فضائحنا لاتظهر إلا بعد ان تطفو لدى الآخرين/طاهر مسلم البكاء

Thu, 17 Oct 2013 الساعة : 7:30

الجميع يلعن الفساد والمفسدين سواء في الأجراءات الرسمية والحكومية أو في الأعلام او الحملات الأنتخابية او في الندوات والجلسات العامة ، ولكن الفساد أخذ طريقه في الحياة العامة العراقية حتى اصبح صفة مميزة وملازمة لها ،واصبح يتصدر دول العالم فيه وفق احدث الأحصائيات العالمية .
ان مما يبعث على الألم ان يبذر المال العام على هذه الشاكلة ، ويشاع الكثير عن الثروات الخاصة للمسؤولين او ابناءهم ،وامتلاكهم لفلل وضياع وسيارات فارهة في الخارج ويظهر ذلك واضحا ً بالصور على صفحات التواصل الأجتماعي ،ولكننا لانريد ان نتحدث عن القيل والقال رغم انه ليس هناك رماد بدون نار ، وسنتناول حادثتين بارزتين تناولتها صحف العالم خارج العراق قبل ان تظهر للعلن وتنكشف في العراق .
جهاز كشف المتفجرات وجسر الحضارات :
استخدم الجهاز الشبيه بالمسدس والذي يمسك به الشخص القائم بالكشف كالمسدس ثم يسير بمحاذات السيارة المراد الكشف عليها ،وكثير ما يسأل ركاب السيارة اذا كان احدهم يضع حشوة لأسنانه او يحمل عطرا ً اوما الى ذلك من اسئلة أخذ يتندر بها الشارع العراقي قبل ان يكتشف فشل الجهاز بوقت طويل ، ولكن لم يجرؤ شخص على ان يتقول على فعالية هذا الجهاز بصورة رسمية حتى تم اعتقال الشخص المسؤول عن بيعه الى العراق في بريطانيا ! ثم ظهرت قصص واقاويل لاتزال غامضة الى اليوم عن كيفية شراء واعتماد هذا الجهاز .
ان موضوعنا الرئيس هو ان نلاحظ ان امر اخطاء ارتكبناها وكنا مستمرين في السير عليها لم يشار اليها حتى فضحتها الحكومة البريطانية بأعتقالها الشخص المعني .
واليوم يثار في محافظة ذي قار موضوع لطالما تساءل المواطن البسيط عن الغموض الذي يحيط به أنه جسر الحضارات ، فالمواطن لم يرى أي عمالة اجنبية تعمل في انشاء الجسر مع ان المعلن ان شركات فرنسية سوف تقوم بالتنفيذ ، كما ان العمل يجري داخل النهر بحيث يكاد يغلق مجرى النهر بينما يقال انه جسر معلق، إضافة الى البطئ الذي يسير به العمل ، وهي اسئلة حائرة ظل يرددها حتى الأنسان البسيط الذي لايملك خبرة في الأنشاءات .
وكما في حادثت جهاز الفحص ،فقد بدت الزوبعة تعلو ويثار الموضوع بعد ان نشرت صحيفة اللوموند الفرنسية أن السفير الفرنسي السابق في العراق بوريس بوالون قد تم توقيفه من قبل كمارك محطة قطار الشمال في باريس بعد ان ضبطت بحوزته كمية كبيرة من النقد ،حوالي ( 350 الف يورو و 40 الف دولار ) وهو في طريقه الى بروكسل ، ثم ذكر السفير لاحقا ً ان المبالغ التي حصل عليها هي مقابل خدمات لحساب شركات عراقية ، كان من ابرزها مشروع جسر الحضارات في ذي قار ، ويجب ان ننتبه الى ان موضوعنا هو ليس الفساد الذي هو يسير كالماء تحت ارجلنا ، ولكن ،كما حصل في الحالة الأولى، ان حكومة غربية اقتصت من مواطنيها فبانت فظائحنا وبدأ مسؤلينا بتناولها .
أن معالجة الفساد ليس فقط بتتبع الفاسدين ومعاقبتهم أينما كانوا وأي منصب سياسي شغلوا ، بل أيضا" في توفير العمل الشريف وبالأجر الذي يلبي الحاجات الأساسية،وتوفير السكن اللائق لكل مواطن وعدم ترك الحبل على الغارب ودراسة حالات الخرق ووضع الحلول المناسبة لها وأحقاق الحق وتوفير الفرص للجميع وفق مبدئ الكفاءة ، وعدم أهمال الذين يفنون العمر في خدمة البلاد وتوفير الحياة الكريمة لهم بعد بلوغهم السن القانونية للرعاية الأجتماعية ،وهذا ما متبع في دول العالم المتمدنة ،وهذا ما يوفر الأطمئنان والراحة النفسية للمواطن في جميع مراحل العمر .
ولايمكن معالجة الفساد الذي أستشرى كظاهرة أبان الفراغ الأمني الذي أستمر لسنوات والذي أوجد سلبيات كثيرة أخرى ، ببضع كلمات في الأعلام أو بتعين هيئة كذا أو اللجان الفلانية بقدر ما يبدأ المسؤولون بأنفسهم يعالجون مايرونه من أخطاء في مرآة عيون عامة الشعب وفي الأعلام الجماهيري ومن ثم تحديد بؤر الفساد بأشكالها والوقوف ضدها من أي جهة برزت وتمييزها كنقاط سوداء يقف الجميع ضدها ،وعدم السماح للبعض بجعلها عباءة توفر له المرور غير النزيه ،أيا" كانت الدوافع ، ومن أخطر ما يواجه محاولات القضاء على الفساد هو تطبيق ضوابطه على العامة والناس البسطاء ، وعدم تطبيق نفس الضوابط على المسؤولين وأصحاب الوجاهه ممن تعودوا أن يمررون ما يريدون في أي مكان ذهبوا اليه ، وهذا يسقط أجراءات الدولة في نظر عامة الشعب ويقلل تقيدها بها وأحترامها للقانون ،ومن المهم جدا" دراسة الأسباب الخاصة والعامة التي أدت وتؤدي الى ولادة ونمو الفساد بهذا الحجم ،ووضع الحلول الجذرية والناجعة لكل حالة .

Share |