الاختلاف في القرآن/الدكتور حسان الزين
Mon, 28 Oct 2013 الساعة : 1:12

ان اختلاف الأديان والشرائع والمناهج الاجتماعية والحياتية هي من طبيعة المجتمع الإنساني بالطبع تحت تأثير عوامل عديدة وبسبب وسائل متفرقة كل مجموعة تعبر عن عاداتها وتقاليدها فالاختلاف سنة تاريخية عبّر عنها القرآن
قال تعالى"وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِين. فلو كانت الحديقة صنف واخد من الورد ورائحة واحدة ولون واحد لكانت حديقة باهتة
فالاختلاف آيةٌ فيها من الجمال والإبداع ما يفوق التصور فلو كان الناس يتكلمون لغة واحدة لكانت الثقافة المعرفية ضيقة فبوجود آلاف اللغات وسعت مصادر المعرفة الانسانية والعقلية لقد حكم الروس عشرات السنين في بلاد القوقاز فما استطاعوا تغيير لغة الأقوام في مدينة مثل محجة قلعة وأباد المستعمرون الجدد في امريكا الهنود فما تمكنوا من القضاء على التقاليد واللغة والدين فالقران يقر بالاختلاف العرقي واللغوي بل يمدحه اما الاختلاف الثقافي فيعبر عنه القران بعدة عبارات حيث كان الناس أمة واحدة فاختلفوا بعد طرح الامور المعرفية والبينات والحججوهذا شيء طبيعي ان يختلفوا لأن المعرفة تولد الأسئلة وتطرح المصالح على المحك
(وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) فقد كان المجتمع الإنساني أمة واحدة اختلفوا فيما اختلفوا فيه فتعددت مشاربهم وعقائدهم وتقاليدهم فهو يصف كيف كان الناس يؤكد على أن الانسانية كانت واحدة ثم تفرقت واختلفت ثم يعود ليقول في آية أخرى ان الناس لا تعود الى الوحدة الانسانية والى نشوء أمة واحدة لأنهم باقون على اختلافاتهم فلم يحدد القرآن في هذه الآية اي الاختلافات ثم يعود ليقول ان الوحدة ممكنة برحمة من الله
وَلَوْ شَآءَ رَبّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاّ مَن رّحِمَ رَبّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ }
فالله بعث الرسل والأنبياء ليعالج الاختلاف مع قانون وبينات وحجة الا إصرار الناس على البغي والاعتداء واتباع مصالحهم الذاتية أبقى الغوي يفسد في الارض ويعيث فسادا لجهله وتعنته
(كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ...... ولكن الله عندما أراد ان يرسل الأنبياء والرسل أرسلهم بشرائع ومناهج مختلفة بعضها عن الاخر بالرغم أن هناك أساسيات مهمة لا تختلف وضروريات من ابراهيم الى موسى الى عيسى الى محمد عليهم السلام فقال العلي الحكيم
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾
وقال في موضعٍ آخر :
لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ ۚ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ ....ثم أرسل الله محمدا للناس جميعاً
وكما قال تعالى ( قُل ياأَيُّها النّاسُ إِنيِّ رَسُولُ اللهِ إلَيكُم جمَيعاً الذي لَهُ مُلكُ السمواتِ وَالأرضِ لاإلهَ إلاّ هُوَ يُحيِي وَيُمِيت ، فَآمِنُوا باللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِيِّ الذي يُؤمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ واتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُم تُهتَدُون ) الأعراف 158 .
بعد سرد هذه الآيات وغيرها نجد أن الاختلاف طبيعة إنسانية بل يؤكد عليها القرآن ويمدحها في الكثير من الآيات و النقطة الثانية يجعل المنهاج والنسك حق لك أمة فيهيأ العقل والنفس البشرية على الاختلاف ويخفف من مردوداته السلبية بل يؤكد على إيجابيته في مواضع متعددة اما النقطة الثالثة وهي ان الاختلاف السلبي هو من صنيع الانسان وأهواءه وتعنته وهذا هو البلاء الذي يسيء الى الانسان في الدرجة الاولى لأن اله الهوى والشهوات يخلق المعتقدات والأساليب السلبية في المجتمع
{ وقال تعالى :ولا تكونوا من المشركين. من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا} [ سورة الروم
الله أرسل أحمد المختار...... نورالهدى ليحرر الانسان
قد غير التفكير نحو هدايةٍ .........وبنى العقول وهدّم الطغيان......