كيف نحمي بلدنا من أنفسنا/حسين الشويلي
Mon, 4 Nov 2013 الساعة : 17:29

عندما يكون الحديث عن تثبيت ممارسة متحضرة أنسانياً فيكون الشعار المرفوع أسقاط الأرث البعثي .
أبدأ حديثي بجواب لسؤال, سأطرحه . مَن المسؤول عن خراب العراق ؟ ليست عصابات التدين الوهابي وليس ماتمّ تحضيره في غرف المخابرات الدولية , بل نحن العراقيون ولاسيما الذين كانوا الأكثر تهميشاً وأنتهاكاً لحقوقهم .
نحن مازلنا في الوقت الأنتظاري لتعمير ما أفسدته البلاهة البعثية التي خرجت عن مألوف نتاج الديكتاتوريات المعروفة بالثلاثية ( الفقر - الجهل - المرض ) فعدّد عليها الحروب التي أحالت العراق الى رماد وخراب والغريب مازل يتكأ على هذا الخراب متمدحاً سياسيين ونواب كالنائب البعثي الخرف - حسن العلوي - الذي لايملك طيلة ثمانينه الأّ تهريج لحزب,, أولغ بدماء الشعب وعقلية تمجيدية لم يجد لها دكاناً في حقبة حكم دولة رئيس الوزراء .
وبعد طرد البعثيين من العراق وسحل هبلهم الأكبر في ساحة الفردوس وكان عيداً وطنياً مجيداً . حين ينتهي البعث الى حيث هذة النهاية المهينة التي تليق به . كان ينبغي أن يكون الشعار لكل فرد,, عراقي . لاتعايش بعد اليوم مع القهر والجوع وعدم الآمان والخوف . فكان ( تمخض الجبل فولد فأراً ) !
كما هو معلوم أنّ التعددية تشتيتٌ للجهد وأضاعة للهدف المنشود وتبديد للطاقات البشرية والفكرية . وهذا ما حدث في العراق ما بعد تمدد رأس صنم البعث تحت ( البسطال الأمريكي ) .
حيث طفت على الساحة السياسية أحزابٌ وتياراتٌ , أحالت الصراع الذي كان ينبغي أن يكون بين شعبٌ يتطلع نحو الكرامة ويعيش الديمقراطية بشكلها الأنساني , الى صراع أعلامي وفي أوقات,, متعددة أخذت تتطور الى مواجهات مسلحة . وكل هذة الصراعات وتكديس الأتهامات حول الآخر والتصريحات المتشنجة أعلامية وقعت في ( المكوّن الشيعي وكلها مراغمة واضحة ضد حزب الدعوة الأسلامية لأسباب تأريخية وأخرى تتعلق بأدبيات الحزب ) . وكلها من مكائد بقايا قطعان البعث الظالة التي لاتريد أن تبرح ساحة العراق . فأنتجت فوضى سياسية كي تعرقل الجهود وتأبد مأساة العراقيين , لأثارة الرأي الشيعي ضد أصلب مكوناته التي حنّكته الممارسة الطويلة في التعامل مع البعث وكذالك ضد أنسب الشخصيات لأدارة المرحلة الصعبة التي ينتقل خلالها العراق من أوسخ الديكتاتوريات الى ديمقراطية بطيئة لكنها متنامية .
وليس بدعة أن يكون فرد مبرّز بين رموز . فكما يقال في الفلسفة ( أثبات الشئ لايعني نفي ماعداه ) فصلابة المالكي لاتعني هشاشة الأخرين بل هو الأنسب لمرحلة أنتقالية ليس سياسياً فحسب بل على كافة الأصعدة وأهمها الأجتماعية . فلو كان المجتمع منفتحاً وجد أنّ كل تنقلات رئيس وزراء العراق السياسية تصب في صالح المجتمع وليس تصب ضده . البعثيون يدركون هذا جيداً لهذا عملوا أنساقاً لعرقلة الجهود وأطالة معاناة العراقيين . ومنها .
