ماذا نتعلم من سيرة الامام الحسين سيد الشهداء عليه السلام/د. طه يونس سبتي
Sun, 17 Nov 2013 الساعة : 1:02

ماذا نتعلم من فاجعة كربلاء ومن ثورة الحسين عليه السلام
لم يكن الامام الحسين (عليه السلام) قدوة وحسب، بل كان مدرسة قائمة بذاتها.
مدرسة اخلاق، اولاً ومدرسة علم ثانياً. ثم فوق هذا وذاك، كان الامام الحسين بن علي سيد الشهداء.
وفي الشهادة، في الاستشهاد في سبيل الحق، ونصرة الحقيقة، اعظم درس يلقيه انسان على الدنيا، واكبر تضحية يقدمها في سبيل ارساء المثل العليا، واستمرار الحياة الفاضلة.
تلك المثل، التي لا قيمة للوجود من دونها وهذه الفضيلة التي لا تعيش المجتمعات اذا لم تسد هي فيها.
فكانت سيرة الامام (عليه السلام)، منذ نشأ في احضان الرسول صلوات الله عليه، حتى سالت دماؤه على رمال الصحراء، كانت سيرة سيد الشهداء هذا مدرسة حية، مثالية ومخططاً سلوكياً لا اعلى ولا انبل، ولا اكرم.
ماذا نتعلم من سيرة الامام سيد الشهداء
أليس الحسين بضعة من ذلك النبي المصطفى، وابن عمه العظيم، ووليه الصميم ووصيه المختار؟
ثم كيف لا يكون الحسين صورة تعكس ملامح الوالد والجد، وهو ابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين؟
هذا الانسان الذي زكا اصلاً، من فوقه ومن تحته، واشرب روح الخير كما اشرب روح النبوة، في احضان صاحبها وابيه العظيمين –لايمكن الا ان يكون جندياً من جنود ذلك الخير، وحارساً على مقدرات الامة التي كانت امة وسطاً، لتحكم بين الناس، بالحق والعدل والقسطاس المبين !
هذا الدرس الاول مما اعطانا الامام الشهيد من دروس باقية، ومواعظ لا تبلى جدتها على كربلاء زمان: لقد كان الحسين جندياً من الخير، في هذه الامة، فلما رأى الشر يسود، او يكاد، انبرى له، بحزم دونه كل بطل، وبتصميم فوق تصميم كل انسان ! وماذا يكون لو قتل في سبيل ذلك الخير الذي آمن به، لانه جزء من رسالة نبيه وجده، بل وجه من وجوه تلك الرسالة الانسانية، التي حملها الله محمداً وآله، ليكونوا أئمة للناس، وقدوة ومثالاً ينسج الخلق على منواله؟
بل ان استشهاد البطل، حينئذ، مما يذكي تلك الرسالة، وينشر مبادئها، وما دانت به او دعت اليه من مثل وقيم، كما ينتشر الزيت على صفحة الكتاب، او ينتشر النسغ في عروق الشجر، او الدم في شرايين البشر، ليحيي الموات، ويبعث الرميم.
واما الدرس الثاني، في سيرة الامام الشهيد. فهو ذلك الاصرار على الاستشهاد، في سبيل الحق، مهما غلا الثمن ! فامامنا، ككل من سبقه من اركان هذه الدوحة المحمدية، وكل من تلاه من فروعها الطيبة لا يخاف في الحق لومه لائم، ولا يخذل ذلك الحق، ولو خذله من حوله الناس اجمعون.
انه اصرار الابطال على خوض المعارك الحاسمة، في سبيل اعلاء كلمة الحق، ولو على جثث المستشهدين، وجماجم الطغاة المستبدين.
الحق عندهم سلطان يستمد قوته من ذاته، ومن ذواتهم، من نصوعه، ومن ايمانهم… وهم، دون سائر الخلق، مؤهلون لرؤية ذلك الحق، والايمان به، لان لهم عيوناً ترى ما لا يراه المبصرون !
انهم مزودون بتلك الآلات الخفيه، نوع ((من الرادار)) الالهي، يحسون به، ويحاولون نقل احساسهم الى الآخرين، وقد رأى الامام الحسين (عليه السلام) دولة الاسلام التي شيدها جده وابوه واصحابهما العظام المنتجبون، رآها تكاد تنهار، بفعل ذلك الدجل، والظلم، والاستبداد –بعد ان سادها الحق والعدل والحرية- زمانا.. فهب الامام ابن الامام، هبة المصلح البطل، والاسد الهصور، ليصفع الدجل والدجالين، والظلم والظالمين، والاستبداد والمستبدين، فقضى دون غايته، واستشهد في سبيل تلك الغاية العظمى !
وذلك درس لا تنساه الانسانية. وهي في الواقع لم تنسه. ففي كل زمان يهب في الامم الحية من يناضل في سبيل الحق، ولو دفع حياته ثمناً لذلك الكفاح، الذي كثيراً ما انتهى وينتهي الى استشهاد صاحبه او اصحابه، وهم على الدرب. سواء وجدوا اعواناً لهم او كافحوا بمفردهم. ولكن الثمرة التي جنتها البشرية من استشهادهم، كانت ولا تزال هي قاعدة الحياة الحرة، وقوام الديمقراطية السليمة، ورأس مفاخر الافراد والامم، يوم يضفر التاريخ لهم تيجان الوفاء بما عملوا، والتقدير لما قدموا في سبيل بقاء الانسان، واستمرار حياة الكرامة والعزة والفضيلة في المجتمع !
دعونا نستفيد من هذه الدروس العظيمه في الصبر والتسامح وفعل الخير لبناء وطننا الغالي وسيبقى أسم الحسين نبراساً ونتخذ منه العبر!


