تداعيات الروح في ضياع قمر العيون-الدكتور رافد علاء الخزاعي-بغداد
Wed, 11 May 2011 الساعة : 12:28

تداعيات الروح في ضياع قمر العيون(مرثية في استشهاد شقيقي العميد الطيار محمد علاء الخزاعي)
بسم من خلق الاجساد وبعث فيها الارواح وكتب لها اجالها .
بسم من جمع القلوب والارواح وكتب عليها الفراق .
باسمك … باسمي …. باسم ذلك الخيط الذي ربطنا .
ودع محمد إن الركبَ مرتحلُ وهل تطيقُ وداعاً أيها الرجلُ
أخي … صديقي … اختر منهما ما تشاء .
ما الذي يدفعني للكتابة عن الرحيل ؟ لماذا الان ؟ ، والآن فقط ؟ اهي صدمة القلب بفقدان الذكرى ؟ ام انه وجع الرحيل المفاجيء؟ ، ام تراه انفجار المشاعر امام هذا الوحش الذي يقتنص منا الاحبة … دون اذن او مؤشرات … هذا الوحش الذي لا يرحم دمعة أم… أو قلب زوجة … أو أنين ابنة او ابن......او اعتصار قلب شقيق نبت من رحم واحد ؟ لا يرحم وجع قلب لصديق تسبب به هذا الوحش .
اهو الموت ام الفناء … ام الرحيل لحين اللقاء السرمدي ؟ ام انه الغدر يا صديقي ؟.
…. يا سيد نفسك … اين انت الآن اخبرني ؟ … كيف هي الاحوال عندك ؟ كيف الاجواء من حولك ؟ كيف كان استقبالك ؟ هل استقبلوك بابتسامة وباهلا كما تحب ؟ .
اتراها المفاجئة هي التي الجمتني … ومنعتني من الامساك بتلابيب الحرف الذي كنت تطرزه رسائل حب وصدق من ان يصبح مجرد رسوم تحسها العين عن بعد بعدك ؟ .
أبو امير… سلام عليك يوم ولدت … ويوم زينت كتفيك بالنجمة الأولى… سلام عليك يومنا مسكنا القلم وكتبنا معا دار دور سنعمر وطن يشمخ مع النجوم.... ويوم كنا في الكشافة ونحن نلبس ملابس الفدائيين المرقطة ونرفع العلم العراقي في ساحة المدرسة... يوم مثلت مسرحية ام الشهيد وانت اخذت ومثلت دور الشهيد الذي روى بدمه ساحة الوطن … سلام عليك يوم فرحتك بالتحليق مع الصقور في سماء الوطن.... سلام عليك يوم رحلت عنا ويوم تبعث حيا .
ابو امير…. اسمح لي ان اسألك …. وبعد ان تجيبني ابوح لك بما في القلب من وجع .
محمد … كيف رحلت ؟، ما الذي اغراك بالرحيل ؟، ما الذي جعلك تترك كل شيء خلفك وتغادر إلى حيث البعيد ؟ حيث اللا أمل بلقاء … ودعت روحك في ساحة اللقاء اهي حتمية القدر ام تشابه التسميات ان يكون الوداع في ساحة اللقاء ..... أين الوفاء يا من كنت تحمله اغنية للقلب ؟ ، هل ودعت ؟ هل طبعت قبلتك … قبلة الوداع على جبين سيدة الحور كما كنت تصفها ؟، كيف وافقت على رحيلك بهذه السهولة ؟، لمَ لم تودعني … ام ان الزمن حال بيننا ؟ ان كلماتي الاخيرة لك وقبلتي لشفهاك المداماة وتلقين الشهادة ومعاهدتي لك لاكمال مسيرتك في بر والداي وتكملة تعليم ابنائك ومسح دموعك الممزوجة بلدم......هي لحضاتي الاخيرة.......انتظر منك الاجابة … انتظرها في الحلم وفي اليقظة .
اخي وصديقي وحبيب روحي الانيق ؟ اين اشراقة ابتسامتك ؟ ، أين جلبة ضحكتك التي كانت تدوي بعد كل درس او بعد أي نقاش طويل ؟ .
آه أخي … أجوس الأماكن … التي مررنا بها … التي أمطرت جباهنا العرق على ترابها …. فتنبجس الذكريات بكل تفاصيلها … هنا ضحكنا … هنا تناقشنا …. هنا كتبت ومزق محمد … هنا كتب محمد وأخبرته بأن ما كتب لا يليق به … محمد الرسائل م تعد تجد من يكتبها ألان الرسائل والقصائد تشكو يتمها تبدو الحروف عرجاء … الكلمات فقدت معانيها وموسيقاها .
