
الشهيد عبد الكريم قاسم/حيدر الجابر
Tue, 24 Sep 2013 الساعة : 0:58

تتعارض في بعض الأحيان نصوص القوانين مع روحها، ويأتي هذا التعارض أما بسبب تقادم عهد التشريع واختلاف الفهم، أو بسبب التخبط الحاصل عند المشرّعين، بسبب جهلهم أو سوء نياتهم. وما حصل من قرار بتجريد الزعيم عبد الكريم قاسم من صفة الشهيد من النوع الثاني. لا أعلم معنى توقيت هذا القرار أو سببه، ولكني أعلم أن الاخوة «صنّاع القرار» في مؤسسة الشهداء أضافوا الى سجلهم «النضالي» نكسة مضافة الى تاريخهم القصير المتخم بالاتهامات. هناك ضجة شعبية قبل أن تكون رسمية، لأن الجهات الرسمية لايعنيها إلا كل شأن خطير، من قبيل صفقات الفساد أو التغطية على الفشل في الملف الأمني.. الخ. لا يحتاج عبد الكريم قاسم الى شهادتكم وقراركم لأنه شهيد منذ أن أنطلقت رصاصة الغدر نحو صدره، وأذكّركم بأنه رفض أن تعصب عيناه، مفضلاً مواجهة الموت المرّ. لا يحتاج عبد الكريم قاسم إلى صفة تمنحها مؤسستكم أيها السادة، فكل من يعبر قناة الجيش يستشعر عظمة الإنجاز وطهارة الذمة، وكذلك مدن كاملة عجز من جاء بعده حتى اليوم عن الإتيان بمثلها. إنه رمز ونموذج جاد به الزمن في وقت عسر، وما زال البلد المسكون بالأزمات يعيش على بنى تحتية: اسسها أو خطط لتأسيسها. لم يمت عبد الكريم قاسم في انفجار طائرة كما غريمه عبد السلام عارف، ولا حتف انفه كما عبد الرحمن عارف، ولا معزولاً مسموماً كما البكر، ولا مشنوقاً مخلوعاً بعد استخراجه من حفرة قذرة كما صدام حسين، ولا مجهول المصير مثل طالباني. يا مؤسسة الشهداء، أذكركم وأنتم في مكاتبكم الفارهة أنه كان يدير العراق من مكتب متواضع في وزارة الدفاع، وبينما تتناولون ما لذّ وطاب من «المسلفن» ومن أرقى المطاعم كان «صفر طاس» الغداء المتواضع يأتي من بيت أخيه المتواضع أيضاً. ولهذا أضمن لكم أن الأجيال المقبلة ستتذكره إلى ما لا نهاية بصفته الأبدية «شهيد»، ولن يخرج قراركم غير الموقر من الأدراج، فعبد الكريم قاسم أكبر من أن تزكّيه مؤسسة. لم يكتسب الشهادة بقرار ولن يفقدها بقرار. جريدة المؤتمر |