ثورة الحسين ع ـ بين صناعة الوعي وثورة القيم/عصام الطائي

Tue, 19 Nov 2013 الساعة : 0:18

كان نتيجة لتراكم التقصيرات بحق الرسالة الاسلامية قد سبب نوع من الضبابية بحيث اضحت الناس يصعب عليها التمييز الواضح لمعرفة حقيقة الرجال فكان الكثير ينخدع بالرجال فيتصور ما دام فلان يقود المعركة اذن لا بد ان يكن هذا الرجل او ذاك عن الحق او كأن يكون الانتساب لعشيرة او لطائفة او لقومية او لفئة او لحزب هو الاساس في كون هذا الرجل او ذاك عن الحق فكل هذه الامور هامشية وغير واقعية في عنصر التشخيص وان الامام علي ع كان واضحا في توضيح مقياس معرفة الحق من الباطل فمن خلال جعل مقياس الحق نفسه هو الميزان لتمييز ومعرفة الرجال فالرجل السائر على درب الحق هو ممن يمثل الحق والا لا قيمة لكل الادعاءات الواهية في جعل الحق اسيرهذا الرجل او ذك فليس الحق ما قاله وفعله فلان بل الحق اصدق وعلى تعبير احد الحكماء الغربيين ( ليس الحق ما قاله افلاطون ولكن الحق اصدق ) .
وكان لتأثير ما يقوم به الرجال من الاخطاء والسلبيات والتجاوزات وبجعل لهم قدسية مزيفة قد سببت اثار سلبية على الامة والرسالة يقول السيد محمد باقر الصدر ( اليست تلك التقصيرات التي قصرتها الكثرة الكاثرة من المسلمين بحق الامام علي ع الم تتحول تلك التقصيرات الى فترة اكلت الاخضر واليابس اكلت الحسين عليه السلام الذي هو ابعد الناس عن التقصيرات في قول او عمل) فقد خلقت الشبهات حالة الفتن وكان اخطر ما في الامر في اثار الفتن هو تغيب الانسان المسلم عن الحقائق وابعاده عن الرسالة فقد تحول الامر الى حالة من القطيعة اتجاه اهل البيت عليهم السلام وسببت عزل اهل البيت عليهم السلام عن اداء دورهم الرسالي وقد تحول هذا العداء الى عقيدة في النفوس بعد قيام الكثير من المبغضين لاهل البيت منهم بالاخص ابن تيمية الى تحويل ذلك العداء والكراهية لاهل البيت الى عقيدة راسخة في النفوس وفي المقابل كان الدور لابن تيمية في اعلاء من شان بني امية وجعل لهم قدسية مزيفة كبديل لقدسية اهل البيت عليهم السلام فكان هذا السلوك يمثل اعلى مراحل الاقصاء والتهميش بحق مدرسة واتباع اهل البيت عليهم السلام.

واعظم شيء في ثورة الحسين ع انه استطاع ان يصنع الوعي في عقول الناس ويجعل القلوب تتشوق لمدرسة اهل البيت ع بعد محاولة معاوية ويزيد بجعل غشاوة عند الناس كي لا ترى افاق مدرسة اهل البيت عليهم السلام فكانت عملية الفرز التاريخي بين مدرسية مدرسة ال سفيان التي تحاول ان تجعل اللاوعي هو السائد عند الامة وبين مدرسة اهل البيت الذي استخدم ائمة اهل البيت كل ما يملكون من قدرات لجعل الوعي هو السائد في الامة وقد تألقت مدرسة اهل البيت بجهود ائمة وعلماء اهل البيت فحاولت تصحيح المسار نتيجة الانحراف من قبل بني امية وبني العباس فقد كان لاستشهاد الامام الحسين ع هو الاسلوب الذي من خلاله اضحت الامة تعي الانحراف فكان هذا الدم الزاكي السبب في صناعة الوعي بعد ان اضحت الكلمات عاجزة لا يمكن استيعابها عند الكثير لايصال كلمة الحق فكان دور الدم في ايقاظ عقول الكثيرالا ان الجزء الاكبر من المسلمين كان ولا زال اما في حالة كراهية واضحة كمعتنقي الفكر السلفي التكفيري او في حالة من الجفاء مع اهل البيت عليهم السلام من خلال عدم التفاعل معهم بصورة واقعية وحقيقية بل مجرد ادعاءات بحب اهل البيت.

