في مسؤولية الكتّاب العراقيين في الحرب ضد الأرهاب/ حسين الشويلي
Sun, 17 Nov 2013 الساعة : 22:46

من مفاخر العراق أنّ ليس له مؤسسة كهنوتية تملك التحريم والتحليل وتقف بين الله والأنسان مسستغلة النزعة الفطرية للأنسان في التعبد لتخريب فطرة الأنسان وتحيله من كائن,, حضاري بالفطرة الى وحش,, يصدر الموت والرعب والخراب ويعبث بمستقبل الدول المجاورة له .
فالعراق ينتمي لحضارة عرفت الفروقات الدينية والأثنية , لعصور,, تمتد لعمق الأرض , حيث بدايات البشرية . وتعامل مجتمعه مع مختلف المدارس الأجتماعية المعروفة عالمياً كالأشتراكية والماركسية واليسارية وشيء من الرأسمالية على النسق الصيني المخفف !
تعايشت تلك الحضارات والمدارس على أختلاف منطلقاتها الفكرية بتوافقية كادت تختفي لقوة شدّها لبعضها كل فروقاتها الفكرية والعقيدية , وسبب تعايشها السلمي ينطلق من أيمانها المبدئي بأن المجتمع الأنساني لايمكن أن يتفق على كل شيء وعدم الأتفاق ليس معناه العداء , والفكر لايقرع الاّ بالفكر , والقوة والأكراه تأصيلاً للعنف والفوضى العارمة التي تبحث لها عن ثقب,, لتتسرب كحريق يلتهم الشعب والأرض .
قال الله تعالى في القرآن الكريم _ ( وكرمنا بني آدم ) والأكراه يستبطن المهانة للأنسان ويتنافى مع التكريم الذي منحه الله لبني البشر . ولهذا قال ( لاأكراه في الدين ) لأنه ينطلق من منطلق التكريم للأنسان .
وأي تجاوز على هذه النظرة الالهية الرحيمة للبشرية تعد خروج صريح على تعاليم الأسلام الذي أقرّ بالأختلاف ومنحه شرعية أنسانية \ دنيوية ..
والغير مسلم في بلاد المسلمين له نفس الواجبات والحقوق كأي مسلم مهما كان شأنه , وليس هنالك من يملك حق التغيير في مبادئ الدين ومبتنياته الفكرية لأن الله تعالى ختمه بألأية الكريمة ( اليوم أكملت لكم دينكم .... ) .
وأي تحايل وتلاعب في مبادئ الأسلام يعتبر عصيانا صريحا , من قبيل أكراه الناس على الأيمان أو الكفر أو الأخذ بهذا الرأي وترك ذالك الرأي بذريعة ( الدعوة الى الله ) فمن المعروف أنّه لايطاع الله من حيث يعصى ! بمعنى لايمكن أكراه الناس على شيء بعدما جاءت - لا - التي تفيد النفي والأستمرارية . بعدم الأكراه لأنه كما سبق يتنافى مع التكريم .
هذا هو الأسلام كما جاء وأراده الله للعالمين .
المؤسسات الوهابية
شعارهم أن لم تكن على أسلامهم فأنت كافر ومرتد , وكل نظرية وهابية يعقبها حكمٌ بالذبح ! مهما أختلف الباحثون في معتقدات الوهابية ,على أنها حركة ( دينية متشددة ) أو أنها حركة سياسية مؤدلجة بأيديولوجية معينة .
ماتعنينا النتائج وكلها كارثية بحق البشرية .
فهم لايؤمنوا بالأختلافات الفكرية والعقيدية , ولايؤمنوا بالآثار الحضارية للأمم , ولا يؤمنوا بتخليد ذكرى الأموات من خلال بناء القبور , ولايؤمنوا بالفن أو النتاجات الأنسانية وحتى المحتشمة منها . أن كان الله يريد هذا فلما خلق الأشياء والموجودات والله لايفعل شيئاً دون طائل منه ؟ ولانريد أن نناقش , الوهابيية , وفق المنطق الديني فأنها لم تصمد أمام البحث العلمي كونها أستمدت أفكارها من غير تعاليم السماء , فسيكون نقدها دينياً تجني على الدين الأسلامي .
والمكان الذي يكتنف هذه الحركة الخارجة عن كل الشرائع والأعراف , هي المملكة السعودية .. و بفضل المال تمّ تعمية الرأي العام العالمي من خلال شراء الذمم والأقلام ومحطات الدعاية العالمية , فوجدت لها دكاكين في الدول العربية لاسيما الفقيرة والبعيدة عن الثقافة الأسلامية الأصيلة . ومن خلال المال والجهل الديني عند تلك الشعوب تمكنت من جمع مريدين لها وأتباع . ومدن العراق أضحت المكان الأكثر أستقطابا لهم . ولكي نقوم على دحرهم عسكرياً وأسئصالهم أبدياً , لابد أن نكافحهم أعلامياً وأجتماعياً في بلدان نفوذهم تمهيداً لأستئصالهم عسكرياً , فالمعركة لابد أن تكون أعلاميا وثقافياً لتجفيف منابعهم من خلال تعريتهم وفضحهم أمام الرأي العام العربي لاسيما في دول كمصر ودول المغرب البعيدة مكانياً وفكرياً عن دول عاش الأسلام وتحرك طيلة قرون على أراضيهم كالعراق .
