معيار جمال الرجل والمراه عند العرب/حسن علي خلف

Wed, 2 Oct 2013 الساعة : 22:53

لاشك ان هنالك في الحياة معايير توضع لزنة الاشياء من حيث الطول او العرض او الارتفاع او العمق او أي حركة طبيعية معينة .. فمثلا ان الاهتزاز يقاس بمقياس رختر ... وحركة الريح لها قياسات ... والاطوال تقاس بالمتر او الياردة ... والاوزان تقاس بالكيلوغرام او الاقة او الاونسة او القيراط .. وهكذا شدة سطوع الشمس وجريان الانهار وكثافة الاشياء لكل واحدة منها نوع من القياس حتى ان الحرارة تقاس بالترمو متر . ونحن المسلمين بشكل خاص عندما نقيس مستوى الرقي والتقدم لدينا نقيسه مقارنة بالحضارات .. ومعيار الاخلاق لدينا هو اخلاق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .. ( ولكم في رسول الله اسوة حسنة ) .. كونه صاحب اعظم خلق .. ومما يؤثر في ذلك أنه لما هاجر الرسول صلى الله عليه واله وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة يرافقه أبو بكر رضي الله عنه ، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ودليلهم عبد الله بن أريقط
فمروا بخيمة أم معبد الخزاعية ، وكانت امرأة قوية الأخلاق عفيفة موصوفة تقابل الرجال ، فتتحدث إليهم وتستضيفهم ،فأحتاج الرسول (ص) وصحبه الى الطعام حيث تمكن منهم السغب من جراء السفر . وسألها الركب عن التمر أو لحم يشترونه فلم يصيبوا عندها شيئاً من ذلك ، فقد كانت من السنين العجاف ، فقالت لهم : والله لو كان عندنا شئ ما أعوزكم القرى ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في ركن الخيمة
فقال : (( ما هذه الشاة يا أم معبد ؟ )) ، قالت : هذه شاة خلفها التعب عن الغنم
فقال صلوات الله وسلامه عليه : (( هل بها من لبن ؟ )) فقالت : هي أجهد من ذلك
قال : (( أتأذنين أن أحلبها ؟ )) ، قالت : نعم إن رأيت بها حلباً
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة فمسح ضرعها وذكر اسم الله وقال : (( اللهم بارك لها في شاتها (( .. فامتلأ ضرع الشاة ودر لبنها ، فدعا بإناء لها كبير ، فحلب فيه حتى ملأه فسقى أم معبد فشربت حتى رويت ، وسقى أصحابه حتى رووا ، وشرب صلى الله عليه وسلم آخرهم وقال : ( ساقي القوم آخرهم (.
فشربوا جميعاً مرة بعد مرة ، ثم حلب في ثانية عوداً على بدء ، ثم ارتحلوا عنها ، فما لبثت أن جاء زوجها يسوق أعنزاً عجافاً هزلى فلما رأى اللبن عجب واستغرب وقال : من أين لكم هذا ولا حلوبة في البيت قالت : ( لاواللات ) فكانت ام معبد مشركة ، إلا أنه مر بنا رجل مبارك ، كان من حديثه كيت و كيت صفيه لي يا أم معبد ؟ ....... قالت : رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة ، مبتلج ( مشرق ) الوجه حسن الخلق ، لم تعبه ثجلة ( ضخامة البطن ) ولم تزر به صعلة ( لم يشنه صغر الرأس ) وسيم قسيم ، في عينيه دعج ، وفي أشفاره وطف ( طويل شعر الأجفان ) ، وفي صوته صحل ( رخيم الصوت ) أحور أكحل أزج أقرن شديد سواد الشعر ، في عنقه سطح ( ارتفاع وطول ) وفي لحيته كثافة ، إذا صمت فعليه الوقار. وإذا تكلم سما وعلاه البهاء ، وكأن منطقة خرزات نظم يتحدرن ، حلو المنطق فصل لا نذر ولا هذر ( لاعي فيه ولا ثرثرة في كلامه ) أجهر الناس وأجملهم من بعيد ، وأحلاهم وأحسنهم من قريب ، ربعة ( وسط مابين الطول والقصر ) لا تشنؤه عين ( تبغضه ) من طول ولا تقتحمه ( تحتقره ) من قصر ، غصن بين غصنين ، فهو أنضر الثلاثة منظراً ، وأحسنهم قدراً له رفقاء يخصون به ، إذا قال استمعوا لقوله ، وإذا أمر تبادروا إلى أمره ، محفود ( يسرع أصحابه في طاعته ) ، محشود ( يحتشد الناس حوله ) لا عابث ولا منفذ ( غير مخرف في الكلام ) .
