إرهاب شركات النفط خسارة للعراق/عاطف العزي

Thu, 14 Nov 2013 الساعة : 23:20

الاقتصاد العراقي بدأ يتدهور حالما نشبت حرب الأعوام الثمانية بين العراق وايران، والتى كلفت العراق المليارات من الدولارات، عدا الأرواح التى أزهقت والبنى التحتية التى دمرت، وخرج العراق منها مكبلا بالديون الباهظة. ثم سقطت حكومة البعث وعلق القائد الضرورة على أعواد المشنقة، وتمنينا –والتمنى رأس مال المفلس- أن يعود العراق سليما قويا يحتل مركزا مرموقا بين الدول . ولكن ما حصل كان عكس ما كنا نرتجيه ، فقد استمر التدهور ، ولو لم يكن هناك بحر النفط الذى يعوم العراق عليه ، لأصبح حالنا أسوأ مما عليه الصومال اليوم . والسبب هم (الورثة) الذين استلموا الحكم، ومعارضيهم، والنزاع المميت الذى نشب بينهم . وساء الحال وخابت الآمال ، والخاسر الأكبر هو الشعب المسكين، وخاصة الفقراء منه.

الحكومة الحالية -على علاتها- ، هي أضعف من أن تستطيع القيام بإعادة الإعمار على الوجه الأكمل، بسبب المقاومة الشرسة التى تواجهها من المعارضة الغير شريفة التى لا ترضى بغيراغتصاب المناصب المتقدمة فى الحكومة، واستعملت كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة فى محاولات يائسة للإطاحة بها، ولم تتورع عن استجداء المعونة حتى من الغرباء من خارج البلد، واستعملت أصحاب العمائم (على اختلاف ألوانها وأشكالها وأحجامها) لها الغرض فأضحى النزاع سياسيا طائفيا وقوميا.

إن ما حصل منذ بداية هذا الأسبوع فى محافظة البصرة الغنية بالذهب الأسود، قد يكون بفعل حُمقى لا يدركون ما يفعلون ولكن من المحتمل ايضا أن يكون بتخطيط المعارضة التى أوعزت لعملائها أن يقوموا بتلك الاضطرابات وتأجيج الفتنة ، وبحجة (الدفاع) عن سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي بن ابى طالب عليهما السلام قام المهندس المصري (سرور حسن) أحد منتسبى شركة "بيكر هيوز" الأمريكية العاملة فى حقل الرميلة بتمزيق رايات ولافتات دينية بمناسبة العاشر من عاشوراء الذى قتل فيه الحسين (ع) فقام بعض العاملين العراقيين فى الشركة بالاحتجاج على ذلك العمل الأحمق وهم يصرخون قائلين (لبيك يا حسين) وحاولوا الفتك بالمهندس المصري . وصرح عضو محافظة البصرة (محمد المنصوري) بأن المجلس سيتخذ قرارا بطرد الشركة من البصرة. هكذا وبدون التفكير فى العواقب . فأمر رئيس الوزراء المالكي بطرد المهندس المصري داعيا المواطنين الى ضرورة الالتزام بالقوانين وعدم التعرض للشركات النفطية، مشددا على عدم اعطاء المتربصين فرصة للتعرض للصناعة النفطية في العراق. وشدد في بيان وزعه مكتبه الاعلامي على "عدم اعطاء المتربصين فرصة للتعرض للصناعة النفطية في العراق"، موضحا "أنه وجه أيضا الاجهزة الامنية بحفظ منشآت الشركة وملاحقة كل من يريد تخريب المنشآت النفطية فى المحافظة".

وبعدها قام موظف بريطاني يعمل فى الشركة الأمنية (جي فور اس) التابعة للشركة المستثمرة (شلمبر جه) الفرنسية فى محافظة البصرة بتمزيق راية حسينية كانت معلقة على إحدى سيارات الشركة. فهاجمه موظفون عراقيون ، وحصل اطلاق نار واصيب موظفين عراقيين اثنين ، وتدخلت قوة من الجيش وفضت الاشتباك ، وتمكن العمال العراقيون من اللحاق به وأشبعوه ضربا فسالت الدماء على وجهه، وانقذه بعض العمال. ثم قام بعض المواطنين من أهالى البصرة واقتحموا مقر الشركة الفرنسية وحطموا محتويات المكاتب وطالبوا بالغاء عقد الشركة!.

ما كان للموظفين والعمال العراقيين أن يضربوا الموظف البريطاني ، بل كان عليهم تسليمه لرجال الأمن ، ومن ثم تقديمه للقضاء الذى هو وحده يقرر مصيره. وأما تحطيم مقر الشركة فهذا عمل شائن آخر ، ومن واجب السلطات العراقية القاء القبض على الفعلة وتقديمهم للقضاء أيضا.

إن من واجب السلطات المختصة تقديم الحماية القصوى للشركات العاملة فى العراق ، فوجودها فى العراق يعود بالخير العميم على البلد ، من استخراج النفط وتصديره الى تشغيل الأيدى العاملة العاطلة. وكذلك تشجيع الشركات العالمية للقدوم الى العراق والاستثمار فيه ، أما إذا تكررت هذه الاعمال اللاعقلانية ، فستغادر الشركات الموجودة وتستثمر فى بلدان أخرى حيث الأمن والأمان.

أما الهتافات "لبيك يا حسين" فلا معنى لها فى مثل هذه الأحوال ، فمثل هذا النداء يكون للأحياء وليس للشهداء. وإن كنا نحب سبط الرسول حقا ، فعلينا الإقتداء به ، فنحارب الظلم ولا نعتدى على أحد ، ونكرم ضيوفنا ونحميهم كما كان يفعل أهل البيت والصحابة ، رضوان الله عليهم أجمعين.

عاطف العزي

Share |