هل ما زالت ذاكرتك مشتعلة بتلك الايام ؟ عندما كنا نخرج لنزهة او رحلة او لزيارة الاقارب او تمثيل والدنا لمناسبة عامة … وانت تحمل فكرك الوهاج وانا اوراقي … واستعد لكتابة ما تمليني من حكم وقصص وسنائن عشائرية ، كنت تبتسم و تقول أبيت المشيخة وما بعدها … لمَ لم تكمل مشوارك ؟ فاضحك من كل قلبي … إنها سنة الحياة التي أرادت أن نكون خلفك … لتكون انت في الامام تقينا من المخاطر … ونكون من الخلف نحميك من الغدر … وتجلجل بعدها ضحكتنا … حيث نرى ابتسام تلك الاماكن التي كانت تقابلنا .
اخي … هل عندكم الان نقاشات جلسات سمر … كيف هي ؟
محمد اين رسائلك التي كنت تختفي عنا لتكتبها ؟……… هل أخذتها معك ؟ لتبعثها من مكانك الجديد ؟ .
محمد روح القلب ؟ يا ابن بغداد وميسان وعراق العز والكرامة......ياقمر خزاعة… وصهر ديالى وتميم الاجاويد …اما زلت تصر على اجابتك التي مكثت على لسانك طيلة ايامنا سويا … لم لا تستبدل نظارتك السوداء …. وتكون اجابتك : انك ترتديها لئلا يرى العالم صورة ملهمتك في عينيك .
اتراهم رأوها الان ؟ ، هل عرفوا شيئا عن مكانتها في قلبك ؟ هل سألوك عنها ؟ وهل اجبتهم كما كنت تجيبني ؟ ، هل طلبوا منك ما طلبت ذات مرة ، ان تكون اجابتك لي عنوانا لقصيدتها او معلقتها ، هل قرأوا قصائدك المجنونة ؟ ما رأيهم فيها .
هل تسمح لي بأن أسالك عن الروح التي كانت تسكنك ؟ هل اجتمعت فيها المواصفات التي وضعتها قبل ان تراها … ؟ اما زلت تذكر تلك المواصفات ؟ ، أهي مثقفة كما كنت تحب ، اهي مختلفة عن بنات جنسها كما كنت ترغب ، هل هي حنونة كما كنت تفضل ؟ هل كانت تملك من الجنون ما يكفي وقارك ؟ ، هل أحببتها بصدق ؟ ، إذاً كيف تركتها ورحلت ؟ .
نعم محمد يا من كسرت قلبي بالجراح … لقد كنت تمسك بغرة القصيدة … كان الحرف يفر اليك لتنقشه رسالة حب ، فالمشاعر بعدك يتيمة ، والعواطف تبدو من دونك عرجاء يا سيدي … لذا ترى الحرف فقد شكله … ولم تعد للرسائل قيمة .
سيدي هذه الكلمة التي طالما كرهتها ممن هم دونك … هانا اناديك بها الان فقط لاغضبك كما اغضبتني برحيلك … لامحو الابتسامة عن شفتيك … كما محوتها من القلب … لارد لك دينك فهكذا علمتني أمي أن لا يبات لي ثأر .
محمد القلب هل زارت روحك مكان استقبالك الاول بعد تخرجك ؟، هل زارت روحك السرية الثالثة ؟، هل زارت بغداد وشوارعها التي تعشق .. . إذاً لمَ لم تزرني ؟، هل عندك احد من رفاق السلاح من الطيارين الذين ذبحوا في سبيل اعداء الماضي … وصقور الجو وحماة سماء العراق ؟، .....هل رائيت اخيك الشهيد احمد الذي سبقك بخمسة اعوام.......هل شهادة خالك عزيز شهيد الدعوة........هل شهادت ابناء عمومتك من شهداء العراق والانتفاضة.... هل بجانبك احد منهم ؟، كيف تتعاملون ؟.
تقول أمي … اذا رحل قلب طيب … بكته في السماء بنات نعش، وخسفت الشمس وكسف القمر … كيف لم انتبه لذلك البكاء ؟،.. هل طغى عليه ضجيج جراحي ، … كيف لم انتبه للخسوف والكسوف … هل كانت السماء ملبدة بأحزاني..؟ .
اخي وصديقي … وتؤامي الروحي وابن امي وابي .
اعذرني الان … فالكلمات تهجرني … وتجلدني الاسئلة بسياطها … محمد هل من زيارة ولو في الحلم ؟.
آه ...اه....اه....محمد … في حضرة الغياب يجللني الوجع … ومن مزاريب السماء يتسرب الانين … ليستقر في القلب ….آآآآآآآآآآه أخي من جلبة الانين … ومن سياط الدمع المتحجر … ومن فوضاه التي تعيث في الاحاسيس دمارا ووجعا ازلي .