مسؤولية الكتّاب العراقيين
مما لاشك فيه أنّ المماطلات السياسية أثرت سلباً على الواقع الأمني وتفشي الأرهاب ليس من خلال التعطيل الوظيفي لأجهزة الدولة فحسب بل أيضاً من خلال أستقطاب الأقلام للانكفاء بكتابة أخبار الأحزاب والسياسيين , تاركين الساحة العربية لكتّاب الوهابيية وقطعان البعث الضالة لتعبث بالفكر العربي لتجنيد المزيد من السذج والبسطاء لتفجير أنفسهم وسط العراقيين .
أنّ المعركة الحقيقية مع الأرهاب لابد أن تكون من خارج حدود العراق , لأنه جاء من خارج الحدود , فمواجهتم من الداخل عسكرياً فقط . كمن يجلس لجانب ثقب يبدأ من بحر,, متلاطم وينتهي لمنفذ,, صغير تتسلل منه مخلوقاتٌ متوحشة كلما تقتل منها تستمر بالتدفق , لأن المنبع لارقابة عليه .
فكل متتبع لصحف دول المغرب العربي ومصر وليبيا يجد هنالك جهلاً عميق حول , الشيعة , العدو التقليدي للفكر التكفيري الوهابي . ويجد أيضاً أفتراءات وأضاليل قام على أشاعتها كتّاب السلطة , لتأليب تلك المجتمعات على العملية السياسية العراقية , وأمثلة كثيرة على أنماط تلك الأكاذيب , وأغلبها تتعلق بأهم جانب عند الأنسان وهو العقيدة الدينية .
فمن الضروري أن يكون للكتّاب والصحافيين العراقيين تواجد مكثف في تلك الأوساط لأنتاج حالة من الوعي لدى تلك الشعوب حول حقيقة ما يحدث في العراق من خلال العملية السياسية , وعدم أقصاء الطائفة السنية . ولم ترفع يافطات في المدن تسيء ( للصحابة والرموز الدينية لدى الآخرين ) . وبأن الحكومة لا تعمل على تشييع المؤسسات والدوائر والدولة . بل على العكس مازالت مقرراتها الدراسية تدرس وفق المذهب الحنفي ! وكذالك قانونها القضائي .
الحرب المعلنة ضد العراق أبتدأت من الخارج ولابد وفق المنطق العقلي أن تواجه من الخارج أيضاً من خلال ترشيد وتثقيف مناطق نفوذ الفكر الوهابي , كي تجهض كل تحركاتهم الأعلامية لتجيش الرأي العام ضد العراقيين . وأبطال مفعول الأفتراءات التي يطلقوها صباحا مساء بين تلك الشعوب لأنتاج حالة من السخط ضد العملية السياسية ما بعد 2003 .
وعادةً ما يترجم هذا الحشد الأعلامي الى سيارات,, مفخخة وأجساد تتحول الى قنابل . والمؤسف حقاً ورغم غزارة الكتّاب العراقيين لم نجد لهم حضوراً في المحافل العربية الثقافية , لاسيما تلك التي مازالت , تترحم على صدام .
لكن حسب قناعتي وقراءتي للواقع أجد أنّ الصحف العراقية تحولت الى ( فيس بوك ) مقالات تبحث عن المعجبيين من خلال بحث الكتّاب عن مواضيع الأثارة ! والتشهير والبحث عن فضائح السياسيين . تاركين دون أستحياء أو واعز من ضمير أنساني أو مهني التصدي للحملة الأعلامية الكبيرة والمتقنة ضد العراقيين كشعب والعراق كقوة أقتصادية وثقافية . دون التعاطي معها وكأن الأمر لايعنيهم .
لكنّ صيحاتهم وهم يطالبون بحقوقهم أعلى بكثير من صوت دفاعهم عن شعبهم وعن الحضور الثقافي العراقي . فبات (طارق الحميد ) الكاتب ومحرر صحيفة الشرق الأوسط السعودية , الصحفي الأكثر حضوراً وتأثيراً من كل كتّاب العراق , وحتى من الذين يدّعون القدم والأصالة في الواقع الصحفي والثقافي العراقي والعربي . نعلم يملك العراق قامات أعلامية فارعة كالدكتور , عبد الخالق حسين , والكاتب أسماعيل الزاير , وعبد الجبار الشبوط , والدكتور علي المؤمن . لكن نتمنى أن لانكون نتحدث مع أنفسنا من خلال نشر أفكارنا في صحفنا ومواقعنا . بل يتوجب علينا بالمبادرة وتطويق المد الوهابي أعلاميا وثقافيا في عقر داره وفي أمكنة نفوذه وأستقطاباته .
في مختلف الدول تكون المؤسسة الصحافة والصحافيين هم , حماة البلد ومصححي المسارات ومنيطي الشبهات وممثلي الشعب في الخارج من خلال نقل الحقيقة الى شعوب العالم والدفاع عن مكتسباتهم لكن يبدو لهذه القاعدة أستثناءات . فقد نال الصحافة والكتّاب مانال البرلمان لكن , وهنا الطامة بعد اللكن .
أنّ فساد السياسيين يمكن أن يعالج بالأنتخابات من خلال أستبدالهم , وكذالك الحال مع البرلمانيين , لكن أن فسدت المؤسسة الثقافية والصحافة ما علينا الاّ أن نردد البيت العربي .
يداوي فساد اللحم بالملح عادةً = بماذا نداوي الملح أن فسد الملحُ ؟ .


