الدولة العميقة ... ومعانات العراقيين ؟/ازهر جابر موسى

Thu, 7 Nov 2013 الساعة : 0:30

أول استعمال لمصطلح ( الدولة العميقة ) كان بتركيا خلال القرن الماضي وهو مجموعة من التحالفات المنظمة بين أفراد نافذين ومؤسسات في الدولة العلمانية الأتاتركية للحيلولة دون العودة إلى الإسلام . وبعد الحرب العالمية الثانية ونشوب الحرب الباردة بين المعسكريْن الرأسمالي و الاشتراكي انتقل مصطلح الدولة العميقة إلى القارة الأمريكية. ليدافع عن المصالح القومية الأمريكية والمصالح الرأسمالية في العالم ضد هجمات المد الشيوعي العالمية .... وبعد استقرار الدولة العميقة في دول أمريكا اللاتينية و العالم الثالث بمعسكريْه الرأسمالي والاشتراكي أصبحت فكرة الديمقراطية السياسية عدو الدولة العميقة اللدود. وبعد سقوط العالم الشيوعي في تسعينات القرن الماضي أصبح الإسلام والفكرة الإسلامية هي العدو الاول لها فهي تمتلك القدرة على صناعة القرار السياسي السيادي أو التأثير فيه بقوة لكن بدون حضور مباشر في اتخاذ القرار فهي تحالف قوى غير مرئية بين شخصيات ومؤسسات ومنظمات نافذة في الدولة والمجتمع ،تشترك في مصالح حيوية بالغة الأهمية حضارية أو قومية أو سياسية أو اقتصادية أو عرقية أو مذهبية أو هي كلها تعمل ضد بعضها البعض خلف الكواليس كل منها يسعى لتنفيذ الأجندة الخاصة به، و خدمة مصالحها الخاصة بعيدا عن المصلحة العامة للبلد، أو يمكن لها أن تتلاقى أو تتعارض مع مصلحة الدولة، و في حالة التعارض تدافع عن مصالحها بقوة و بشراسة، و يكتسي الدفاع طابعا ديمقراطيا، أي من داخل المؤسسات و للدفاع عن مصالح فئة معينة ؟
اما في العراق فقد تمّ تعريف "الدولة العميقة" باعتبارها تمثّل حزب البعث، ووضعت منذ ذلك الحين "قوانين اجتثاث البعث" لمنح الدولة فرصة للتحوّل الديمقراطي ... ايضا السيناريوهات المعدة سلفا والتي تنفذها مجموعة محددة من الدول بكل امكاناتها ومواردها واجهزة استخباراتها ومخابراتها واذرعها التي تمتد الى بعض الحواضن المحلية في العراق لدعم واحتضان الإرهابيين من العصابات المسلحة او ذيول لتنظيمات ميليشاوية او لفلول حزب البعث المحظور تقوم بنشاطات تدميرية وتفجيرية وترعب المواطنين العزل وتزرع في نفوسهم عدم الثقة بالوضع الحالي منتهزه الوضع السياسي المتردي والمتشابك .. فاللعبة باتت مكشوفة ومرئية وملموسة تماما ولم تعد سرا او لغزا، والأطراف المتورطون لم يعد بإمكانهم التستر بأي قناع او إخفاء نواياهم بالعودة بالعراق الى المربع الاول والغاء العملية السياسية ومحو آثارها وتصفية رموزها وشطب مفهوم الديمقراطية والانتخاب الحر الشفاف من قاموس المواطنة العراقية وربط العراق بكل ثقله الاستراتيجي ببعض المحاور الإقليمية التي ارتبطت من قبل بنظام صدام حسين البائد ولم يحصل منها العراق سوى الخراب ؟

Share |