ثنائية العاطفة , الحب والخوف في السياسة/حسين الشويلي

Thu, 7 Nov 2013 الساعة : 1:04

السلام على الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين , ولعن الله أمّةً قتلتك ولعن الله أمةً ما زالت تترضى على مَن قتلتك ياسبط رسول الله صلى الله عليه وآله .)

ثنائية العاطفة , الحب والخوف في السياسة

حسين الشويلي

تعد من أدق وأخصب النظريات التي أنتجتها العقلية الأنسانية في التربية , بمعنى عمل خليط تربوي متجانس قوامه الخوف ليس بمعناه السلبي الأنهزامي بل بمعناه الفطري المتحفز لدفع الأذى المادي والنفسي كالمهانة ,والشطر الآخر الحب لأنتاج شخصية تدور حول محورين في علاقتها مع محيطها بكل تفرعاته .
وأن حاولنا أن نعمم هذه النظرية أجتماعياً في علاقاتها مع السياسة والدولة , سنحقق نصراً على الفوضى والفساد المالي والأداري وسننعم بأسترخاء سياسي تتبعه كل المعطيات الأيجابية التي تعيد للفرد العراقي أنسانيته بمعناها الحضاري .

عانى العراقيون من شتى صنوف البؤس والحرمان والأنتهاكات , فليس هنالك كارثة يمكن أن نتخيلها ألاّ وقد نال الفرد العراقي نصيبٌ منها . وبعد الأنفراج السياسي بزوال حزب القمع من العراق عام 2003 , تنفس العراقيون الصعداء وأستبشروا بغد,, قد لايكون مثالياً لكنه مقبول وبلا شك أفضل من كل الحكومات التي تناوبت على حكم العراق , ورغم أختلاف مسمياتها وأديولوجياتها لكنها تسير وفق منهجية واحدة وهي الأستئثار بالسلطة والمال وتهميش الأغلبية وتصنيفهم مواطنون من درجات ثانية !

فهل سيحافظ هؤلاء المهمشون على هذا المنجز أو الفرصة التي منحتها الأقدار لهم , أم سيمنحوا الأخرين مبرراً لتهميشهم ثانيةً ؟ وتتكرر النمطية التي هي أشبة بالجينات التي لاتقبل التغيّر . في العراق حقيقة نحتاج الى مواجهتها بجرأة للتخلص منها وهي - جمعتنا الأرض وتفرّقنا في السماء ! فأ صبحنا ولسان حالنا يقول ( أن لم تكن على أسلامي فأنت كافر ) , تناسلت كي تكون أن لم تكن مع حزبي فأنت مخطأ ومعتد,, أثيم ! . هذه حقيقه حاضرة بكل قوة في المشهد الأجتماعي ووصلت عدوتها الى العراقيين في المهجر . وكما يقال تشخيص الخطأ اول خطوات الحل . فلا ينبغي لنا دفن جماراتنا تحت الرماد كي نوهم أنفسنا بأخماد الحرائق . وثمّة من ينفخ فيها ليحرقنا جميعاً لاحقاً .
نحن بحاجة الى مكاشفة كيوم التغابن ! لتراكم مشاكلنا منذ عقود بل قرون متطاولة , لأيجاد توصيفة ممكنة لحل عقدها . وكذالك بحاجة الى مصالحة مع الذات التي تنشد الأمن والرفاة الأقتصادي لكنها متكاسلة في تحصيله والسعي لتحقيقه . والتخلص من الأنانية الحزبية والأنانية القبلية , وأن نلغي من قواميس خطاباتنا مفردة خلاف وأستبدالها بأختلاف . لأن الخلاف لاينبغي أن يقع مع قوم , ما يجمعهم يفوق أضعاف ما يفرقهم .
ولتحقيق هذه المثل الأجتماعية العليا لابد من خريطة طريق , ومنهجية واضحة للسير عليها كي نقطع الطريق على محركي المياة لأنتاج الأمواج العاتية ! لأغراق سفين الوحدة الوطنية التي تقل الجميع . وأوصل طريق لتحقيق تلك المُثل وأخراجها من مجرد أقوال الى أفعال تتنفس وتتحرك بيننا . هي نظرية - ثنائية العاطفة .
وفحوى هذه النظرية هو أيجاد مجموعة من النظم تعمل أولاً وفق مبدأ الثواب والعقاب . وثانياً أحداث حالة عاطفية عند أفراد المجتمع تمكنهم من حب نظامهم السياسي لأنهم يروا فيه المخلص لعذاباتهم والجالب لملذاتهم وبأنه الأفضل حتى وأن لم يكن . ليس المهم الحقائق بل القناعات التي تنتج الحقائق لاحقاً !
بمعنى تقوم مؤسسات الدولة على تقنين أجنداتها الوطنية لتحويلها الى أنظمة ,, واضحة المعالم وثابتة لاتتغير بعد كل أنتخابات برلمانية أو حكومية . وتشتمل تلك القوانين على مبدئيين أساسيين لتأصيل مفهوم المواطنة في صميم كل فرد ينتمي الى العراق مبدئياً وجغرافياً .
المبدأ الأول هو أخافة المواطن حين يختار أن يكون عنصرا مشاغب منتهكاً لحقوق وحريات الأخرين , وكذالك أن يبدي العداء والتمرد على الحكومة التي هي مؤسسة وطنية لحماية مصالح الناس فتثأر الحكومة من المجرمين والمخالفين لقوانينها ليس لنفسها بل لأجل المجتمع على أعتبار أنها تمثل الكيان الذي يعمل للمحافظة على مصالح أفراد المجتمع .
ومن خلال هذا القانون أوجدنا حالة من الردع تتطور تدريجياً لتكون ممانعة تلقائية لعدم أرتكاب الجرائم الجنائية والأقتصادية . ولايمكن أستئصال هذه النزعة المتأصلة في كيان الأنسان بل من الممكن الحد منّها والسيطرة عليها وترويضها .
وأمّا الشطر الثاني من النظرية وهو الجانب العاطفي , الذي يجعل من الفرد العراقي فخوراً بدولتة ويشعر بالزهو والخيلاء حيالها , وأن نثبّت في مداركه بأن العراق هو المكان الأفضل للعيش والعمل وبناء الأسرة . وكل ما سواه ضياع وأنحدار من القمة الى السفح .
وهنا نحتاج الى الأعلام ليكون أعلام موجة بعناية لتربية هذه العاطفة من خلال أبراز مساوئ الغير والتركيز عليها , وأظهار محاسن الوطن وتضخيمها , ومن هنا فقط نستطيع أن نعيد للفرد العراقي توازنه الوظيفي أزاء وطنه . وبعد تبيان هذة النظرية بعجالة وأترك للقارئ الكريم التفكّر بمفرداتها وفحواها ( وأعتذر أن كان هنالك غموض لكني ألتمس في القارئ العراقي وقادة الذهن ) .
وهنا لابد لنا من سؤال حول راهننا السياسي , والسؤال الذي سيتململ منه البعض ! هل حكومة المالكي يخافها المواطن ويحبها بذات الوقت ؟ قد يكون سؤالاً ساذجاً . وأصحاب الأحكام المسبقة سيسفّهون السؤال وأخشى أن لا يسفّهوا كاتب تلك السطور ؟
سأجيب على التساؤل , لأستخراج الحقائق من تحت ركام الصحف المناضلة للتشاؤم ووضع مغالطات الدنيا بعقول مازالت تحبو في درب الديمقراطية ولم تتعلم السير بعد . وأوضح مصداق على تلك الصحف ( المدى ) ورئيس تحريرها , فخري كريم , الذي يكرع بنخاب التضليل والأفتراءات كرعاً . محاولةً منه لوضع عصي الدنيا والأخرى في دواليب الحكومة , ثأراً للبعث .
والنخوة الفُجائية التي أنبثقت من كيانات كان ينبغي لها أن تكون من أصلب الثوار في معارك العراق ضد البعثيين . لكنهم تحولوا خصوم مبدئيون لأحزاب دينية عريقة بتضحياتها وصراعاتها لأجل تحرير العراق السني والشيعي والعربي والكردي ولا ينكر مجهوداتها الكبيرة الاّ جاحد أو مغفل . فنرى زعيمهم يخاصم ثائراً ضد البعث لعقود ويتصل ببعثي للطمئنة على صحته تزلفاً منه !
وآخرٌ يعتل التل , وكأنه تناسى أن من أدبيات الأسلام لابد للمسلم أن يتخذ موقفاً صارما وواضحاً ويقف لجانب من يمثل الحق أو قادرٌ على تمثيله أن تسنت له الضروف وأن يعلن عن موقفه صراحةً والتخلي عن مصالح الحزب لأجل مصالح المذهب الذي نال ما ناله من أنتكاسات وويلات , وللوطن الذي يستجدي العطف والرحمة من قانطيه !