1- ظهور أحزاب وتيارات - دينية - سياسية , بُعيد سقوط حزب القمع , تمّ تصفية مؤسسيها وشخصياتها التي لاتنطوي عليها أحابيل _ التدين الوهابي والعهر البعثي , فتركت كيانات تفتقر الى الخبرة السياسية , فأحالها المكر البعثي من قوى وطنية يمكن أن تكون مساهمة في بناء الأنسان العراقي وبيئته الى معاول لتحطيم كل منجز سياسي يتوصل اليه الوطنيون .
2- تمرير مخططاتهم التآمرية من خلال حركات وتيارات لها رمزيتها لدى عامة وبسطاء العراقيين لتمنحها تبريراً وقبولاً لدى بعض الجماهير . والشواهد كثيرة حول تكلم البعث بلسان أحزاب وتيارات معروفة أجتماعياً تعارض البعض فكرةً وممارسة . وتحظى بقبول جماهيري لكنها تحولت الى أحزاب سياسية لايملكون سياستهم !
3- عمل البعثيون على أن يجعلوا العراقيين يعرضوا وطنهم الوحيد الى العذاب الحقيقي من خلال دفعهم شعباً كريماً مسالماً ليكون قاسياً على نفسه لأن يعلّق ثقته بنفسه ويدمن في الأحتجاج ضد رئيس حكومتهم , والتشكيك بكل عمل يقوم به , وكانت زيارته الأخيرة الى الولايات المتحدة الأمريكية فوزاً وطنياً ونجاح بكل المقاييس , لكنهم حوّلوها الى ( أستجداء وأذلالاً , وطرداً وتسفيهاً ) من خلال أعلامهم الذي تقف ورائه أقلام بعثيية متمرسة في تزيف الحقائق .
نحن العراقيون من منحنا أعداءنا حرية العبث بأمننا وأقتصادنا من خلال صياخنا لأبواق الفتنة والخيانة . لأن تحريف الحقائق والعمل على تعمية الجماهير أهم من الأرهاب المسلح الذي ينتزع الأرواح البريئة , لكنّ للأرهاب نهاية زمانية ويغادر بلدنا حيث لاعودة , لكن تبطين نهر الخلاف بين مكونات الشعب وأحزابه من خلال أسماء تتستر بقناع الدين , وبعضها باليسارية .. هو أستيطان للعنف وعدم الثقة والتشتت الذي سيمكث مع الأجيال , حتى بعد زوال الوهابية وصنيعاتها وقطعان البعث .
راهننا العراقي بحاجة الى ترتيبات أخلاقية تمنح الثقة الى فرقائه والأهم أعطاء الحكومة فسحة من التحرك السياسي دون جلب كل المعوقات أمامها , وأخيراً لابد أن نحرر أنفسنا من ربقة الزعامات ونكتفي بالزعامة الدينية الروحية . والقيادة السياسية المتمثلة بالحكومة أسوةً بالدول الناجحة دينياً وأجتماعياً وسياسياً . كي يكون الوزير وموظفي الحكومة مرتبطون ومنسجمون مع قرارات ورؤى الحكومة , كي يعمل الكل لأجل تحقيق أنجازاً ينتج أنجازاً آخر . وعلى الذين يختلفون مع توجة الحكومة حزبياً من المفيد وطنياً أن يتخذوا موقفاً صامتاً ليس موقفاً معادياً . فالأختلاف في الأنتماء والتوجة الحزبي لايعني تخاصم وقطيعة أجتماعية وسياسية . بل لابد من أستثمار الأختلافات لأثراء الواقع لا لتأزيمه وتعقيده . يختلف الجمهوريون في الولايات المتحدة الأمريكية مع الديمقراطيين في كل شئ لكن يجمعهم العقد الأجتماعي وأمريكيتهم التي تسمو على كل أعتبار . وأمّا هؤلاء البعثيون تجاوزهم الزمن لأن المرحلة البعثية في العراق رغم التمويل الكبير الذي تقدمه بعض دول الخليج ألاّ أنّ هذه المرحلة السيئة جداً أصبحت جزء من التأريخ , ولاينغي علينا التوقف عندها ونمنحها فرصة التحرك بل واجبنا الأخلاقي والوطني يقتضي التمسك بعمليتنا السياسية والعمل على الحفاظ عليها وتطويرها , كي لا تكون أخلاقياتنا الدينية وواجباتنا الوطنية مفاهيم ذهنية لا وجود لها على أرض الواقع .


