قراءة نقدية/عقيل هاشم الزبيدي
Thu, 26 Sep 2013 الساعة : 2:32

"جماعة الناصرية للتمثيل"
(فاعلية التلقي بوصفه إعادة واعية لإنتاج المعنى)
(تمرد-اسكوريال)
مسرحيتان تعرضان في الناصرية ..أنموذجا
قراءة:عقيل هاشم الزبيدي
......................................................................
بتاريخ 20/9-25/9/2013وبرعاية اتحاد الأدباء والكتاب في ذي قار..يقام على بهو بلدية الناصرية عرضت وعلى مدى أيام العرض .. عملين مسرحين وكذالك جلسة نقدية لمناقشتهما وبحضور جمهور واسع ومتنور من النساء والرجال على حد سواء.
العمل الأول..المسرح الشعبي ..يقدم مسرحية (تمرد)تأليف وإخراج :مصطغى ستار الركابي..الإشراف العام ياسر البراك ..تمثيل:عمار نعمة-ستار الحربي-كرار عبد العالي-علي راضي.الإضاءة:احمد الهلالي.الموسيقى:ذو الفقار سالم.
العمل الثاني..المسرح التجريبي ..يقدم مسرحية(اسكوريال) تأليف:ميشيل دوغلدرود .إخراج:حيدر جبر الاسدي..الإشراف العام ياسر البراك..تمثيل:كرار عبد العالي-أمير صبيح-حسين سليم-حيدر جبر-علاء حسين-خالد كامل-حيدر عبد علي-علي حسن..الموسيقى :عمار نعمة,حسين علي جبر..الإضاءة:احمد الهلالي.
كلمة جماعة الناصرية:-
(مع هذه التجربة الجديدة تدخل الجماعة التي تأسست عام 1992 مرحلة مهمة من مراحل تطورها الفني والأسلوبي ,أذانها سعت عبر سنوات الماضية إلى تقديم خطابات مسرحية متنوعة بهدف الوصول إلى اكبر عدد ممكن من الجمهور ,فقدمت المسرح التجريبي والشعبي والدمى والتعزية ...وغيرها من الأنماط المسرحية ......وأخيرا أملنا كبير في أن يكون هذا الجيل ا لجديد وفيا للقيم المسرحية والتقاليد الفنية التي أرستها الجماعة في مسرح المدينة..)
(يقول جورج لوكاتش «كل عمليات الإنتاج الأدبي والايديولوجي هي جزء لا يتجزأ من العملية الاجتماعية العامة»..!!
المسرح حقيقة فاعلة:
المسرح يتجسد عبر العلاقات الجدلية التي تنشأ بين الإنسان والواقع من خلال مجالات التجربة الجمالية تلك التي يتم تشكيلها في ضوء معطيات آليات ينتجها العرض ، وكيفيات انتظامها بتكوينات سمعية بصرية وحركية محملة بشفرات دلالية وفقا للرؤى والقراءات الإخراجية من جانب وفاعلية التلقي بوصفه إعادة واعية لإنتاج المعنى .
وانطلاقا من الممارسات الطقوسية والنشاطات الحياتية العفوية التي تتجسد ضمن فضاءات متحولة فكرية للتعبير عن الواقع , القاسم المشترك دائما " الإنسان" هو البنية التحتية التي تتجلى فيها قيم الإنسانية وفيها يتمظهر فن العرض المسرح التي تؤول إلى دلالات معرفية تتضمن الأفكار والقيم والمعاني داخل الفضاء الممسرح، إن هذه الدلالات تتأتى من خلال الموجودات الجمالية المؤثثة والحاملة لكل تلك الإيحاءات والرموز والصور التي تجسد حلم الانسان بوصفه فعلا و لكونه قيمة يجسدها الاشتغال الواعي لمخرج العمل ..
