
حرب تشرين ..نفس الأمة الأخير/طاهر مسلم البكاء
Sun, 6 Oct 2013 الساعة : 0:06

لم يقف العرب موقفا ً ضعيفا ً كما هم عليه اليوم وذلك منذ احتلال الصهاينة لأرض فلسطين بعد وعد بلفور المشؤوم ، لقد خاضوا معارك كبرى وكانت اغلب هزائمهم تعزى الى خيانة قياداتهم والى مستوى رؤساء الدول العربية ، والى نقص وعوز في التسليح والأستعداد النفسي والمعنوي للمعارك والى وقوف اكبر دول في العالم الى جانب الصهاينة يمدونهم بالمعلومة العسكرية وبأحدث ماينتج من سلاح وعتاد ، اما اليوم فأن الصهاينة يجلسون متفرجين على العرب وهم يقتلون بعضهم البعض ، منتظرين اليوم الذين يبرزون فيه بصورة اكثر وضوحا ً ،كلاعبون وحيدون في المنطقة لكي يستمروا بالتوسع وقضم اكبر ما يمكن من اراضي العرب ،حيث انهم وعلى لسان قادتهم يقولون انهم غير محتلين وليس بغاصبين بل أن أراضيهم لدى العرب وان عليهم استرجاعها كلما حانت الفرصة ! حرب تشرين : رغم ان قياداتها لم تكن تهدف منها حربا ً تحريرية كبرى وخاصة على الجبهة المصرية ،حيث ان الوقائع اثبتت بعد ذلك انها كانت تريد حرب تحريك لأجل التقرب من الأمريكان و بدأ المفاوضات الذليلة مع الصهاينة ، غير ان حرب تشرين أظهرت للعرب قدراتهم الكبيرة وامكانية الجندي العربي عندما يقاتل بعزم لأجل قضيته ، لقد كانت التحصينات الصهيونية مبالغ فيها وخاصة في الجبهة المصرية ، وكانت ضخامة ما اعده الصهاينة في خط بارليف يوضح بجلاء عمق خوف الصهاينة من الجندي المصري ،الذي اذاقهم الأمرين أيام جمال عبد الناصر ، وتمكن المصريون من تدمير خط بارليف وبخسائر بسيطة قياسا ً الى عظم الأنجاز المتحقق وبروح فدائية وتكنيك عالي أذهل العالم . كانت نواة القوة العربية هما جيشا مصر وسورية ولم تعلم الدول العربية بالحرب الاّ بعد وقوعها ، وقد برر المهاجمون ذلك للحفاظ على المفاجئة وعدم تسرب أي معلومة للعدو ، غير ان الدول العربية سارعت بعد ذلك للأشتراك بسرعة حيث اشتركت اسراب من الطيران لمختلف الدول العربية ، وزحف الجيش العراقي بسرعة مذهلة ليحمي دمشق رغم ان جيش العراق كان يخوض مواجهات في شماله وعلى حدوده مع ايران الشاه وقتها . الرد الذي انحنى له العالم : كان اكبر رد انحنى له العالم هو ايقاف تدفق النفط العربي الى الدول المساندة للصهاينة ،والذي اقلق الدوائر الغربية ولولا تخاذل السادات وبحثه عن فرص سلام ذليل مع الصهاينة لكانت النتائج تكون افضل بكثير من تلك التي حصلت وقد قيل ان الملك فيصل الذي اغتيل بعد ذلك قد دفع حياته ثمنا ً لذلك الحظرالنفطي ، حيث ان الأمريكان يعتبرون الخليج خاصة بحيرة امريكية ، كما عوقب الجيش العراقي لتقدمه السريع ونجدته دمشق ، بحله بالكامل وذلك عندما توفرت الفرصة بعد احتلال العراق عام 2003. التاريخ والسادات : ان ما قام به الجندي المصري في حرب اكتوبر هو امتداد للروح التي زقها عبد الناصر في مصر كلها وسنين المواجهة الطويلة مع الصهاينة والتي أدت بالمصريين الى الأستعداد والتهيؤ وتنشأة جيش محترف مخيف للصهاينة ومقلق لهم لولا الموت المفاجئ لعبد الناصر والذي لم يكشف النقاب عنه الى اليوم ! وفي وقت ان عبد الناصر كان يائسا ً من السلام مع الصهاينة ونقل عنه القول المشهور : ما أخذ بالقوة لايسترد الآّ بالقوة غير ان السادات كان يغازل الأمريكان والصهاينة ، وقد ارسل اشاراته بهذا الخصوص الى امريكا مع بدأ أوار منازلة تشرين وهو الأمر الذي اعتبر خيانة لأرواح الشهداء و للعرب عامة ولحلفاءه السوريين خاصة ، حيث تلقف الأمريكان رغبة السادات بسرعة ، خاصة وان الصهيوني هنري كيسنجر هو من كان يفعّل القرار الأمريكي ، وهكذا أدى تخاذل السادات الى انفراد الصهاينة بسوريا ونقل أغلب قوتهم الى جبهتها بمشورة امريكية ، ثم العودة للألتفاف على القوات المصرية فيما عرف بثغرة الدفرسوار . من كان محق السادات ام عبد الناصر : بعد كل هذه السنين الطويلة من1973 والى اليوم ،حيث تمر الذكرى الأربعون لحرب تشرين ،إذا تسائلنا ماذا استفادت مصر من السلام الصهيوني ، ومن الذي استفاد بنسبة اكبر الصهاينة ام مصر ،بعد تحييد أكبر قوة عربية هي الجيش العربي المصري . لقد ثبت ان الصهاينة لا سلام لهم وانهم بعد ان اطمئنوا الى الجبهة المصرية بفضل ما حققه لهم السادات ومن بعده أستمر على خطاه حسني مبارك ، فقد انفردوا بالجبهة اللبنانية والسورية وامتدت دسائسهم الى كل العالم العربي تعيث فسادا ً وخرابا ً ما استطاعت الى ذلك من سبيل ، وقد احتل الصهاينة الجنوب اللبناني وجلسوا فيه لولا المقاومة اللبنانية التي خاضت منازلات خالدة منفردة نيابة عن العرب ،أجبرت الصهاينة على الأنسحاب وحطمت الدعاية الصهيونية والغربية من ان جيش الصهاينة لا يقهر . وقد ثبت ان مصر ذاتها لم تسلم من دسائس الصهاينة الذين عملوا بخبث ودهاء على تخريب العلاقات المصرية مع أغلب الدول الأفريقية وخاصة تلك التي تقع منابع نهر النيل فيها ،والتي كانت ايام عبد الناصربأفضل حال ، وبالمقابل أقاموا هم معها علاقات ومدهم بالمشورة اللازمة لأقامة السدود على منابع النيل وأقامة دويلة الجنوب في السودان ،ولاعجب فقد يأتي اليوم الذي تشتري فيه مصر ماء النيل من الصهاينة ! |