غديرنا وغدرهم/عباس ساجت الغزي

Thu, 24 Oct 2013 الساعة : 0:41

شتان ما بين الثرى والثريا وما بين الماء المعين العذب و من كان لسانُه يثبُت في موضع الخصومة والزَّلَل ولا يحسن سوى الغدر والخيانة , وبين هذا وذاك حرف الياء الذي غير مجرى التاريخ بل نقل الانسانية من واحة خضراء في غدير خم الى لعنة ترافق القوم فهي لحظة من الزمن فرزت مواقف.
ولحرف الياء بين ( الغدير والغدر ) اسرار كثيرة , من تمسك بالياء حقق الله تعالى له كل ما يريد من الفتوحات والامنيات ووهبه اليقين واستجاب له الدعاء , وفي القران استعمل حرف الياء ليدل عن المتكلم الذي تحول إليه شيء , وفي الأصل أن الإنسان يوجد في الحياة ولا يملك شيئًا ، وما يملكه الإنسان أو يضاف إليه هو مما تحول إليه واستقر عنده بأي سبب كان " بالشراء، الهبة ، الإرث ، الهدية ، أو العطاء، الأجر وجزاء العمل .. أو أي سبب آخر", فياء التحول شاملة لكل ذلك وأمثالها.
النصر المبين حليف اصحاب الغدير لانهم قالوا لرسول الله (ص) " سمعنا واطعنا " لعلمهم بانه لا ينطق عن الهوا ان هو الا وحي يوحى علمه شديد القوى , والخسران لأحفاد من اراد تحريف القول واشترى دنياه باخرته ليسن سنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة .
قال رسول الله (ص) في غدير خم بعد الحمد لله " أيها الناس قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي قبله، وإني أوشك أن أدعى فأجبت، وإني مسؤول وأنتم مسؤولون.
فماذا أنتم قائلون؟
قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيرا.
قال: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأنَّ جنَّته حقّ ونارَه حق وأن الموت حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور؟.
قالوا: بلى نشهد بذلك.
قال: اللهم اشهد.
ثم قال: أيها الناس ألا تسمعون؟.
قالوا: نعم.
قال: فإني فرط على الحوض، وأنتم واردون علي الحوض، وإن عرضه ما بين صنعاء وبُصرى فيه أقداح عدد النجوم من فضة فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين.
فنادى منادٍ: وما الثقلان يا رسول الله؟.
قال: الثقل الأكبر كتاب الله طرف بيد الله عز وجل وطرف بأيديكم فتمسكوا به لا تضلوا، والآخر الأصغر عِترَتي، وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتى يراد على الحوض فسألت ذلك لهما ربي، فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ثم أخذ بيد عليٍ فرفعها حتى رؤيَ بياض آباطهما وعرفه القوم أجمعون.
فقال: أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟.
قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعلي مولاه، يقولها ثلاث مرات.
وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة (أربع مرات ).
ثم قال: اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحبَّ من أحبّه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار، ألا فليبلغ الشاهد الغائب، ثم لم يتفرقوا حتى نزل أمين وحي الله بقوله " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا".
فقال رسول الله (ص) : الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، والولاية لعلي من بعدي.
ليتعالى صوت القوم بالتكبير والتهليل والتهاني واجتمع الناس حول الامام علي (ع) يهنئون أمير المؤمنين ,وممن هنأه في مقدم الصحابة ( أبو بكر وعمر) كل يقول: " بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة".
وقال ابن عباس: وجبت والله في أعناق القوم.
فقال حسان: إئذن لي يا رسول الله أن أقول في علي أبياتا تسمعهن.
فقال: قل على بركة الله.
فقام حسان فقال: يا معشر مشيخة قريش أتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية ثم قال: " ينادبهم يوم الغدير نبيهم * * بخم فاسمع بالرسول مناديا ".
وليعلم من اراد الغدر بعد الغدير ان المؤمن كالنحلة تأكل طيبا وتضع طيبا وسنبقى نحتفي بهذا اليوم ونعتبره العيد الثالث ان لم يك أعظم عيد في الكون .
عباس ساجت الغزي

Share |