هموم شريحة الصم والبكم/الحسن علي الرفاعي
Fri, 20 Sep 2013 الساعة : 20:28

1_ التربية والتعليم :
تعاني شريحة الصم والبكم في العراق عموماً وفي ذي قار خصوصاً الإهمال المتعمد في الجانب التربوي ويظهر ذلك جلياً حينما نبحث مجال الدراسة والتدريس . فإذا ما فتشنا في إمكانية التعليم عند تلك الشريحة نرى ان مستوى التعليم عندهم ينتهي بانتهاء المرحلة الابتدائية فقط . حيث لم تقرر الحكومة العراقية حتى هذه اللحظة فتح مدارس لمرحلتي المتوسطة والإعدادية خاصة بتدريس مناهج الصم والبكم لهذه الشريحة فترة التعليم والدراسة عند هذه الشريحة تكتفي بانقضاء مرحلة الابتدائية لا مرحلة جديدة أو تتعداها حيث لاتصل الدراسة الى مرحلة المتوسطة والإعدادية ؛ وذلك لعدم وجود مدارس تختص بتلك الفئة ومناهجها والسؤال ماهو مصير الطفل الأصم الأبكم اذا ماأكمل الابتدائية ؟ . الجواب سيكون شاب لايتعدى علمه ومعرفته حدود الطفل ، لعدم اطلاعه على العلوم التي تدرس في المتوسطة والإعدادية ومايليهما . ولاذنب له في ذلك سوى ان الحكومة لم تخصص مدارس تدرس مناهج فوق الابتدائية لهذه الشريحة ، لكي يزيد من مدارك عقله . الأمر الأخر ان المناهج المستخدمة في دراسة طلبة الابتدائية في مدارس الصم والبكم ، مناهج قديمة غير مستخدمة في باقي بلدان العالم العربي ، حيث ان هذه المناهج أصبحت مستهلكة وفي عداد المنقرضة لتلك الشريحة . وفي ذلك مشكلة حيث ان الأصم الأبكم الدارس لغة الإشارة حسب المنهج العراقي المستخدم في مدارسه يجد صعوبة في فهم ومخاطبة الشخص الأصم والأبكم في غير العراق ، كون الأخر قد درس لغة الإشارة وفق منهج حديث غير متبع في مدارس العراق لهذه الشريحة .
وعليه نطالب الجهات المعنية بمعالجة الأمور التي بينا مدى تأثيرها على هذه الشريحة أملين بإتخاذ مايرونه مناسب لحل تلك المصاعب ومنها مايلي :
1_ نطالب الجهات المعنية ونخص بالذكر منها وزارتي التربية والعمل لإشتراكهما في هذه العملية التربوية بفتح مدارس تتعدى مرحلة الابتدائية الى متوسطة وإعدادية .
2_ نطالب الجهات المعنية لاسيما وزارتي التربية والعمل بتطوير المناهج الدراسية الخاصة بلغة الإشارة المستخدمة في المدارس الابتدائية لهذه الشريحة ، والاستفادة من خبرات السادة المترجمين بلغة الإشارة في وضع منهج جديد أو تغيره بمنهج مستخدم في بلدان العالم العربي خدمة لأبناء هذه الشريحة .
2_ الصحة والرعاية الطبية :
الإعاقة السمعية بحد ذاتها تحتاج لعناية خاصة ؛ كونهم بحاجة ماسة لمن يعيلهم في البيت والشارع والدائرة ، وذلك لصعوبة تفهمهم كلام الناس ، ولعدم سماع الأصوات التي قد تؤثر على حياتهم سلباً وإيجاباً هذا الموضوع يمثل صلب المشكلة عند هذه الشريحة ، مما يسبب لهم الإحراج والمشقة عند تعاملهم مع المجتمع هنالك بعض الأجهزة المتطورة الحديثة التي من شأنها خدمة أبناء هذه الإعاقة ، ومن واجب الحكومة استيراد مثل تلك الأجهزة ، وتسهيل عملية توزيعها على مستحقيها في عموم العراق . ولايتم ذلك إلا من خلال تنسيق العمل مع الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وجمعيات الصم والبكم المتواجدة في محافظات العراق ومن هذا المنطلق نطالب الجهات المعنية ان تجعل قسماً خاصاً بتلك الإعاقة في مستشفيات العراق عموماً وظيفته الكشف عن الحالات الجديدة ومحاولة معالجتها لاسيما وقد تمكن العلم الحديث من ابتكار طرق جديدة لمعالجة بعض الحالات كإجراء العمليات الجراحية لزرع القوقعة الأذينية ، وعمليات الحنجرة والأوتار الصوتية ويتم من خلال ذلك القسم توزيع الأجهزة المستخدمة في تلك الإعاقة ، كالسماعات التي توضع في الأذن لإيصال الصوت لضعيفي السمع .