وفي المسالة الاخرى كان دور ثورة الحسين ع هي العامل الاساسي في الحفاظ على قيم ومبادى الاسلام الذي حاولا بني امية وبني العباس انهاءها لذلك كان دور الامام الحسين ع في احياء تلك القيم الانسانية والاسلامية الا انه في المقابل كان هناك لدخول بعض القيم الغير اسلامية في النهضة الحسينية بجعلها قيم مقبولة عند الناس لها نوع من القدسية فكان من يساهم في جعل الاهتمام ينصب بالامور الشكلية لاحياء الثورة الحسينية وفق منطلق خاطى من خلال ترك الامور الضرورية في الثورة الحسينية وكان هناك من المصلحين ممن ساهم لازالة وازاحة تلك القيم الزائفة بالاخص في محاربة تدجين الثورة الحسينية لذلك كان ولا زال هناك صراع فكري وثقافي في داخل المدرسة الشيعية بين اتجاه يساهم في تدجين الثورة الحسينية من خلال التركيز كثيرا على الامور الشكلية وبين اتجاه يركز على مضامين الثورة الحسينية التي تمثل القيم الراقية والتي ثار من اجلها الامام الحسين ع .

وان الواقع الانساني يحتم على من يريد الخير للانسانية من ان يجعل مضامين الثورة الحسينية هي السائدة لوجود المظالم الكثيرة في الواقع الانساني اما الاهتمام بالامور الشكلية فهو يبعد البشرية من تحقيق اهدافها وهي بمعنى اخر تكرس للظلم لانها تجعل اهداف محدودة ونسبية وضئيلة لهذه الثورة ولو كانت الامة تعي مضامين الثورة الحسينية بصورة واقعية لما بقي طاغية يحكم على وجه الارض وان هناك من يسعى لاحتواء الثورة الحسينية واحتواء أي مسار يعمل على انهاض الشعوب ولقد كانت لصرخة علي شريعتي من خلال الفرز بين التشيع الواقعي الذي يمثله الامام علي ع الذي سماه التشيع العلوي وبين التشيع الذي يعمل على تدجين الثورة الحسينية وكذلك دورالشهيد المطهري في كتابه الملامح الحسينية قد وضع النقاط على الحروف من خلال بيان كثير من السلبيات على من يحاول احتواء الملحمة الحسينية بتدجينها بافكار بعيدة عن المصداقية من خلال كشف كثير من المظاهر السلبية ممن يحاول ان يتاجر بالثورة الحسينية او يتلبس بشعارها وكان العلامة الامين ممن ساهم في كشف واظهار الامور الدخيلة التي تجعل من ممارسة بعض الطقوس كامر له شرعية الا انه اثبت ان هذه الامور ليس لها صلة واقعية بالثورة الحسينية وكان دورالشيخ الوائلي من خلال جعل المنبر الحسيني يمثل الواقعية في الطرح لا المنبر الذي يكرس القيم الخاطئة وهكذا ساهم الكثير من العلماء والمصلحين في جعل القيم الواقعية لاجل احياء الثورة الحسينية من خلال رؤية واقعية بعيدا عن تدجين الثورة الحسينية وحاربوا كل من يساهم في عملية التدجين من الجهلاء الذين لا يرون في ثورة الحسين الا ذواتهم التي تتطفل على الثورة الحسينية لتحصل على المغانم والمكتسبات المادية ولتحقيق المصالح الشخصية والحزبية والفئوية والمناطقية .

عصام الطائي

Share |