوس موروثه ترافق هذه المناسبه ؟ ما مساحة تحرك الوعي الفكري والسلوك الحضاري حيال ما يقع هنا وهناك من خروج على جوهر مبادئ الامام الحسين (عليه السلام ) اسئله كثيره تستوقفنا وتثير فينا علامات الاستغراب بسبب التناقض المشهود بين منطلقات ومبادئ الامام وتصرفات يقدم عليها البعض اقل ما يقال عنها أنها سلوكيات ساذجه لاتقوم على وعي وأدراك تحسب بشكل خاطئ على مسيرة الركب الحسيني    بسبب ما تعكسه هذه السلوكيات لأطراف كثيره                            فيتولد لديها قصور في فهم الملحمه الحسينيه . مما                          له نتائجه السلبيه على الواقع الاسلامي بشكل عام .

  • واجبنا اليوم تهذيب شعائرنا الحسينيه                                       من تلك التصرفات الدخيله وابراز الصوره                               النقيه لأنصار أبي عبد الله الحسين (عليه السلام ) .
  • واجبنا ان نوضح ونشرح ونفهم الاخرين مفردات المشروع
         الحسيني وأهدافه في الاصلاح ونشر الوعي
         واقامة العدل واسعاد الانسان على أسس الاسلام الصحيحه .
  • واجبنا ان نعيد النظر ونتوقف عند كل حاله
          دخيله طارئه لاتستقيم مع الخط الحسيني .
  • واجبنا ان نفهم ان المشروع الحسيني يعني
         المشروع الحضاري الهادف الى بناء الانسان
         وتقويم الحياة بمنطق العلم والمعرفه والسلوك المتوازن .
  • واجبنا ان كنا موالين للحسين (عليه السلام )
         حقاً ان نتخلق بأخلاقه ونقتدي بسيرته
         وان نلتزم بقواعد السلوك العام .
     

دعونا نطل على مشهد المناسبه لندقق في بعض الأمور المتكرره في كل عام بمنطق الاصلاح الحسيني لنتأمل في ظواهر منها :-
 

  • تداخل أصوات مكبرات الصوت وهي تطلق تسجيلات
        صوتيه هي اقرب للغناء والضجيج وبشكل يحدث نفوراً
        في الاسماع ويثير فوضى لامبرر لها .. وهذه ظاهره
        مستحدثه لم تكن مألوفه في العقود السابقه .. بل ان ما
        تحتفظ به الذاكره وما متداول من تسجيلات التراث الحسيني
        يشير الى أدب رصين وأداء عقلاني , وذوق سليم لايتوفر
        في المستحدث من بعض التسجيلات الطارئه .
  • من وجوه احترام ما انعم به الله تعالى علينا من نعم
        هو عدم ابتذالها ورميها مع النفايات , بينما نرى أكوام
        الاطعمه في الشوارع والساحات مرميه دون اكتراث .
  • من السلوك الحضاري تجنب طرق السير العام وفسح المجال
        امام المركبات والبحث عن أماكن بديله لأقامة الشعائر
        الحسينيه بينما الحال نجد ان بعض المواكب تتواجد
        في الشوارع العامه فتتعطل حركة السير الأمر الذي
        يؤدي الى أحداث خلل في نظام الحياة اليوميه للناس .
  • في أحلك ظروف معركة الطف العصيبه امر
        الامام الحسين (علية السلام ) ولده علي الاكبر
        (عليه السلام )بالأذان لصلاة الظهر وهذا يظهر لنا
         شدة اهتمام الامام بالصلاة والمحافظة على وقتها
        والحال ان البعض ينشغل عن الصلاة بطقوس المناسبة .
  • من أهم ما أكد عليه الامام الحسين (علية السلام )
        هو المحافظة على ستر المرأه وهذا ما نجده في
        وصاياه لأخته زينب (عليها السلام ) وما نراه احيانا ً
        قلة الاهتمام بهذا الجانب عند خروج بعض
        النساء مع المواكب الحسينيه .
  • يبرز في هذه المناسبه نشاط خطباء المنبر الحسيني
        ومع أنهم يؤدون دوراً يشكرون عليه في
       إشاعة الوعي ونشر الفكر الاسلامي الا ان البعض
       ينقل الى الناس روايات غير دقيقه مما يسبب
       تشويشاً في الأفكار وانقلاباً في المفاهيم .
       الأمر الذي يستدعي التعامل الدقيق في
       نقل الروايات والأحاديث والاخبار .

جوانب كثيره تستوقفنا وتلح علينا بأعادة النظر                          والاتجاه نحو تصحيح ما لايستيقم مع أسس الاسلام                    النقيه والمشروع الاصلاحي للثوره الحسينيه . والله الموفق .
 

 

Share |