الزورة .. عرين الاسود وصرح الخلود/عباس ساجت الغزي

Sun, 22 Sep 2013 الساعة : 1:44

الزورة لغوياً تعني منطقة التقاء الاضلع في الصدر وفي بلاد الرافدين تطلق على المنطقة المحاذية لجرف الماء والتي يكثر فيها القصب والنباتات , وفي مدينتي تعتبر معقل الابطال المحاربين بل معقل الحرية في زمن كانت القيود هي العرف السائد في وطني .
وللتاريخ هي معركة طاحنة دارت رحاها قرب ناحية الطار في منطقة عشائر ال جويبر حيث كانت الزورة تحتضن عشاق الوطن الذين اختاروا مذبح الحرية على سياط الجلادين وقد صدقوا ما عاهدوا الله عليه حين قدموا انفسهم قرابين في ذاك الطريق الذي بات اليوم معبدا بتضحياتهم للوصول الى تلك البقعة المباركة ببركة دماء الشهداء وشجاعة الشرفاء وصولة الابطال من المجاهدين في سبيل الله من اجل تحرير الوطن من قيود السلاطين الجلادين .
كنت في طريقي وانا متجه الى تلك البقعة ارسم الصور في مخيلتي من خلال معلوماتي البسيطة عن ذلك المكان وتلك المعركة الغير متكافئة بالعدة والعدد , بين من يملك ادوات السلطة القمعية بكل ما اوتي من قوة وجبروت وغطرسة وسوء خلق وآخرين احرار استضعفوا في الارض الا من اخلاصهم للمظلومين والمحرومين من ابناء وطنهم وايمانهم بان الله على نصرهم لقدير .
في الزورة شممت عطر الحرية يفوح في المكان وانا التقي ببعض من اولئك الرجال الشجعان الذين وقفوا خلف صف الصور الممتدة الى سرادق الاحتفال بذكرى انتصارهم على اقسى الانظمة تعسفاً , وحين تمعنت بالكتابة الموجزة على تلك الصور التذكارية وبعض الوجوه فيها علمت انها للشهداء الذين قضوا نحبهم في تلك المعركة , وايقنت بانهم وقفوا خلفها ايماناً منهم بان لرفاقهم في الجهاد دين في اعناقنا جميعاً وانهم لابد ان يكونوا في المقدمة دائماً .
وفاض الشوق في نفسي لتلك الرفقة وانا اسمع احدهم وهو يقول " من نعم الله علينا ان نجتمع هنا اليوم امنين مطمئنين فرحين مستبشرين احراراً , تخليداً لذكرى عزيزة علينا بعد ان كنا قلة قليلة .. مظلومين .. مضطهدين .. خائفين .. جائعين .. وليس لنا من ناصرٍ الا الله , في زمن تطير فيه الرقاب وتأن السجون من العذابات وكانت لغة السوط والسيف هي السائدة , فلا دستور ولا قانون يحكم البلاد " .
المجاهدون كانت لهم احاديث وقصص ذي شجون عن بطولاتهم وذكرياتهم الجهادية في هذا المكان , ونصرهم المبين الذي اذهل العدو وطمأن الصديق بقرب الفرج , وأعلن بداية السقوط لنظام ملئ سماء البلاد رعباً وعاث بالأرض فساداً وقتل النفس وهدر ثروات البلاد بسياساته الهوجاء .
نظرت بفخر وزهو لهؤلاء الرجال الابطال الشجعان , فالشعوب تفتخر بأمجادها وبطولات ومواقف رجالاتها , وتألمت لواقع عرينهم وصرحهم الخالد بعد تلك السنين الجهادية وهو يعاني من ابسط مقومات الحياة وسط اهمال الحكومة .
عباس ساجت الغزي

Share |