وظيفة شاغرة/عبد الكاظم حسن الجابري

Tue, 1 Oct 2013 الساعة : 19:50

كثيرة هي المشاكل التي تعصف بالمشهد العراقي, وتظهر سمة التخبط على جميع الأصعدة وتكتنف الانتقائية والعشوائية كل الملفات التي ترسم ملامح الدولة وكذلك تلك التي تهتم بالشأن المجتمعي.
فنرى الترهل الأمني واضح لا يحتاج دليل عليه فقوافل الشهداء ومشاهد التفجيرات بادية للعيان, كذلك الفساد المالي والإداري وحتى السياسي أصبح أمر يهز كيان الدولة العراقية.
ومن هذه الملفات أيضا ملف البطالة, حيث تحول الحصول على وظيفة أو عمل حلم يراود الشباب, فقوافل العاطلين عن العمل تزداد يوما بعد يوم دون وضع آلية وقوانين ومعالجات سريعة وجذرية وشاملة لهذه المشكلة من قبل الدولة.
إن سياسة الدول في حصر الوظائف بالقطاع الحكومي سياسية غير صحيحة وغير منطقية, فالمعروض من الفرص والوظائف الشاغرة الحكومية لا ينسجم مع عدد العاطلين عن العمل, وبحساب بسيط نرى أن الدولة تخصص سنويا ما يقرب من مئة ألف درجة وظيفية أكثر من نصفها للدفاع والداخلية, في حين إن عدد العاطلين ناهز الثلاثة ملايين عاطل.
والبطالة لها شكلان : الأول البطالة المقنعة, والثاني البطالة بمفهومها العام أي العاطلين عن العمل, ولكلا الشكلين آثاره السلبية على الواقع الاجتماعي والإداري للدولة.
فالبطالة المقنعة والتي تعني أنها توظيف العمالة في أعمال غير منتجة أو تجميد المؤسسات التي يعملون بها, كما هو الحال في مصانع الدولة التابعة لوزارة الصناعة وبعض الوزارات, كمصانع تعليب كربلاء ومعمل القابلوات في الناصرية والألبسة والنسيج في الكوت .. الخ , إن ظاهرة البطالة المقنعة هي استنزاف للطاقات البشرية المجمدة في المشاريع المعطلة, وكذلك تعتبر هذه الظاهرة باب من أبواب الفساد الإداري والمالي, فكثير من الموظفين في تلك المؤسسات يدفعون جزء من رواتبهم لمسئولين في تلك المؤسسات, لكي لا يلتزموا بالعمل من اجل العمل في قطاعات أخرى.
أما البطالة في مفهومها العام, فهي مشكلة كبيرة وتحدي أمام الدولة ومؤسساتها, فكما أسلفنا بان حجم المعروض من الوظائف الحكومية لا يتناسب وحجم البطالة الموجودة, لذا على الدولة أن تسن تشريعات وتذلل العقبات أمام كل ما من شأنه توفير فرص العمل.
ومن أهم ما يساعد الدولة في القضاء على البطالة هو تشجيع القطاع الخاص ودعم الاستثمار والمستثمرين, فحركة رأس المال المراقب من قبل الدولة ستسهم كثيرا في توفير فرص العمل, ونرى في اغلب الدول المتقدمة بان هناك معارض تقام للفرص الوظيفة, معارض على غرار معارض التجارة, حيث تعرض الشركات فرصها الاستثمارية وطبيعتها, وتفتح باب قبول الطلبات لمن يرى في نفسه القدرة والكفاءة لأداء تلك الوظائف المعروضة.
إن الفرص الاستثمارية والمتعددة وفي مختلف القطاعات ستسهم بشكل كبير في امتصاص زخم البطالة ولكافة الكفاءات أو غيرهم فالتنوع في العمل يخدم التنوع في التخصص.
كذلك يمكن للدولة ان تصنع قاعدة بيانات للعاطلين وتخصصاتهم, وبالإمكان تشكيل مؤسسة خاصة تعنى بهذا الأمر كأن تسمى هيئة الخدمات والتوظيف وتكون تابعة لوزارة التخطيط وبإسناد من وزارة العمل ووزارة المالية, تأخذ هذه الهيئة على عاتقها استقبال طلبات الراغبين بالتوظيف عن طريق موقع الكتروني يعد لهذا الغرض, ثم تستلم هذه الهيئة احتياج الوزارات من الدرجات الوظيفة وتقوم الهيئة المستحدثة بإسناد الوظيفة المناسبة لكل فرد حسب آليات المنافسة وحسب التخصص, وبهذا سنتخلص من الإتاوات التي يفرضها البعض لغرض تعيين شخص معين في مكان معين.
كذلك يجب أن تُحْتَرَمَ كرامة المواطن في سعيه للحصول على وظيفة, فما نلاحظه عند إعلان أي دائرة عن وظائف شاغرة نلاحظ الإذلال المتعمد من قبل الموظفين لكل المتقدمين للحصول على وظيفة ودائما ما نرى طوابير المتقدمين وهم يفترشون التراب وتحرق وجوهم الشمس وهم في طوابير الانتظار.

Share |