رسالة الى أبي الطيب المتنبي / دلال محمود

Sun, 29 Sep 2013 الساعة : 1:17

قال شاعرنا الكبير ..
ومِن نَكَدِ الدُنيا عَلى الحُرِّ أَن يَرى عَدُوّاً لَهُ ما مِن صَداقَتِهِ بُدُّ
لاأدري هل أنا من يتوجب عليها أن تقدم الأعتذار للشاعر العربي أبي الطيب المتنبي عما ذكره في هذا البيت الشعري, أم أن المتنبي رحمه الله يتوجب عليه أن يقدم الأعتذار لعشاق شعره ؟
وكيف السبيل الى هذا الأمر بعد أن غادر الحياة الدنيا دون أن يغادرها, فلقد غادرها جسده أما روحه التي تفيض بأشعاره فهي لازالت تعيش مع محبيه وكأنه لم يغادر تلك الحياة الفانية..

عذراً إليك ياشاعرنا ,فبعد كل تلك السنين الطوال , والتي كنت فيها متمسكة بكل حرف من هذا البيت الشعري , وكنت أحسب نفسي أنني متيقنة من صحة هذا الرأي , وجدتني الآن لاأؤمن به , ولاعلم لي بهذا التغيير المفاجيء!!
هل هو تغُّير الحياة وتغُّير القيم فيها , بتغيّر قيمة الأنسان التي باتت لاتعني شيئاً مهما للكثير من البشر
أم السبب فيًّ أنا؟
في سابق عهدك ياشاعرنا الكبير , كان للصديق وللصداقة معنىً عظيماً حيث كان المرء مستعداً لأن يصاحب أكثر الناس ضرراً له والذي نسميه العدو على الاَّ يظل وحيداً بلاصديق.
في زمنك كان لكلِّ الأشياء البسيطة معنىً جميلاً وعميقاً, ولكن في زمننا هذا باتت أجمل الأشياء وأعظمها وأروعها بلا قيمة تُذكر, حيث ان الأنسان نفسه ,نعم هذا الأنسان الذي خصه الله بالجمال وبأحسن تقويم صار لايعني أيَّة قيمة سواء المادية منها أو المعنوية.
وبزوال قيمة الأنسان صرنا لانبالي بوجوده وبعدم وجوده, وصار فقدان الصديق لايعني ذاك الأمر المحزن والذي كنا نسهر لأجله الليالي الطوال بسبب خصام بسيط يحدث في العلاقات تلك.
كنا نعتقد ان أي أمريء لايستطيع أن يظلَّ بلاصديق ولهذا فهو حين لايجد غير عدوِّه فأنَّه سيكون مجبراً على صداقة هذا العدو ,وأعتبرت هذا في شعرك , من الأمور المؤلمة والمحزنة التي قد يخبؤها القدر للناس الطيبين والأحرار.
لاأنكر انني كنت من مناصري جُلَّ آرائك وأفكارك التي تغوص فيها قصائدك حيث الحكم الرائعة والمواعظ وروح الأِباء التي تعتليها بزهو وشموخ. ولكني اليوم بالذات وجدتني أرفض رأيك الذي يتخذ من العدو صديقاً ثم يضع اللوم على الدهر ونكده.
ابو مُحَسَّدٍ , ليس لي الا أن استميحك العذر في أن أظل العمر بطوله وعرضه من غير صداقة على الاَّ أتخذ الصداقة من أناس ليسوا جديرين بالأنتماء للصدق والصداقة.

Share |