فالمسرح يرتبط بالمتغيرات ومظاهر وتحولات العالم المستمرة كفعل مشترك في فضاء من التأثر والتأثير لا يمكن أن يتحقق دون تلاحم عناصر المنظومة المسرحية كافة وبقواسم مشتركة من الهم والحل ..معا.. إن الانسان في هذا الزمن سيكون عرضة للانتهاك والقتل والاستغلال وهكذا يتعطل دوره ويتراجع اداؤه في كل ما من شأنه أن يرفد المجتمع بعوامل التواصل والنمو، لأنه لم يعد يقوى على مقاومة تيارات واتجاهات تضع سطوة القوة والعنف والمال قبل كل شيء.وفي مثل هذه الظروف سينحط فيها العلم وتتردى عناصر الثقافة وتخبو القيم الإنسانية والروحية.
الرؤية الإخراجية :
المخرج في العرضين استثمر كل الفرص المتاحة لحرية التعبير المتاحة له للكشف والمطالبة أمام جمهور واعي لمس نواقصه الحقيقية كانسان وإبعاده عن منطقة التأثر،يفترض أن يعاد النظر في ذالك كمعيار حقيقي وتحدي في آن معا داخل المعترك السياسي. المخرج وعبر تجاربه التي أخذت تنحو باتجاهات مبتكرة،فالمخرج الشاب مصطفى ستار قد وظف عناصر العرض وفق بنى ومنظومات السهل الممتنع في إشاعة ثقافة عرض حكاية شعبية هي ضمير حي لما يجري من تناقضات اجتماعية في حوارات وأداء تمثيلي ساخر للكوميديا السوداء للنص المكتنز بالشفرات .بحيث طال البنى الشمولية لمعمارية العرض وتعدى الحدود المادية نحو آفاق الفضاء (السجن) كمكان متحرك سيمائيا بذكاء وفطنة الشاب المندفع لكسر كل الحواجز الصفية. .
إما المخرج حيدر الاسدي استثمر النهج التجريبي والأكاديمي ببنية العرض من استثمار الشاشة البيضاء للعرض والديكور المتحرك والمتعددة الثيمة..وقد أجاد في تأثيث فضاء العرض التجريب في الفضاء و استثمار في بنية العرض وإسقاط النص الغربي بتماهي لما يجري في الواقع العراقي المعاش كان لهو عظيم الأثر في إيصال الثيمة عبر شذرات علاماتية للمتلقي وإيجاد تفاعل مؤثر مع. وقد اجتهد كل من المخرجين للوصول إلى فضاءات تستوعب طموحاتها وأفكارهما مثلما تنوعت تجارب العرض في الفعل السينوغرافي و الأداء التمثيلي و العلاقة مع المتلقي ..إن طريقة بناء المخرج وآلية عرضه جاءت بناؤها وفقا لدلالة الرموز والإيحاءات المنبثة في السياق وما يتشكل عبر التكوينات البصرية للعرض كلها تشير إلى معنى واحد هو الخراب الذي أصاب الحياة والإنسان معا.
وأخيرا نقول المسرح في مدينة الناصرية بتجاربه المتنوعة التي راحت تتمثل عوالم وأفكار إخراجية من مدارس إخراجية من(مسرح اللامعقول والقسوة والمسرح السياسي كما هو الحال عند - بسكاتور، مايرهولد، تولر، برخت وصولا إلى التجريبيين أمثال: جرزي غروتوفسكي، جوزيف شاينا، كانتور، منوشكين، يوجين باربا، اوجست بوال، داريو فو، بيتر بروك...
وفقا لخصوصية وثقافة المخرجين بتلك المدارس وما ينتج جراءها من تأثير واستخدامات وما يضفيه من وحي أفكارهما وهنا تنشأ مفاهيم وأبعاد متنوعة تبعا لمستوى التوليد الدلالي لظروف العمل المسرحي وتحاكي حداثة العرض المسرحي الجديد والمؤثر..