عيد الولاية /طاهر مسلم البكاء

Thu, 24 Oct 2013 الساعة : 0:05

ابي الحسن علي ابن ابي طالب ، ابن عم رسول الله وصهره وأحد آل بيته ، واول من اسلم على يديه ، وهو أول الأئمة المعصومين ، وجميعهم يرجعون اليه ، وهو أول الشهداء في سلسلة شهداء الأئمة فهو بحق الشهيد أبو الشهداء .
و هو سـيف الله الغـالب ومعـجزته العظمى الذي أذل جبابـرة الجاهـلية وفرسانها ، ووجههم الى حيث الطريق القويم في إعلاء شأن الرسالة المحمدية ،وشجاهته لاتنكر فقد شارك في حروب النبي كلها ما عدا غزوة تبوك التي لم يلق فيها المسـلمون كيدا ، حيث أسـتخلفه النبـي علـى المدينه وقـال له ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى ألاّ أنه لانبي من بعدي ) ،وقد كان أول فدائي في الأسلام بمبيته في فراش النبي ليلة الهجرة .
تميز على بن ابي طالب بالشجاعة والعلم والعدل والفقه ،واشتهر بالثبات على المبدء ،مما خلق له أعداء كثيرون من طلاب الدنيا .
يندب عليا" في الملمات ،من الشيعي والسني والأديان الاخرى ،و ينقش أسمه على سيوف كبار الشخصيات،وفي أماكن بارزة في المنازل، ويحمل كالتمائم ،و توجد صوره في متاحف العالم الكبرى (المتحف الأيطالي في روما ،والثانية في متحف اللوفر )،وينظر اليه أهل العلم على أنه من أعاظم ما عرف التاريخ ،وإن أكثر أسماءنا علي ، و يزور مرقده الشريف الملايين سنويا و يتعرض أنصاره للقتل ولا يتبرءون من ولايته و يصر محبيه وشيعته على دفن موتاهم قرب مرقده مهما كلفهم ذلك وأينما ماتوا .
نقل ولادته الفريدة كبارالمؤرخين ومن مختلف المذاهب كالمسعودي وسبط ابن الجوزي وغيرهم ، ونذكر هنا نص كلام الحاكم النيسابوري على ما أورده عنه الحافظ الشافعي في ( كفاية الطالب ) قال :
( ولد أمير المؤمنين بمكة في بيت الله الحرام ،ليلة الجمعة لثلاث عشرة خلت من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل ولم يولد قبله ولابعده مولود في بيت الله الحرام سواه،أكراما" له بذلك وتعظيما" لمحله في التعظيم ) .
ـــ أبوه سيد البطحاء وشيخ قريش ورئيس مكة ، من كفل رسول الله صغيرا ً ،وحماه كبيرا ً ،وبوفاته أمر الله رسوله بمغادرة مكة .
ـــ أمه فاطمة بنت أسد ،من أختار لها الله أن تلد في بيته العتيق ، في سابقة لم تنلهاأمراة قبلها ولا بعدها ،وكانت من رسول الله بمنزلة الأم ،كفنها الرسول عند موتها بقميصه ،وتوسد في قبرها لتأمن من ضغطة القبر،ولقنها حجتها .
ـــ أخوه جعفر ذو الجناحين في الجنة وعمه أسد الله ، سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب .
ـــ زوجه سيدة نساء العالمين ، الزهراء البتول وهي الكوثر على وصف كتاب الله.
ـــ إبناه سيدا شباب أهل الجنة وجميع أئمة الأمة المعصومون من صلبه .
ـــ هو أسبق الناس الى الهدى، تربى في بيت رسول الله منذ صغره وتخلق بأخلاقه ،ثم كان حامل لوائه في معارك إظهارالرسالة وتثبيت الدين الحنيف . يقول طه حسين : (من الخطأ ان نقول أن علي رضي الله عنه وكرم الله وجهة ، أول من أسلم ، فعلي والاسلام ولدا معا ً) .
بيعة الغدير :

( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ{67} المائدة .
هذه الآية نزلت في الثامن عشر من ذي الحجة في غدير خم ،في مكان تتشعب فيه الطرق الى العراق والمدينة ومصر ، توقف الرسول ،وأمر بإعادة من تقدم من أصحابه ولحق به من تأخر ،وبعد صلاة الظهر خطب الرسول بالمسلمين خطبة طويلة ،ثم عطف لتبليغ هذا الأمر الذي شدد الله سبحانه على تبليغه وأعطاه مبلغا" من الخطورة والأهمية ،فيما لو لم يبلغ به ، فكأنما لم يبلغ رسالته كلها(ولننتبه الى أن هذا كلام الله سبحانه) فقال الرسول (ص) :
( أنتم واردون علي الحوض ،وأن عرضه ما بين صنعاء وبصرى ،فأنظروا كيف تخلفوني في الثقلين ) .
فنادى منادي : وما الثقلان يا رسول الله ؟ .
قال : ( الثقل الأكبر كتاب الله ما أن تمسكتم به لن تضلوا أبدا ً والثقل الأصغر عترتي ،وان اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فلا تقدموا عليهما ولاتقصروا عنهما فتهلكوا ) ثم قال :
أيها الناس ألستم تعلمون وتشهدون أني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟
قالوا بلى يا رسول الله .
فأخذ بيد علي ورفعهما حتى نظر الناس الى بياض أبطيهما ثُم قال :
(أيها الناس الله مولاي وأنا مولاكم ، فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه يقولهاثلاث مرات وفي لفظ أحمد أمام الحنابلة أربع مرات، ثم يقول اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ،وأنصر من نصره ،وأخذل من خذله ،وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه، وادر الحق معه حيث دار، ألا فليبلغ الشاهد الغائب ) ثم قال اللهم أشهد ،ثم أمر المسلمين أن يبايعوا عليا ً بالخلافة وأمرة المؤمنين
وجاء الشيخان أبو بكر وعمر وقالا يا رسول الله هذا أمر منك أم من الله ؟ فقال رسول الله : أنه أمر من الله ورسوله ،فقاما وبايعا ،وقال عمر : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، بخ بخ لك يا علي لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، أن هذه الواقعة تعتبر عند المؤرخين من أصح الأحاديث التي تواترت فيها الروايات من مختلف المذاهب والفرق وفوق ذلك فهي مسندة بكتاب الله .
قال أبن عباس : وجبت والله في أعناق القوم ،فقام حسان شاعر الرسول
وأرتجز قصيدة منها :
وبلغهم ما أنزل الله ربهم إليك ولاتخشى هناك الأعـاديـا
فقام به إذ ذاك رافع كفه بكف علي معلن الصوت عاليا
فمن كنت مولاه فهذا وليه فكونوا له أنصار صدق مواليا
ولما أنتهت البيعة لأمير المؤمنين نزلت الآية :
ـ (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) 3 المائدة .
لقد نقل المؤرخون أن أبا سفيان قد جاء الى علي وهو لم ينتهي بعد من دفن رسول الله قائلا ً ان القوم قد بايعوا أبا بكر ووقعت الخذلة للأنصار وأن كنت ترغب لأملأن الوادي لك خيلا ً ورجالا ً ، ولكن مثل هذا الأمر لم يكن يعمل مع علي ابن ابي طالب وهو الذي يقول (والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت وأن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها )، ان ما أراده أبو سفيان قد يعمل مع الآخرين ،حيث يسميه اليوم أصحاب المذاهب النفعية السياسة أو إستغلال الفرصة ، ولكن الأمام علي قال له :
لطالما كنت تكيد للإسلام .
في هذا الظرف الحرج يتجرد علي من الأهواء الشخصية الضيقة ومن أطماع الدنيا ويفكر في الإسلام وكيف ســيكون الحال أذا جرد الســيف وتراب قبر رسول الله لم يجف بعد ،وقد أثبت المؤرخون أن التشيّع لعلي قد بدأ في حياة الرسول وقد كان له أنصاره ومؤيدوه إضافة الى بني هاشم ، و ةلكنه فضل الاحتجاج والمطالبة بحقة بالطريقة التي أهله الله بها كولـي وأمير للمؤمـنين ليـس لمرحلة زائلة من التاريـخ الإسلامي، بل مستمرة الى يوم القيامة وما الإحتفالات العظيمة التي نشهدها اليوم في أصقاع الأرض حيث إمتداد العالم الإســلامي ألاّ دليل على صحة ما ذهب إليه عليه الســلام .
 

Share |