قال أبو معبد : هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر ، ولو كنت وافقته يا أم معبد لتلمست أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت لذلك سبيلا .. وهذه القياسات في الحقيقة فضلا عن الاخلاق العالية للرسول (ص) التي نقيس بها اخلاقنا ، فهي ايضا قياسات للجمال الرجولي الذكوري لان الله جل شأنه جعل نبينا اسوة في كل شيء .. وانطق هذه المرأة المشركة بان تعبر عما في خاطرها وبشكل محايد حيث لم يذكر صفاته الجمالية مسلم .. لكي لا يقال هذا منحاز . ولم يقف الامر عند العرب على هذا المنوال او على هذا النحو .. بل كانت الامم المجاورة لهم تزين كلامها عندما تضيف في حديثها بعض الكلمات العربية تمتينا للحديث وخاصة عندما انتشرت الثقافة العربية واتسعت رقعة الاسلام .. كما يفعل بعض المثقفين اليوم عندما يضيف مصطلحات انكليزية الى حديثه كي يقرر للاخرين بانه واسع الثقافة مطلع .. والذي وصفه بعض العامة في بغداد بانه ( يتأنكرز ) والتي صحفت الى ( يتنكرز ) عندما راح بعض الناس في مطلع القرن العشرين يقلد الانكليز في ملبسهم ومأكلهم وكلامهم . الذين هم يعدون في ذلك الوقت اعلى حضارة من التخلف العثماني الذي جثم على صدر العراقيين اربعة قرون .. اما صفة جمال المرأة عند العرب فهي كما كتبها النعمان بن المنذر الى الملك كسرى عندما اهدى له جارية كان قد اسرها في حروبه مع دولة الغساسنة في الشام .. فاصبحت تلك الصفات ثابتية عند ملوك الفرس لايحيدون عنها واذا اراد الملك الفارسي ان يتزوج ينبغي ان تكون الفتاة بتلك المواصفات .. حيث كتب النعمان مع زيد بن عدي الى كسرى ابن هرمز مواصفات تلك الجارية التي ارسلها هدية اليه حيث قال : ( اني قد وجهت الى الملك جارية معتدلة الخلق . نقية اللون والثغر .. بيضاء قمراء .. وطفاء (غزيرة الاهداب وشعر الحاجبين ) كحلاء دعجاء ( شدة سواد العين وشدة بياضها ) حوراء ( اسوداد العين كلها مثل الضبية ) عيناء ( واسعة العين ) قنواء ( ارتفاع في اعلى الانف ) شماء ( ارتفاع قصبة الانف ) برجاء ( الجميلة الحسنة ) زجاء ( دقيقة الحاجبين في طول ) اسيلة الخد ( الطويل المسترسل الاملس ) جثلة الشعر ( يقال للكثيف الاسود ) عظيمة الهامة بعيدة مهوى القرط . عيطاء ( طويلة العنق ) عريضة الصدر ، كاعبة الثدي ، ضخمة مشاش المنكب والعضد ، حسنة المعصم ، لطيفة الكف ، سبطة البنان ، ضامرة البطن ، خميصة الخصر ، غرثة الوشاح ( دقيقة الخصر ) ، رداح الاقبال العجزاء الثقيلة الاوراك التامة الخلق , رابية الكفل ، لفاء الفخذين ( ضخمة الفخذين مكتنزة ) ريا الروادف ، ضخمة المأكمتين ، مفعمة الساق ، مشبعة الخلخال ، لطيفة الكعب والقدم ، قطوف المشي ( وهو تقارب الخطو ) مكسال الضحى ، بضة المتجرد ( الناعمة ) سموعا للسيد ، ليست بخنساء ولا سفعاء ( السفع السواد ) رقيقة الانف عزيزة النفر ، لم تغذ في بؤس ، حيية رزينة ، حليمة ركينة ، كريمة الخال ، تقتصر على نسب ابيها دون فصيلتها ، وتستغني بفصيلتها دون جماح قبيلتها ، قد احكمتها الامور في الادب ، فرأيها رأي اهل الشرف ، وعملها عمل اهل الحاجة ، صناع الكفين ، قطيعة اللسان ( ليست سليطة ) رهوة الصوت ، ساكنة ( رقيقة ) تزين الولي وتشين العدو ... وان مثل هكذا صفات قطعا قليلا ما تتوفر في امرأة واحدة .. وحتى الرومان الذين وضعوا فينوس ، مقياسا لنسائهم لم تتوفر فيها هذه المواصفات ولكنه الخيال العربي الجامح واللغة العربية الواسعة ، وأن لكل مجتمع مقاييسه التي يقيم على أساسها جمال المرأة وأنوثتها، وقد تتغير هذه المقاييس داخل المجتمع بين جيل وآخر ولكن تبقى لكل مجتمع خصوصيته في الجمال. فالعرب