السيد جواد كاظم جعفر البطاط ... رحل فجأة فأبكانا دما - موفق عبدالعزيز الحسناوي
Tue, 2 Aug 2011 الساعة : 10:27

فجعت الاوساط الهندسية والجامعية في محافظة ذي قار في يوم الجمعة الثاني والعشرين من تموز برحيل الاستاذ الجامعي وعضو مجلس المعهد التقني في الناصرية ومقرر قسم الكهرباء وممثل نقابة المعلمين فيه ( المهندس جواد كاظم جعفر البطاط ) والذي وافاه الاجل المحتوم سريعا نتيجة صعقة كهربائية اثناء قيامه رحمه الله متطوعا لتنظيم الشبكة الكهربائية في المعهد يوم الجمعة ظهرا .
لقد رحل في ذلك اليوم المشؤوم الذي نزل كالصاعقة على جميع منتسبي المعهد التقني في الناصرية رجل ندر ان نجد احد من الرجال يحمل صفاته الرائعة وخصاله الكبيرة وشخصيته المحببة الى كل القلوب . لانه دخل في كل الضمائر وسحر العقول والالباب بطيبته واخلاقه والتزامه وفكاهته بالاضافة الى شخصيته العلمية والاكاديمية التي كانت نبعا علميا وفيضا هائلا وعونا نظريا وعمليا وتطبيقيا غير منقطع النظير للعاملين في قسم الكهرباء والاقسام العلمية والوحدات الاخرى .
لقد كان السيد جواد البطاط رحمه الله أحد الاركان الاساسية في المعهد التقني في الناصرية منذ تاسيسه ولحد الان حيث أقترن اسم المعهد المذكور بأسمه . فعندما يذكر اسم المعهد فسوف يتبادر الى الذهن اسم السيد جواد البطاط كأبرز الشخصيات العاملة فيه ان لم يكن الشخصية الاكثر تأثيرا وحبا لدى الاخرين على الاطلاق . فقد كان ركنا اساسيا وعمودا مركزيا حمل على اكتافه اعباء العمل من اجل تطوير المعهد وخدمة المنتسبين والطلبة علميا وتربويا واجتماعيا دون كلل او ملل اوتعب على الرغم من قساوة الظروف التي كانت تواجهه وتحديات الحياة الكبيرة ومصاعبها . ولكنه كان يواجه كل هذا بطيبته المعهودة وضحكته المميزة التي يرتاح كل من يسمعها وينشرح صدره وتنبسط اساريره والتي اصبحت علامة مميزة لشخصية هذا الراحل الكبير رحمه الله .
ان السيد جواد كاظم البطاط رحمه الله واسكنه فسيح جناته كان فعلا اسما على مسمى في حياته وعند وفاته فقد اجتمعت في هاتين الكلمتين جواد كاظم معظم صفات شخصيته الانسانية المميزة والتي ندر ان تجد مثلها في هذا الزمان على الرغم من كثرة الاخيار والطيبين في مجتمعنا .
فقد كان فعلا جوادا في كل شيء وكانت هذه الكلمة هي الابرز في ملامح شخصية الفقيد الراحل رحمه الله فقد كان يجود في كل شيء قادر على القيام به او وهبه الى الاخرين بدون مقابل ودون انتظار ان يحصل على كلمة شكر او ثناء من صاحب الخدمة كما يفعل الكثيرون وهذا جعله يكون شخصيا محوريا وعمودا مركزيا في محيطه الاجتماعي والاكاديمي فأسمه يتبادر مباشرة امام المحيطين به كونه الرجل المناب الذي يلتجأ اليه من يحتاج الى المساعدة في عمل ما بأمكانه القيام به ولم يحصل ان اعتذر المرحوم عن القيام بهذا . وقد توج هذا الجود كله عندما جاد بحياته رحمه الله وغفر له ذنبه عندما سقط صريعا بصعقة كهربائية وهو يقوم متطوعا بتنظيم الشبكة الكهربائية في المعهد من اجل خدمة منتسبي المعهد والعمل على راحتهم وتوفير الاجواء المناسبة لرفع وتيرة العمل والتطور في المعهد .
وقد كان السيد جواد كاظم البطاط كاظما للغيظ في جميع تصرفاته وعلاقاته مع الاخرين سواء كانوا من منتسبي المعهد او طلبته او ممن هم خارج اطار الوسط الاكاديمي . فلم يلحظ عليه الغضب او الانفعال مهما حصل ومهما تعرض الى اساءات من الاخرين فقد كان هادئا يسحر قلوب الاخرين بطيبته التي قل ان تجد مثيل لها في هذا الزمان وابتسامته وضحكته المميزة التي تزرع الفرحة والراحة في قلوب من يستمع اليها او يراها لانها كانت ذات نغمه خاصة مميزة تشد السامع لها وتجعله يرتاح الى الفقيد الغالي رحمه الله ويحس بالامان وهو معاه لانه كان رائعا وانسانا صبورا بدرجة كبيرة .