3_ العمل والتأهيل :
أغلب أفراد هذه الشريحة بلا عمل ، فهم لايحق لهم العمل في بعض دوائر الدولة . وهنا أحب ان أنقاش ذلك الموضوع بشيء من الجدية والحزن . ان عدم حصولهم على عمل يرجع الى عدة أسباب أغلبها الحكومة طرف رئيسي فيها ؛ بسبب عدم اعترافها بحقوق هذه الشريحة الفقيرة . مما كان سبب ضياع كامل حقوقهم المشروعة وبالتالي لم يرد على مطالبهم . ان عدم أكمال القسم الكبير من أفراد هذه الشريحة الدراسة ؛ بسبب عدم وجود مدارس خاصة بهم تدرس مناهج المتوسطة والإعدادية ، وبالتالي لم يصل الى الكلية ولم يعيش الحياة الجامعية وهذا سبب جهل النسبة الكبيرة منهم . وهنا سيكون شخص أصم وأبكم غير دارس ، بالكاد حاصل على شهادة الابتدائية ، بمعنى أخر ان من المستحيل ان يحصل على وظيفة حكومية في دوائر الدولة ؛ لأنه لايحمل شهادة . وهنا لابد من الإشارة الى أمر غاية بالأهمية ، وهي ان النسبة المقررة من قبل الحكومة العراقية والمحددة ( 30% ) لتوظيف ذوي الإعاقة في دوائر الحكومة العراقية غير كافية .
اذا ما ناقشنا الأمر نقول : ان ذوي الإعاقة في العراق عدد لايستهان به فهو غير قليل ، وتلك النسبة لاتكفي لتعيين الجزء القليل منهم في أي محافظة لتنوع الإعاقات ولكثرة المعاقين . ومن هنا ستظلم تلك الشريحة وستكون أول المستبعدين من هذه التعيينات وهذا واقع لايقبل النقاش . الأمر الأخر ان الإعاقة السمعية منعت الكثير من هؤلاء الناس من احتراف العديد من الحرف والإعمال الحرة إضافة الى التعيينات في الدوائر الرسمية وان وجدوا فهم قليل لاسيما الوظائف التي تحتاج الى حاستي السمع والنطق . ومن هنا وقع على هذه الشريحة مظلمة كبرى ، حل تلك المعضلة بيد الحكومة المركزية والمحلية على حد سواء . وعليه نطالب الجهات المعنية ان تنظر بعين العطف والاحترام الى أبناء شريحة الصم والبكم على انه بشر لهم حقوق في هذا البلد المبارك المليء بالخيرات ، ومن تلك الحقوق حق العيش بحرية وكرامة ، فمن حق كإنسان ان يعيش كشخص محترم من ناحية المأكل والمشرب والملبس والوظيفة ، ومن حقه ان يتزوج وينجب أطفال ، كل ذلك على الحكومة ان تضعه نصب أعينها ، وان يكون عملها جاد في إيجاد فرص عمل تتناسب مع قدراتهم ووضعهم كمعاقين وان لايضعوا الإعاقة حجر عثرة في طريق هذا الإنسان المبتلى .
4_ الرعاية والضمان الاجتماعي :
تقع على عاتق وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مسؤولية كبيرة في تردي أوضاع وأحوال شريحة الصم والبكم لاسيما فيما يخص قوانين ولوائح شمول هذه الشريحة بالذات بمواد وقرارات شبكة الحماية والضمان الاجتماعي من معونات شهرية وسلف عينية ومكافأت سنوية . ومن المهم ان نعرج على معلومة دقيقة غاية بالأهمية مفادها : ان الشخص المصاب بالإعاقة السمعية لايشمل بالرواتب المقدمة من قبل وزارة العمل عن طريق شبكة الحماية الاجتماعية إلا بشرط وهو ان يكون متزوج ولديه أطفال . أما ان كان غير متزوج فلا يحسب مستحق لذلك الراتب الضخم الذي يبلغ ( 50،000 ) خمسون ألف دينار عراقي لاغير . وهنا نريد ان نطرح عدة أسئلة : السؤال الأول : اذا كان الشاب الأصم والأبكم لايعمل ولايعطى راتب كيف يستطيع العيش ومتى يتزوج ؟
السؤال الثاني : اذا كان المصاب بالإعاقة السمعية شابة وليست شاب ولم توظف ولم تتزوج كيف الحل ؟
السؤال الثالث : الخمسون الف دينار عراقي المقدمة من قبل شبكة الحماية الاجتماعية ، علماً انها تعطى كل شهرين وليس في كل شهر ، هل ذلك المبلغ يكفي الشاب غير المتزوج مدة شهر ، حتى تكفي المتزوج وصاحب الأطفال .
بناء على ذلك نطالب وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الموقرة بما يلي :
1_ شمول شريحة الصم والبكم ممن لديهم تقرير طبي بالعجز الكلي ، سواء كان متزوج أو غير متزوج رجل كان أو امرأة برواتب الرعاية الاجتماعية .
2_ المبلغ المقدم غير كافي لسد حاجيات الإنسان العراقي نتمنى ان ينظر في أمره .
3_ نتمنى ان يشمل قرار القروض بدون الفوائد الربحية المقدم من الوزارة شريحة الصم والبكم من أجل الارتقاء بالواقع المعيشي لتلك الشريحة حتى يتسنى لهم الخوض بالمشاريع الحرفية والاجتماعية .
4_ توفير كل مايلزم ذوي الإعاقة السمعية من مستلزمات مادية ومعنوية .
5_ التنسيق بين وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وبين جمعيات الصم والبكم من أجل خدمة هذه الشريحة .
مع الشكر .... والتقدير
الحسن علي عبد الرحمن الرفاعي
19 / 9 / 2013