اضافة الى ما تقدم قد وضعوا الشعر الأسود الطويل الناعم، والعيون الواسعة والبشرة البيضاء الصافية، والعنق الطويل والجسد الذي يميل إلى البدانة، مقاييس لا بديل عنها للجمال. أما الغرب فيفضل المرأة الطويلة ذات الأكتاف العريضة والشعر الأشقر والقوام النحيل والشفاه المكتنزة. أما مقياس الجمال لدى الإسكيمو والهنود الحمر فله معايير أخرى يأتي على رأسها رائحة المرأة التي لا بد وأن تكون زكية، ولذلك تداوم النساء هناك على إستخدام الزيوت العطرية لتدليك الجسد، مع مضغ بعض النباتات العطرية لتطييب رائحة الفم. ويفضل اليابانيون المرأة الرقيقة دقيقة الجسد ذات الخصر النحيل على أن تكون بيضاء ذات أقدام صغيرة وصوت هادئ، وكانوا يعتبرون الطول عيباً لا ميزة. وتمنح بعض القبائل الأفريقية المرأة لقب جميلة كلما زاد سواد بشرتها الذي يدل عندهم على نقاء الأصل. كما أنهم لا يعترفون بمبدأ الشعر الطويل الذي يشبهه العرب بسلاسل الذهب، فأحد مقاييس الجمال لديهم ان تكون المرأة صلعاء. وفي بورما يفضلون المرأة ذات الرقبة الطويلة، ولهذا فإنهم يعلقون حلقات معدنية في رقبة الفتاة منذ مولدها تزيد حلقة في كل عام كلما زاد طولها!!. ولكن على ما يبدو لا الرومان تمكنوا من وضع قياسات العرب ,, ولا الاقوام الاخرى تمكنت من ان تجمل صفات الجمال في الرجل والمرأة كما فعل المسلمون , ولطرافة ما كتبه النابغة الذبياني في وصف المرأة احيل القارئ الكريم الى قصيدته . التي نورد بعض ابياتها , وكانت ( المتجردة )

حان الرحيل ولم تُودِّع مهدداً والصبح والإمساء منها موعدي
في إثر غانية رمتك بسهمها فأصابَ قلبك غيرَ أن لم تُقصِدِ
غنيتْ بذلك إذ همُ لك جيرةٌ منها بعطفِ رسالة وتودّدِ
ولقد أصابتْ قلبَه من حبها عن ظهرِ مرنانٍ بسهمٍ مصرَدِ
نظرتْ بمقلةِ شادنٍ متربّبٍ أحوى أحمِّ المقلتين مُقلّد
والنظم في سلك يزّن نحرها ذهبٌ توقّد كالشهابِ الموقَدِ
صفراءُ كالسيراءِ أُكمِلَ خلقُها كالغصنِ في غُلوائه المتأوِّدِ
والبطنُ ذو عُكنٍ لطيفٌ طيُّه والإتبُ تنفُجُه بثدي مقعدِ
محطوطةُ المتنين غيرُ مفاضةٍ ريّا الروادفِ بَضّةُ المتجرَّدِ
قامت تراءى بين سَجفي كلّةٍ كالشمس يوم طلوعها بالأسعدِ
أو دُرّةٍ صدفيّةٍ غوّاصها بهجٌ متى يَرها يهلَّ ويسجُدِ
أو دميةٍ من مرمرٍ مرفوعةٍ بُنيتْ بآجرٍ تُشادُ وقَرمدِ
سقطَ النصيفٌ ولم تُرد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليدِ
بمخضّبٍ رَخصٍ كأن بنانَه عنمٌ يكاد من اللطافةِ يعقدُ
نظرتْ إليك بحاجةٍ لم تقْضها نظرَ السقيم إلى وجوه العوّدِ
تجلو بقادمتي حمامة أيكةٍ بَرداً أُسفّ لثاتُه بالأثمدِ
كالأقحوانِ غداةً غبَّ سمائه جفّت أعاليه وأسفله ندييييي
زعم الهمام بأن فاهاً بارداً عذبٌ مقبّله شهيُّ المورِدِ
زعم الهمام ولم أذقه إنه عذبٌ إذا ما ذقته قلتَ ازدُدِ
زعم الهمام ولم أذقه إنه يُشفى بريا ريقِها العطشُ الصدي
أخذ العذارى عِقدها فنظمنَه من لؤلؤ متتابعٍ متسرّدِ
لو أنها عرضت لأشمطَ راهبٍ عبد الإله صرورةٍ متعبّدِ
لرنا لبهجتها وحسن حديثها ولخاله رُشداً وإن لم تَرشُدِ
بتكلّمٍ لو تسطيع سماعه لدنت له أروى الهضابِ الصُّخدِ
وبفاحمٍ رَجلٍ أثيثٌ نبتُه كالكرمٍ مالَ على الدعامٍ المسنَدِ
فإذا لمستَ لمستَ أجثمَ جاثماً متحيّزاً بمكانه ملء اليدِ
وإذا طعنتَ طعنتَ في مستهدَفٍ رابي المجسّةِ بالعبير مقرمَدِ
وإذا نزعتَ نزعتَ عن مستحصفٍ نزعً الجزوّرٍ بالرشاءِ المحصَدِ
وإذا يَعضُّ تشده أعضاؤه عضّ الكبير من الرجال الأدردِ
ويكاد ينزِعُ جلدَ من يُصلى به بلوافحٍ مثلَ السعيرِ الموقَدِ
لا واردٌ منها يحورُ لمصدَرٍ عنها ولا صدرٌ يحورُ لموردِ

Share |