فقراء يلتحفون بالذهب/ طاهر مسلم البكاء

Tue, 22 Oct 2013 الساعة : 0:07

اخر احصائيات الأمم المتحدة تشير الى ان ست ملايين ونصف المليون عراقي ، يعيشون تحت مستوى خط الفقر و بنسبة فقر تقدر ب ( 9 . 18 % ) ، وهو رقم مهول حقا ً اذا اخذنا بنظر الأعتبار الثروات الهائلة التي تكتنزها ارض العراق وعلى جميع الأصعدة ،ثروات نفطية ومعدنية ، مقومات صناعة وزراعة وسياحة ، فأننا نقف مشدوهين امام ارقام الفقر الذي يعيشه الشعب ، صحيح ان البلد يتعرض لهجمات ارهابية تكاد تكون مستمرة ، وانه دخل في آتون حروب كبرى وحصار دولي قاسي ، ولكن شعبه يقاوم كل ذلك ببسالة منقطعة النظير ، وان كميات النفط التي تصدر يوميا ً تصل حاليا ً الى أكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميا ً ، وهي مستمرة بالزيادة حيث الأستكشافات والأستثمارات الجديدة لحقول ضخمة وخاصة في المدن الجنوبية .
اذن من حق الجميع ان يتساءل : لماذا هذا الرقم الضخم من الفقراء في بلد يفيض بالخيرات ؟
هناك تبريرات عديدة نستعرض بعضها ،غير انها لاتجيز لذوي القرار العذر ، حيث ان السياسة هي تجاوز العقبات وليس الوقوف للتفرج ازاءها :
- ان الوضع الذي اصبح عليه العراق بعد العام 2003 من حيث تعدد الأحزاب وتفرع القرارأوجد صعوبة الأتجاه بالبلاد في اتجاه الطريق الصواب ، واصبح القرار فيه متشظيا ً.
- نكول امريكا والدول المتحالفة في وعودها الى شعب العراق ،بالوقوف الى جانبه حتى يقف ثانية ويتخلص من الدمار الذي لحق بالبلاد من جراء الحروب التي شنها الغرب بحجة القضاء على الرئيس العراقي ، وقد تبين انها كانت مجرد وعود لتسهيل الغزو .
- الهبوط المستمر في الوضع الأمني وتردي حالة الأستقرار ،شجع على تصاعد الفساد الأداري والمالي ،وخروج كميات كبيرة من العملة الى خارج البلاد .
- صعود اسعار السوق بما لايناسب مقدار الرواتب التي يتقاضاها أغلب العراقيين ،بأستثناء رواتب البرلمان والدرجات الخاصة المبالغ بمقاديرها .
- استفحال أزمة السكن بشكل لافت للنظر ، وعدم وجود مشاريع كبرى لمعالجة الحالة ،وحتى بعض مشاريع البناء العمودي التي بوشر ببناءها لاتزال لاتفي بجزء بسيط من الأحتياج المتراكم للسكن .
- سحب الدولة نفسها من أي دعم للخدمات المقدمة للمواطن فأصبحت تشكل عبئا ً اقتصاديا ً ثقيلا ً على دخله ،مثل الصحة والتعليم الذي يضطر المواطن فيهما الى الأتجاه الى القطاع الخاص ، لعدم كفاية الخدمة العامة في الكم والنوع ، كما ان الخدمات التي دخلت العراق بعد 2003 شكلت عبئا ً ئقيلا ً على الدخل المتواضع للمواطن مثل : خدمات الحاسوب و الموبايل والأنترنيت ..وغيرها .
- تردي واقع الكهرباء الوطنية أجبر المواطن على شراء الكهرباء من مولدات تعود للقطاع الخاص ، وبنفس الوقت تسجل الدولة عليه اجور كهرباء شهرية !
مطالبات متقابلة بين الشعب والبرلمان :
طالب برلمانيون ومسؤولون كبار في الحكومة بقطع مفردات البطاقة التموينية والتي كانت توزع على عموم المواطنين قبل 2003 ،وقد تم بالفعل قطع هذا التمويل عن كل عراقي يصل راتبه الشهري الى مليون ونصف دينار بغض النظر عن عدد افراد عائلته ، علما ً ان العائلة التي تتكون من خمسة افراد كمتوسط لايشكل المليون ونصف لها دخلا ً محترما ً وذلك وفق اسعار السوق السائدة اليوم .
بالمقابل طالب الشعب في مظاهرات كبيرة خرجت في أغلب المدن العراقية بتخفيض رواتب البرلمانيين والدرجات الخاصة ، وضرورة تقنين الأمتيازات المقدمة لهم والغاء الرواتب التقاعدية التي ستشكل عبئا ً كبيرا ً على الميزانية كلما تقدم الزمن .
ثروات العراق غير مستغلة :
ان اغلب ثروات العراق هي اليوم لاتزال بكر لم تستغل بالصورة الصحيحة ، فالثروة النفطية والتي هي بحجم ثلاثة ملايين برميل يوميا ً يمكن ان تصل الى اكثر من اثني عشر مليون برميل يوميا ً لو استغلت بالكامل ، كذلك الثروات المعدنية الهائلة التي تتوزع على خارطة العراق من الشمال الى الجنوب لم يجري استغلالها ، وهنا من الضروري ان نذكر الأنحسار الخاطئ لوزارة الصناعة والمعادن واهمال منشآتها الضخمة في عموم العراق وعدم تحديثها ، ويظهر من توزيعها لكادرها الفني على الوزارات انها في طور التفكك والألغاء ! أما في المجال الزراعي فأن وجود الأراضي الزراعية الشاسعة يشكل ثروة زراعية كبيرة تبحث عن حوافز جيدة تدفع الفلاح الى الأبداع واستغلالها الأستغلال الأمثل ، اما السياحة ، فأن الاف المدن السياحية لاتزال مطمورة تحت الأرض ،هذا عدى عن السياحة الدينية والسياحة الطبيعية في الشمال والجنوب ، والتي يشتهر فيها العراق عالميا ً ولايعوزه سوى تدعيم الأمن والأستقرار لتزدهر هذه الثروة .
ان هذا يبرز بصورة واضحة ان الأعداد الكبيرة من الفقراء تغفو وسط ثروات وكنوز هائلة لو استغلت بالصورة الصحيحة ،وتوجه ابناء العراق الى بناء بلدهم واعماره وترك الخلافات الهامشية ،فانهم سيغيرون احوالهم نحو الأفضل وبأتجاه ماينشدونه من حياة كريمة .

Share |