الحاج عبد الوهاب عبد الكريم وجمعية التضامن الاسلامي/نعيم عبد مهلهل
Sun, 22 Sep 2013 الساعة : 0:50

تمثل عائلة الحاج عبد الوهاب عبد الكريم مبارك ( أبو شاكر ) واحدة من العوائل العريقة والقديمة التي سكنت محلة السيف في مدينة الناصرية ، وكانت بيتهم ومازال في سوق الصاغة الذي يتوسط تماما الطريق بين بيت الشيخ عباس الخويبراوي ( رحمه الله ) وجامع الشيخ عباس في سوق الصفافير ، وبسبب الجورة والتربية الدينية الرصينة والمحافظة التي ربى بها الحاج مبارك اولاده ومنهم المرحوم الحاج عبد الوهاب ، أمتلك ابناءه وعيا دينيا متزنا وايمانا بمبادئ الدين والمذهب ، وبسبب علاقة الصداقة والالفة التي جمعت الحاج عبد الوهاب بآية الله الشيخ محمد باقر الناصري وملازمته له تطورت معارف الحاج عبد الوهاب وعاش قريبا من الشيخ الناصري بشكل يومي في الصلاة وفي المحاضرة وفي الدرس وحضور المجالس الحسينية وزيارات المدن المقدسة. وعلي أن أتذكر مقدار الحزن والاسى الذي كنا نراه في وجه الحاج عبد الوهاب عندما اضطر الشيخ الناصري ان يهاجر العراق وعائلته منفيا في شتات العالم بين ايران وسوريا ولندن وكندا والسويد بسبب مضايقات وتهديدات النظام السابق فقد قال لنا الحاج عبد الوهاب ذات يوم انا وولده شاكر وكنا نسأله أن كان يعرف اخبار الشيخ الناصري في منفاه . قال :انني احاول دائما ان اعرف عن حياته وعمله ولكن بشكل سري من خلال المسافرين .
كنا حينها شبابا ولم نزل طلابا نجتمع يوميا في بيتهم بشارع بغداد حيث كرم المرحومة الحاجة أم شاكر وطبخها الرائع عندما سألته : لماذا اختار الشيخ الناصري المنفى ؟
كان يعلم تماما انه لو بقيَّ في الناصرية لكان مصيره يشبهُ تماما مصير الشهيد اية الله محمد باقر الصدر .!
الحاج عبد الوهاب كنت اعتبره مدرسة ثقافية منفصلة وكان يمتلك وعيا ثقيلا ومعرفة بالكثير من مستويات الثقافة الحضارية ربما لأنه نهل كثيرا من الكتب الكثيرة في مكتبة التضامن الاسلامي التي لاتبعد عن محله الذي يمارس فيه تجارة بيع المواد الانشائية سوى بضعة امتار واظن ايضا ان المرحوم الحاج عبد الوهاب من الذين شاركوا الشيخ الناصري تأسيس هذه المدرسة وعلى ما اظن أنه كان مسؤول الشؤون المالية في هيئتها الادارية لهذا ارتبط ( ابو شاكر ) بالشيخ الناصري وبيتهم ارتباطا يوميا ووثيقا وكانوا حزمة من اخيار المدينة يرابطون مع الشيخ في حلهِ وترحاله وحَجهْ وزياراته النجفية والكربلائية وفي صلاته ومحاضراته ايضاً ومنهم على ما اتذكر الحاج خليل العطار والحاجين عودة وجواد والحاج رسول النجار ومعلمي المرحوم عبد الغني شكر الشمري الذي اعدم لانتماءه الى حزب الدعوة عندما كان يُدرسنا في مدرسة الكاظمي الابتدائية وكان بيته في المحلة الشرقية غير بعيد عن بيت الشيخ الناصري.
الحزن الثاني الذي سكن قلب الحاج المرحوم عبد الوهاب بعد رحيل الشيخ ( أبي جعفر ) الى المنفى هو خدمة ابناءه جنودا في الحرب العراقية الايرانية وكأنه يعرف أن عطب قلبه سيكبر بسبب احدهم ، وقد كنت احسهُ عندما يودعنا أنا وشاكر ولده الاكبر حيث كنا نخدم سوية في ذات الوحدة العسكرية وكنت ارى ارتجاف دموعه في عينيه لكنه كان يكابر ويفعل أي شيء ليدفع عن ظلال اولاده السبعة جمر الشظايا ومجهول الحرب ، لكنها أبت أن تترك أولاده بحالهم وسرقت منه اجملهم ( عمار ) عندما اسكنت شظاياها في جسده لأراه في فقدان ولده ينهار تماما ويلوذ بالكبرياء والصبر على محنته لكننا كنا نشعر أن قلبه يتوجع.
الحاج عبد الوهاب عبد الكريم ، الامين المالي لجمعية التضامن الاسلامي ورفيق الشيخ وابن محلة السيف وسوق الصفافير في الناصرية لروحه المعطرة بذلك الايمان الجميل صدى الف تحية من مدينته الوفية.!