تجمعت كل مقدمات الفشل لأنجح نتيجة لولا الأنانية الحزبية . هكذا أرى حكومة المالكي . فهو الرجل المناسب لقائمة من الأعتبارات , لكنّ كم من الموهبيين في التأريخ طمرتهم جوقة من المتنطعين الذين هم عبارات لامضمون لها .
قد قدّم رئيس الوزراء نظرية - ثنائية العاطفة . بكل تجلياتها من خلال الأعلام , فالأعلام والصحف المحسوبة على رئاسة الوزراء تنقل للعراقيين وللعالم الجانب المشرف والمتفاءل من الواقع العراقي , ليس لترتيبات أنتخابية أو للأستهانة بمعاناة الشعب , بل لتعزيز حب الوطن وتقديمه كنموذج مشرق للمحافل الدولية , مع العمل الجاد والمنضبط لأعمار العراق . وهذا دأب الحكومات والأجندات الناجحة والواعية .
وقدّم أمثلة كثيرة على محاسبة ومعاقبة المسيء , لكنّ البعض المغرض من صنّفها بعيداً عن طبيعتها الوطنية الخيرة . كتهميش وطائفية وهلم جرا من من الأفتراءات المضللة .

نستطيع أن نقول أنّ حكومة المالكي من أكثر الحكومات قد تمّ التجني عليها وسلب كل منجزاتها وتكديس أخطاء الأخرين حولها نكايةً بها .
الغريب فينا أننا لانبحث عن حلول ناجعة لمشاكلنا السياسية المفتعلة من بعض الجهات بل نبحث عن المزيد من المشاكل من خلال توبيخ الضحية وتأنيب المتعاطفين معها , وترك المشاغبيين ليشاغبوا على الشعب دون التعرض لهم من خلال طردهم ثقافياً وعدم السماع لهم والعمل على أفشالهم أنتخابياً .

( ما قد تمّ كتابته أعلاه منطلق من مبدأ راسخٌ عندي _ من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم _ ومن لم يهتم بأمور بلده فليس خليقاً أن يقال عنه مواطن ) فقط كي لاأتهم بما ليس فيّ . بل نجده عند الأخرين الذين مجدوا وبخروا وكبروا في زعاماتهم الحزبية . )

Share |