يوم بعُثنا من جديد/ ليث السراي

Thu, 24 Oct 2013 الساعة : 0:02

20/10 لم يكن يوم كمثل الايام او تاريخ ليوم عادي بل كان يوم اقل ما يقال عنه انه بداية لحياة جديدة لكثيرين من الناس الذين كانو منسيين في ظلم مطامير البعث والدكتاتورية ,حقيقة كان في هذا اليوم مشاهد من الصعب تخيلها او نسيانها للذين عاشوا تلك الحقبة في سجون العفالقة واشباه الرجال .
استيقظنا صبيحة هذا اليوم على بيان هام سيلقى للشعب العراقي فيه بشرى سارة لابناء الشعب الساعة لم تتجاوز العاشرة صباحا لم اعرف من اين عرف اكثر السجناء ان هذه البشرى هي عفواً عاما وشامل ستطلقه الحكومة ,حالي حال الكثير لم اصدق هذه الاخبار وحتى ان كان صدق ما يقولون فان هذا العفو كسابقه ستكون فيه استثناءات كثير ابسطها عدم شمول سجناء الرأي او سجناء قسم الاحكام الخاصة كما كانوا يسمونهم ,مرت الدقائق بطيئة جدا البعض مشغول بترتيب حقائبه استعداداً للخروج بعد سنوات من العذاب والحرمان والالم لا يعرفه سوى من عاشه بحق,فيما اخذ اخرون يضحكون من تفاؤل هؤلاء الغير مبرر طبعا حسب رأيهم ,ولكن ما هي الا دقائق وسنعرف من فينا كان محقاً.
لم يبقى الا خمس دقائق لتبلغ الساعة الثانية عشر ظهراً وهو موعد القاء البيان الكل مترقب وخائف في نفس الوقت هل فعلا سنرى السماء ثانيةً هل سيكون يوم مفرح لامهاتنا وفيما الكل يفكر ويترقب في موقف صعب جدا وكأننا اصبحنا مصداق حقيقي لقول الاية الكريمة وبلغت القلوب الحناجر .اذا بوزير الثقافة يطل من على الشاشة ليعلن عن اصدار عفو عام وشامل لكل السجناء,وبدون استثناء لنسمع بعدها بكاء الاخوة والذي كان اشده من قبل سجناء قضوا مدة 20 سنة في هذه السجون وبعضهم قضى مدة 22 سنة لم نكن نشعر بحالنا ولم نفكر بأنفسنا ابداً بقدر ما بكينا من اجل هؤلاء الاخوة .
تسمرنا في مكاننا واخذنا نتسائل متى تطبيق القرار وكيف ما حال اخوتنا في قاطع الاعدام والذين ينتظرون تنفيذ احكامهم بعد يوم او يومين,ولم يمر وقت طويل واذا بسيد مهدي وهو من اطيب الناس وانقاهم قلباً كحال الكثير من سجناء الخاصة يقول ماذا تنتظرون الناس بدأت بالخروج صدمنا الخبر كثيرا كيف يخرجون هل يعقل ان تفتح هذه الابواب العتية والقاسية التي لم تعرف معنى الفتح يوما في حياتها واذا بأخينا المرحوم بشير وهو سجين قضى اكثر من 10 سنوات يقول ليذهب احدنا ويستطلع الامر.
وما هي الا لحظات حتى عاد وصاح باعلى صوته ان هذه الاطفال والنساء قد دخلوا علينا وهم يبحثون عن ابائهم,وهذه من المفارقات فهذه الابواب التي صنعها طاغية لاقسى سجونها وليعذب بها معارضيه قد فتحت على ايدي الاطفال ,لانهم طالبي الحياة وهم رمزها ايضاً وليقوموا ببعث الالاف الى الحياة من جديد.
لم يمر وقت طويل حتى اخذنا ما خف وزنه وتركنا كل ما نملك ورائنا لنخرج ونرى السماء من جديد وعند الابواب رأينا كل عبر الحياة تتجمع فيها فهذا من حملته امه وكأنه وليدها الصغير وهذا من تعلق به طفله ليبث به روحاً جديدة كان قد تركها عنده مذ كان صغيراً ,ولا انسى اقوى المناظر وهو منظر شيخ رعد الذي اعدم اخيه قبله بسنوات ليأتي الدور اليه ويحكم بالاعدام ايضاً وهو الوحيد الذي بقي لوالدته ولكن تشاء الاقدار ان يبقى حياً ويخرج من قاطع الاعدام قبل التنفيذ به بايام قليلة وليلقى في باب السجن امه التي كانت تنتظره منذ ساعات الصباح الاولى وليتعانقا عناقاً طويلاً في مشهد دراما قل نظيره في كل دول العالم.
سادتي قد اختصرت الكثير الكثير من المأسي والمشاهد من اجل عدم الاطالة ولكن كان همي ان اقول بينما كان الناس يعيشون في سجن كبير اسمه العراق كان هناك ابناء واخوة لكم يعيشون في سجون ضيقة وقاسية ومؤلمة وهذا امر بسيط جدا وصورة قد تكون معبرة عن بعض حقيقة العيش في زمن النظام المجرم ,ولكن لا احد يستطيع تصوير الصورة الاكبر عن مقدار الظلم الذي لحق بهذا الشعب والذي لم ينفك عنه ابداً ابداً الى الان .

Share |