لقد كان الفقيد الغالي رحمه الله وسيبقى علامة مميزة للمعهد التقني في الناصرية لايمكن نسيانها مهما مرت الايام مادامت ذكراه وصورته البهية تبقى متوهجة في القلوب ويحكيها المنتسبون والطلبة بعضهم للبعض لتخلق مسيرة من التواصل الانساني المستمر لهذا الراحل الكبير الذي ترك الالم كبيرا والجرح عميقا والدموع تتساقط غزيرة فتحفر وديانا حمراء على وجوه المحبين له لن تمحى اثارها بسهولة مهما طال الزمن لان ذكراه خالدة تتجدد وتتوهج في القلوب .
لقد حفر السيد جواد كاظم البطاط اسمه على كل ابنية المعهد وجدرانه وجميع مرافقه واصبح رمزا مميزا لها يزيدها حلاوة وبهاء لانها سوف تتباهى بوجود هذا الانسان الرائع بين جدرانها . كما انه لايوجد هناك سلك كهربائي او لوحة سيطرة لم تلمسه يد هذا الراحل الكبير الذي بفقدانه خسرنا خبرة كهربائية عملية هائلة لايمكن تعويضها في المدى المنظور . فقد ساهم السيد جواد البطاط بصورة فاعلة مع المنتسبين الاخرين في بناء المعهد واعادة اعماره وبناءه بعد تعرضه للتدمير نتيجة الظروف المعروفة التي مر بها البلد . واصبح علامة مميزة ولوحة جميلة من المفروض ان تؤطر بها كل حملات البناء والاعمار والتطوير في المعهد .
ان شخصية الفقيد الغالي واحدة لن تتكرر على المدى المنظور فعلى الرغم من كثرة الطيبين والافاضل الا ان شخصية السيد جواد كاظم البطاط كانت لها بصمة خاصة ومميزة ندر ان نجدها عند غيره من الرجال . فقد كان رحمه الله ابا واخا وصديقا للجميع وعونا وامانا وسندا لكل من يعرفه او يرافقه . فقد جعل الاخرين يمنحونه الثقة المطلقة في كل تصرفاته وهو بحق اهلا لها حيث كان يتصرف بتلقائية وعفوية تسحر المقابل وتجعله يرتاح له من اول حديث ويسعد بوجوده معه فقد كان بسيطا ومتواضعا وتلقائيا وعفويا في كل تصرفاته وعلاقاته مع الاخرين .
اننا مهما قلنا وكتبنا ومهما كانت احاسيسنا ومشاعرنا يعتصرها الالم والحرقة ومهما بكينا دما وسالت دموعنا انهارا فأنها لن تفي هذا الراحل الكبير حقه لانه اكبر منها وخسارته لاتعوض وصورته لن تنسى مهما تقادمت الايام وسيبقى حكاية واسطورة للجود والتضحية وطيبة النفس وعلى الهمة وشهامة الاخلاق والالتزام نتناقلها فيما بيننا ونرويها لابناءنا واحفادنا لينهلوا من فيض روعتها مايساعدهم على السير بخطى صحيحة في هذه الحياة .
اللهم لك الحمد والشكر في السراء والضراء ونجد لك خشوعا وطاعة في الافراح والاحزان فاننا زرعك الذي زرعته بيدك وبامكانك ان تقطفه في كل حين . اننا ننحني لك اجلالا وخوفا ولانعترض على ارادتك وحكمك لانك الخالق العظيم وانت مالك الملك وانت العادل الكبير الذي تغمرنا برحمتك ورأفتك يوم لاينفعنا مال ولابنون الا من اتاك بقلب سليم .
اللهم ياارحم الراحمين ارحم فقيدنا الغالي السيد جواد كاظم البطاط برحمتك الواسعة فأنت ارحم الراحمين وادخله فسيح جناتك فأنت صاحب الملك وواهب الرحمة واغفر اللهم ذنوبه وتجاوز عن سيئاته واحشره مع الشهداء والصالحين فقد كان طيب القلب ونقي السريرة . وتقبل اللهم دعوات كل محبيه له بالرحمة والغفران . والهمنا الصبر والشجاعة على تحمل الالم الكبير بفقدانه وهون علينا صعوبة الموقف . واجعله خالدا في جنان الخلد والنعيم في عليين كما سيبقى خالدا في الحياة يتذكره الجميع ويبكون دما لفقدانه انك سميع مجيب وانت ارحم الراحمين يارب العالمين .
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واصحابة الغر الميامين .