وظيفتي أن أكرهك/هادي جلو مرعي
Sat, 12 Oct 2013 الساعة : 8:51

الكراهية لا تتطلب الكثير من العناء ،ولاتقتضي تقديم تضحيات أو تنازلات ،هي الآن سلعة رائجة ..هي تسبب الموت نعم ، والحقد وتخرب البلدان وتشرد الشعوب لكنها سهلة الإستخدام ولاتحتاج الى تدريب طويل ،ولا الى مهارات ، فبمجرد أن تكره يمكنك تحقيق نتائج جيدة ..الحب يتطلب التضحية والتنازل للآخر ، وهو طريق صعب المسير على الجهلة وقليلي الحظ ومنعدمي المواهب والفاشلين في الحياة ،ولأن الفاشلين هم الأغلبية فإنهم يفضلون الكراهية، ولهذا فمستقبل الشرق الأوسط وبلداننا العربية مظلم للغاية ولاضوء في نهاية النفق كما كان يقول المتحمسون لتركيع بلداننا المحتفية بالثورات الوهمية وبالدكتاتوريات الحمقاء المختصة بشؤون خلق الذرائع للأعداء والطامعين والمتربصين وللدول الكبرى لتتدخل وتوفر عليها متاعب وتحضيرات تتطلب الجهد والوقت والمال ،وفي العادة يتكفل العرب بالمال والتسهيلا ت والأرض ليحضر الأجانب ويعتدوا على العرب حين يكون الخلاف قد إستفحل بينهم وصاروا أعداءا بعد أن مضت عليهم الدهور وهم أخوة متحابين أو متباغضين دون أن تصل بهم الأمور الى إستدرار الأعداء لإستعباد الأخ وإبن العم والجار القريب.
مبررات العنف عديدة ومن أخطرها وأشدها ضررا هي الكراهية التي تستعر في النفوس وتتحول الى لهيب يحرق الأخضر واليابس ويضعف طاقة الحياة في النفوس ويحولها الى أوكار للشر والتآمر والبحث عن أسباب القتل والحرق والتدمير ،وفي الغالب يكون الخداع وسيلة المحرضين والموجهين والمتصدين للقيادة في دائرة الصراع الديني والمذهبي والقومي ليحولوا الأتباع الى براميل من البارود مهيأة لتنفجر في الوجوه وتحرق كل شئ ولاتترك مساحة للحياة وللأمل والإخضرار والنظر الى المستقبل بطموح ورغبة وحماس ،وتتحول الجموع البشرية الى قاتلين أو ضحايا ولامجال لغيرهم، فالمتفرجون لابد أن ينظموا الى فريق منهما ، فإما أن تكون ضحية ،أو جلادا فهذا قدرك في الحياة التي يحكمها المرضى والمعقدون والفاشلون ومن إمتلكوا الزمام ونصبوا أنفسهم أوصياء على الدين وعلى البشر أجمعين بلا إستثناء ولامجال عندهم للحوار والتسامح والمحبة والنظر الى الآخر وفق مفهوم ( أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ) .
معظم المصائب التي مرت على البشر عبر تاريخهم كان سببها الكراهية الناتجة عن الحسد والتسلط والرضا بما لدى أحدهم وعدم رضاه بمالدى الآخر ، كره قابيل الحياة مع هابيل فقتله لأنه لم يطق أن يرى أخاه مقربا ولديه السيادة برغم إن الله هو من أعطاه تلك السيادة والهيبة والمكانة الرفيعة ،وبدأت البشرية في مسيرة طويلة من القهر والمظلومية والتسلط والتجبر وسرقة الثروات ومصادرتها وهو ماحصل عبر قرون من الزمن متطاولة لم يعهد فيها الناس إلا الكثير من الكراهية وقليل من الحب والتسامح والرضا والقبول بالآخر ومساعدته وتوفير الامن والحماية له في النوائب والملمات والصعاب ...كل الحروب والكوارث التي تسبب بها الإنسان وكان ضحيتها الإنسان بنفسه سببها الكراهية ..