ألشّباب و آلشّيب الحقيقي!/عزيز الخزرجي
Tue, 15 Oct 2013 الساعة : 0:26

كَتَبَ لي صديقٌ واصفاً "ألشّيب" و آلامهِ قائلاً:
[إشْتَعَلَ آلرّأسُ شيباً و تغيّرَ كلّ ما فينا .. تغيّرنا .. تغيّر لون بشرتنا, و لونَ شعرنا .. تَساقطَ زهرُ روضتنا .. تهاوى سِحْرَ ماضينا .. تغيّر كلّ ما فينا ..تَغيّرنا .. زمانٌ كانَ يُسعدنا.نراهُ آلآنَ يُشقينا .. و حُبٌّ عاشَ في دمنا .تَسَرّبَ بينَ أيدينا .. و شوقٌ كانَ يَحملُنا .. فتكسرتْ أمانينا .. و لحنٌ كانَ يبعثنا.إذا ماتَتْ أغانينا .. تَغيّرنا .. تغيّرنا .. تغيّرَ كلّ ما فينا .. و لا أحدٌ سوى الله يُداوينا].
فأجبْتهُ قائلاً: أخي ألعزيز؛
ليسَ "آلشيبُ" كما وَصَفْت!
بل علاماتُ "ألشيّبُ" ألحقيقيّة هي؛ موتُ ألقلب و نُضوب ألعِشقِ في وجود ألأنسان!
"ألشّيبُ" ألحقيقيّ؛ قد يُلازم آلشّباب و حتّى آلصّبيان إلى آخر ألعُمر وهم غافلون .. و قد يكون صاحبهُ بحقّ صبيّاً بسبب ألتّركة ألثقيلة ألّتي وَرَثها من والديه و أفعال و أعمال ألّذين تولّوا تربيتهِ .. حتّى أماتوا في وجوده ألحبّ و آلحياة و آلأمل و آلعِشق و هو لمْ يزل طفلاً لم يبلغ آلحلم!
فموت ألضّمير و آلأنسانيّة .. أو سموّ آلضّمير و آلأنسانيّة .. في وجود أيّ كائن .. شباباً و شيباً إنساً أو جنّاً؛ هو آلمعيار فيهم في عالم ألوجود لنيل آلشّقاء في حال موتها أو آلسّعادة في حال إحيائها!
و لا تعجبْ حينَ ترى مخلوقاً حتّى لو كانَ طيراً أو حيواناً أليفاً أقدر على آلحُبّ و آلوفاء و آلحياة ألنّوعيّة من إنسانٍ مريضٍ تركتْ ألتّربية ألفاسدة فيه أنواعاً من آلعُقد و آلمرض .. فأمسى خطيراً في مُجتمعه و حتّى عائلته و مع شركائه و زملائه ألمُقرّبين, بينما ذلك آلطير ألمُحب و آلحيوان ألأليف قد يكونُ مبعثاً للفرح و آلسّعادة و آلعطاء, بمعنى أشرف و أنبل منهُ بكثير!
تيّقَنْ يا أخي .. و مَعَكَ كلّ الأخوة ألقُرّاء؛ بأنّكم مَتى مَا كُنتَم قادرين على آلحُبّ و آلعطاء و آلعشق؛ عشقُ آلجّمالِ؛ عشقُ آلوردِ؛ عشقُ آلطبيعة؛ عشقُ آلأنسانِ, فأنتمُ شبابٌ حتّى لو جاوزتْ أعماركم آلقرن و آلقرون .. بل إلى آخر آلزّمان .. هذا إنْ كان للزّمن من آخر أو أوّل .. و آلسّر ألكامن في ذلك مُرتبطٌ بعشقِ الله آلّذي لا ينضب أبداً!
فلا عطاء .. و لا حبٌّ حقيقيّ إلا بآلله ألّذي وهَبَ آلقلوب ألعاشقة للوجود و للأنسان هذا آلسّر ألعظيم ألّذي لا يعرفه و لم يكتشفهُ للآن مُعظم ألبشر إنْ لمْ أقل كلّهم بدّقة و شفافيّة!
فأنتَ مع آلعشق وحدهُ تبقى شابّاً مُخلّداً للأبد .. و مُقتدراً و بطلاً سرمديّاً في الوجود!
و ليس آلشّباب بآلقوّة ألجَسَديّة كما فهمهُ عامّة ألنّاس, خصوصاً ألعرب و ألعراقيون منهم .. لأنّ آلقوّة ألعضليّة حتّى "أسلحة الدّمار الشامل" محدودةً مهما بَرزتْ و طاشتْ, بل بإمكان رصاصةٍ صغيرةٍ أن تُودي بكلّ قوّتك ألجّسديّة و بكل بساطة و في لحظة فقط!
إذن؛ ألشّباب ألحقيقيّ ألدّائم و آلسّعادة ألحقيقيّة يا إخوتي؛ هي في قوّة و نظارة ألقلب و شَكْلِ آلأبتسامة ألجّميلة ألعطوفة ألّتي ترتسمُ على آلشّفاه و ملامح ألوجه .. و في آلكلمةُ ألطيّبة و آلنّظرة ألحنونة ألّتي يُحبّها آلنّاس .. خصوصاً؛ أصحاب ألقلوب من آلرّجال و ألنّساء ألّلواتي يَعرُفن أكثر منّا بشفافيّتها و معانيها و أسرارها و أبعادها, و لله في خلقه شؤون!
تحياتي لكُلّ ألعُشّاق ألمُعذبين من أهل ألقُلوب ألبيضاء .. خصوصاً ذوي آلشّعر ألأبيض منهم .. هذا أللون ألنّاصع ألّذي ترتاح لهُ آلنّفوس و تسرّ ألقلوب .. و هو آلّلون ألّذي أكرمَ آللهُ بهِ نَبِيّنا إبراهيم عليه و على محمد و آلهِ ألسّلام .. حينَ أشرفَ على نهاية عمره!
و إعلم بأنّ جمال آلأبيض و آلآفاق ألمكنونة فيه يُضاهي جمال كلّ آلألوان ألأخرى خصوصاً ألّلون "ألأسود" ألقاتم ألّذي يقبض ألقلوب ألبيضاء بدكنته و دلالاته ألشّهوانية!
و شكراً للدّاركين لقولنا من أهل ألقُلوب ألبيضاء و نُعَذّر أهل ألعقول ألسّوداء!
فآلفروق كبيرة .. و كبيرةٌ جدّاً .. بين أهل ألقلوب و أهل ألعقول .. أتمنّى أنْ تعروفها!؟
عزيز الخزرجي