آآآه من غيوم الحزن … لا لا لا ، أبدا لم يكن حزنا … فأنا اعرف الحزن … اميزه من مسافات تتجاوز حدود بصر زرقاء اليمامة … اشتم رائحته عن بعد … لا ليس حزنا … انه موت من نوع اخر .
ما زلت اخي اسمع نداءاتك في تلك الآماسي قبيل ان اودعك الوداع الاخير … وانت تحاول ان تثنيني عن قراري في في البقاء في ارض الوطن......بعد محاولة اغتيالي..... وتسألني : من هذه التي تقودك لتدمير مستقبلك ؟، من هذه التي تسير خلفها إلى المجهول .
وأجيبك انه الملل … فأنا مخلوق لا يطيق الروتين … اكره تكرار الأشياء ، اكره أن تموت براءتي … وأسألك ماذا لو طلبت منك حوريتك ذلك ؟، تبتسم ، وتتجاهل سؤالي .
ما سمعت منك او لك … واخذتني الايام بعيدا … إلى حيث انا الان … يعني كما قلت إلى حيث لا ادري … إلى حيث المجهول .
هل رحلت دون وداعي … عقابا لي … لاني اقراء الاشياء والبصيرة عن بعد .
آآآه محمد … وهل بقي للقلب ابو امير يرتكز عليها ؟؟؟، هل انت غادر ، نعم انك غادر … لقد رحلت دون وداع دون ان تخبرنا .. دون ان تلمح حتى بذلك ، هل انت قليل الوفاء … بالتأكيد … اهكذا ترحل حتى ولا وداعا اين تلك الوعود التي قطعناها بأن لا ننقطع ؟.
محمد … هل تظنني حزين ؟ لو كانت اجابتك بنعم حقا تكون قد اخطأت … لانه لا يشعر بالحزن الا من تسكنه الحياة … هل تظن انك اول خساراتي ؟ ، لا يا سيدي … اولى خساراتي هي التي توقعتها انت ذات قراءة للغيب … ام انك اخرها ؟، وهل لجرح بميت ايلام ؟ ، ولكني فقدت برحيلك نبضة صدق …وذكرى كانت ترسم على الشفاه ابتسامة .
سؤال أخير … هل اتعبك الحب ؟ ، فقررت أن ترتاح من عذاباته ؟ اسمح لي فاني امارس دوراً كنت تمارسه ذات حياة .
لم يكن بعدنا جفاء … بل كان اختبارا للوفاء … فمن الوفي ؟، من صعقه خبر الرحيل … ام من رحل والابتسامة تعتلي شفتيه ؟ .
ايها النبيل … ليلاي الان في عالمك… نعم لقد سبقتك إلى هناك … هل سألت عنها ؟، هل رايتها ؟ ، كيف اصبحت ؟، اما زالت تحتفظ بسحر ابتسامتها ؟، .
إني انتظر القطار فقط لآتيكم ، ما باله تأخر كثيرا ، كيف العبور إلى عالمكم ؟ هل تتواصلون ؟ ، كيف كان استقبالها لك ، هل اعلمتها بأن الايام حالت بيننا ، الا زالت تحاول كتابة روايتها ( رحلة الروح الراجعة ) .
لمَ لم تزرني مذ رحلت … أسكنتني بحر الألم وغابت… لونت العين بلون الدموع وهاجرت …هي أيضا اختارت غيابي ورحلت … كما اخترت انت غيابي ورحلت ، هل أنتما متفقان ضدي ؟، متآمران علي ؟ ، ربما .
بلغها أسفي لأني أحبطتها كثيرا ، لان النهاية لم تكن تعجبني، ربما لانني اعتدت ان اجد السعادة هي الغالبة في الروايات العربية ، ونهاية روايتها لم تكن كذلك ، هل أطلعتك على شيء منها ، ما رأيك ؟.
أما زلت تحتفظ بمذكراتي ؟، أما زالت تحتفظ برسائلي المجنونة كما كنت تسميها .
اعترف لك الآن باني احقد عليك … باني اكرهك … كما اكره ليلاي التي خذلتني ورحلت في ، ورحلت انت في وقت انت سندي ومرتكزي ومن تثير منافستي في النجاح والابداع … حرام عليكم والله . لاني فقدت التؤام الذي احاول ان ابث له نجاحي وابداعي.......لقد سبقتني بالموت واي موت موت فجائي بالشهادة......موت بفخر وترك بصمة في الحياة.....ان تكريمك في وفاتك وتسمية القاعدة التي بنيتها مع رفاقك من ركام الحروب حملت اسمك حملت صورتك حقا هي زوجة وفية كما كنا نطلق عليها مرحا.......كان دموعي ودموع والدي ودموع ابنك امير مشوبه بالفرح لانك خلدت البناء ......خلدت الفرح في وجوه اصدقائك....ومحبيك..
