جارتي والعفة/عباس ساجت الغزي

Sat, 9 Nov 2013 الساعة : 22:42

وسط الاجواء العاشورائية في احياء الشعائر الحسينية التي تعيشها مدينتي ومنطقتي التي اسكن فيها , كان للنساء ( دوي) في مواساة زينب (عليها السلام ) بمصاب اخيها واهل بيتها , استوقفتني احداهن وكانت خارج سرب المعزيات وحالتها يرثى لها ( ام لولدين وبنت, قد هجرها زوجها منذ زمن وهي يتيمة الاب والام تسكن مع اخواتها في بيت آيل للسقوط قريب من داري).
بادرتني بالسلام , فسالتها : عن احوالها ؟ ( لأني منذ مدة لم ارها في الشارع وقد كنت اصدافها بين الحين والاخر في باب الدار او حين تتابع اولادها في الشارع ) .
كان جوابها وهي تطأطأ برأسها : شلوني خويه ابو غزوان المرض بجفة .. وبكت .. والعوز بجفة .
ما ان انساب كلامها الحزين بنبرة العوز والفقر الى اذني .. حتى شعرت بان قلبي قد قبض وبدأ يصغر حجمه وسط صدري , فمددت يدي الى جيبي وكان فيه القليل من المال فأعطيتها اياه , وقلت : عمت عين العوز خويه ( ام ...) , لكني اعلم بان مرضها مزمن وهي بحاجة الى العلاج والقوت لعيالها وسد حاجاتهم , وان الذي جدت به لا يكفي قوت يومين او ثلاثة او حتى اكثر من ذلك !! فاين تذهب بعدها ؟! .
هذه جارتي وهنالك الكثيرات مثلها في منطقتي التي اقدر نسبة ودرجة الفقر فيها بمقدار(75%) دون مبالغة في التقدير .
تمنيت لو ان الله يبتلي المسؤول وعالم الدين الغافل بما وصل اليه حال الرعية ليشعروا بانه ( ما جاع فقير الا بما متع غني ) وان وقوفهم يطول يوم القيامة امام ملك كريم لديه ميزان العدل الذي هو اساس الملك , فيقول لهم : الان اوفيكم اجوركم فمن عمل مثقال ذرة خير يره ومن لم يراعي حقوقي في خلقي يساق الى مصيره المحتوم بما كسبت يداه وما متاع الدنيا الا غرور .
اما اصحاب الاموال من البخلاء واهل الحرام ومنبت الشياطين فانهم الى جهنم وبأس المصير لانهم هم المفسدون في الارض ( فان تولوا فان الله عليم بالمفسدين ) وان الله لا يحب المفسدين فهو جعل الدنيا اختبار وان الاخرة دار القرار فمن افسد تحمل وزر عمله ووزر عمل من عمل بفساده او تأثر بسبب فساده فحينها لا شفاعة له مهما زكى من اموال الحرام او ساهم في شعائر الله بتبجح وتفاخر .
الفقراء احباب الله لانهم رفضوا ان يسلكوا طريق الذين يفسدون في الارض ليقينهم بان الله رقيب وان الدنيا فانية باهلها جميعا فما يتبقى الا العمل الصالح والقرب من الله بالابتعاد عن المعصية والكبائر وهن المنجيات يوم الحشر العظيم .
عباس ساجت الغزي 

Share |