… وعلى نفسي فاعذرني لان من ساواك بنفسه فما ظلم .
ابو امير : اودعك الان … هل رأيت كم هو وفائي… اذا ما رحلت إلى بلادك هل ستكون في استقبالي . اانتظرك ام تنتظرني ؟
سؤال اخير .؟؟ هل نسيت كل ما مر من نبض … ومن حياة ؟
اخي وصديقي :
الان وانت هناك في العالم الذي اخترته … اسألك عن ليلاي التي توقعت انها لن تستمر معي … نعم يا صديقي … هي فرت من عالمي …الى حيث انت … هل قابلتها ؟، كيف هي ؟ ،اخبرها بأني اشتاق اليها … لتزرني في الحلم ولو في العام مرة … اخي ابلغها على لساني ان لا تلمني … فأني اعشق النساء لاجلها …اهرب اليهن بحثا عنها …. ابحث عنها في العيون … وفي نبض قلوبهن … ابلغها اني ميت ولكني ارى اشراقة الشمس …… أتأمل الفراشات … اتمعن في كل شيء تصادفه عيني … لعلي الامس تلك الروح التي سكنتني فجاءة وغادرتني كما صادفتني ، ابلغها مني السلام يا صديقي وأخي وحبيب روحي.
محمد …. ليلاي … عفوا لست أنا من يكتب … بل هو الوجع
هذه ليست كلماتي أحبتي … بل هي أنيين الروح ….ونشيج النفس … وصوت الحزن .
ابو امير … انتظر إجابتك … وعنواني معروف لديك … ورقم هاتفي لديك قد يكون ناله بعض التغيير ولكنه مازال يحتفظ ببعض من ملامحه . أما زلت تذكر هذا الرقم 200057انه الرقم الذي لا ينسى .
أختي… ما سر التناقض بين شباط وآذار ولماذا نيسان من يحمل دوما لي الأخبار .
امي الغالية اسمحي لي أن اسأل لأنك جزء مهم منروح اخي … صديقي قارئ العيون .
كيف سمحت له بالرحيل ..؟ كيف تركته هكذا ؟هل كنت تحبينه كما كان هو ؟ بالتأكيد انك لم تحملي له ما يستحق من حب ؟ اعلم بأنك ستجيبين بأنك كنت تحبينه أكثر من نفسك … فأقول أن إجابتك ما هي إلا هراء … لان من يحب لا يتخلى عن حبيبه … لان من يحب لا يسمح لحبه أن يرحل عنه .
امي … ؟ رجاء أخير … لان هذا العالم لا يحتمل الطيبين … لا يحتمل أصحاب القلوب العامرة والنزيه بالحب و الحياة … فحاولي أن لا يحمل ابنه أي صفة من صفاته . لانه عالم المرتشين والقتلة والافاقين والمتاجرين بدماء شعوبهم الرخيصة عليهم........يسرقون الوطن......وابنائهم في خارجه.......وابنائك الخائبين مشاريع استشهاد......
امي …. أين يسكن محمد الآن ؟ ارغب بلقائه ؟ ارغب بمحاورته ؟ بسؤاله عن أيام رحلت وأيام آتية . دمت برعاية الله .
ابو امير … هناك الكثير من الأسئلة التي مازالت تراودني .
هل تراني ما زلت قادرا على البكاء ؟، هل ما زالت غيمة الجرح تغطي مساحات الروح ؟، هل ما زال القلب قادر على الاحتمال ؟، هل لديه القدرة على احتمال المزيد من الحزن ؟، كيف وقد رحلت انت وسرقت ذاكرتي … وقبلك رحلت ليلاي وخطفت الروح … تركتماني غصنا ناشفا وطرتما … تأمرتما عليّ … رحلت هي وبقيت انت ذكراي لها … ورحلت انت فماذا تبقى لي إلا تلك الزهرة التي أهدتني قبل أن ترحل لتزرع الغصة في بستاني كلما نظرت في عيني ذلك الصبي .
الفارس الذي كبى ولم ينهض .
أخي … الإنسان بلا حبيب او صديق … بلا ذكرى لمن يعيش وما قيمة الحياة … مجرد سؤال انتظر منك إجابته .
م ح م د أليس بهذا الشكل كنت اكتب لك اسمك حتى على أوراق دفاتري.
الدكتور رافد علاء الخزاعي.